اتخذ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط من حفل التأبين الذي أقامه حزبه في بيت الطائفة الدرزية في بيروت للشيخ وحيد البلعوس الذي اغتيل في مدينة السويداء السورية في الرابع من سبتمبر (أيلول) الحالي، مناسبة لتوجيه رسائل سياسية إلى الداخل والخارج، وتثبيت خياره في الانحياز الكامل لخيارات الشعب السوري. وأعلن عن تنظيم الخلاف مع حزب الله بشأن الأزمة السورية «بحيث يكون لكل طرف موقفه»، مما يجري هناك، مؤكدًا أن «كل الشعب السوري سينتصر عاجلاً أم آجلاً». وإذ جدد تضامنه مع «شهداء» جبل العرب، أكد أن «الشعب السوري سينتصر عاجلاً أم آجلاً»، داعيًا إلى «وضع صورة الشيخ البلعوس إلى جانب صورة الطفل السوري حمزة الخطيب (الذي قتله عناصر المخابرات السورية إثر اعتقاله في عام 2011) وصورة رئيس حكومة لبنان الراحل رفيق الحريري (الذي اغتيل في بيروت في 14 2005)، وكل (شهداء) ثورة الاستقلال في لبنان». وقُتل الشيخ البلعوس أحد أبرز مشايخ طائفة الموحدين الدروز، المعروف بمعارضته للنظام السوري، بتفجير سيارة مفخخة استهدفت موكبه في منطقة ضهرة الجبل في ضواحي مدينة السويداء السورية في الرابع من سبتمبر الحالي، وقتل معه شقيقه يوسف وثلاثة من مشايخ الطائفة وأكثر من 30 مدنيًا آخرين. وتسبب الحادث بتوتر شديد في السويداء، حيث خرج عشرات المواطنين في مظاهرات أمام مقرات حكومية عدة وقاموا بتحطيم تمثال الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد وتمزيق صور نجله الرئيس بشار الأسد، وطرد عناصر الشرطة ومخابرات النظام السوري من عدد من المواقع في المحافظة. وفي كلمة ألقاها خلال مراسم تقبل العزاء بالبلعوس في بيروت، حضّ جنبلاط على «وضع صورة الشيخ البلعوس في منازل اللبنانيين والسوريين، إلى جانب صورة الطفل حمزة الخطيب والطفل إيلان الكردي وصور (شهدائنا) الكبار في لبنان من رفيق الحريري إلى (شهداء) ثورة الاستقلال»، مؤكدًا أن «كلمة الحقّ ستنتصر عاجلاً أم آجلاً». وقال الزعيم الدرزي: «اليوم مناسبة وطنية جامعة وتضامن مع (شهداء) جبل العرب والشهيد الشيخ البلعوس، أردناها رسالة إلى جبل العرب وجبل سلطان باشا الأطرش»، مضيفًا: «إننا نحترم جميع الآراء ونقدر المواقف والالتزامات، لكننا نظمنا الخلاف مع حزب الله بشأن الأزمة السورية، فهم في موقف ونحن في موقف، ونظمنا الخلاف مع النائب (الدرزي الموالي للنظام السوري) طلال أرسلان بشأن الصراع، فهو له رأيه ونحن لنا رأينا وكل الشعب السوري سينتصر عاجلاً أم آجلاً». وتوجه جنبلاط بالشكر إلى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل «لاستضافتهما اللاجئين السوريين والاهتمام بهم». ولم يجد مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس، أي صعوبة في تفسير كلام جنبلاط، فرأى أن دعوة الأخير إلى رفع صورة «الشهيد» البلعوس إلى جانب صور «الشهداء» حمزة الخطيب وإيلان الكردي والرئيس رفيق الحريري وكمال جنبلاط (والد النائب وليد جنبلاط) و«شهداء» ثورة الاستقلال «يعني أن من قتل هؤلاء (الشهداء) واحد، وهو النظام السوري». واعتبر الريس في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف جنبلاط من تنظيم الخلاف مع حزب الله حول الأزمة السورية «ليس جديدًا». وقال: «منذ الأشهر الأولى للثورة في سوريا كان قرارنا مختلفًا عن حزب الله وكانت مقاربتنا متباعدة، لكن على المستوى الداخلي نحن شركاء في الوطن واتفقنا على حماية الاستقرار في لبنان، وهذا الاتفاق سيبقى ساري المفعول لأنه مصلحة وطنية قبل أي شيء آخر». وعن أبعاد اغتيال البلعوس، أوضح الريس أن «النظام السوري، قدّم برهانًا جديدًا على أنه يسعى لاستدامة بقائه على جثث الشعب السوري، وهو لا يكترث لمن يموت من هذه الطائفة أو تلك، ويكفي أنه سقط من العلويين نحو 90 ألف قتيل حتى الآن، فكيف يكترث لقتل المواطنين الدروز؟»، لافتًا إلى أن هذا النظام «يحاول دائمًا تأليب الطوائف على بعضها البعض، وآخر محاولاته كانت في وضع منطقة السويداء في مواجهة مع محيطها مثل درعا وحوران» جازمًا بأنه «بعد اغتيال الشيخ البلعوس لن يكون كما قبله، والدليل أن أبناء طائفة الموحدين الدروز حرروا مناطقهم من شرطة النظام ومخابراته وأزالوا تماثيل حافظ وبشار الأسد». الريس أشار إلى أن «دوافع النظام لارتكاب هذه الجريمة كثيرة، وهي أن (الشهيد) البلعوس كان يرفض أن تبقى السويداء على الحياد، ويواظب على دعوة الشباب إلى الالتحاق بالثورة». مذكرًا بأنه (البلعوس) «هو أول من حضّ الشباب الدروز على رفض الالتحاق بالخدمة الإلزامية مع قوات النظام ويحضهم على أن يكونوا جزءًا من الثورة، لذلك وجد نظام الأسد أن هذا الشيخ المناضل تحوّل إلى رمز كبير فقرر إزاحته وتصفيته جسديًا بهذه الطريقة الإجرامية التي تعود اتباعها مع معارضيه». وسبق الاحتفال تنظيم مواكب سيارات قادمة من جبل لبنان، جالت في بيروت وهي ترفع أعلام الحزب التقدمي الاشتراكي وصورة الشيخ البلعوس، مرفقة بعبارات تؤكد على انتصار قضيته وقضية الشعب السوري.
مشاركة :