تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي بتأجيل تطبيق القانون رقم 168 لسنة 2020 الخاص بتعديل قانون الشهر العقارى حمل عددًا من الرسائل ليس لداخل مصر فقط ، بل وخارجها ، أهم تلك الرسائل والعنوان الأبرز فيها هو التأكيد على أن الشعب المصرى سيبقى رمانة الميزان فى معركة الإصلاح الإقتصادى التى يتحمل تكلفتها الرئيس وحدة بناء على ثقة الشعب فيه . دلالة التوقيت وإهتمام الدولة المصرية بتداعيات قرارات الإصلاح الإقتصادى الصعبة على المواطن المصرى يُعد أمر لافتا للإنتباه حقيقة ، وأعتقد أنه لفت إنتباه الخارج قبل الداخل ، فبينما كانت ردود الفعل المعارضة لقانون تعديل الشهر العقارى تسرى كالنار فى الهشيم ، وبينما أعداء الخارج كانوا ينفخون فى تلك النيران كعادتهم جاء قرار الدولة المصرية بالتدخل . نتوقف فى قرار الدولة المصرية هنا على عدة أمور أولها هو دلالة التوقيت وأهميته وسرعة التحرك والإستجابة والتعاطى مع نبض الشارع والأحداث ، وثانيها هو أجهزة الرصد الأمينة التى باتت تعمل فى مطبخ الدولة المصرية وتتعامل مع نبض الشارع بحرفية شديدة وقبل حدوث الأزمة ودون إنتظار لرد الفعل من أجل حماية الأمن القومى المصرى . أما ثالثًا والأهم فهو ما يتمثل فى الكيفية التى تعاملت بها القيادة السياسية مع هذا الملف فالرئيس لم يكتف بقرار تأجيل هذا القانون الذى أثار حفيظة شريحة كبيرة من المصريين فقط ! ، بل أضاف أمرًا بالغ الأهمية أكد عليه بعبارة " إتاحة الفرصة لإجراء حوار مجتمعى " وأعتقد انا هذا الطرح لاسيما أنه جاء من الرئيس نفسه فهو بمثابة عقدًا إلزميًا جديدا سيتم إضافته مستقبلًا حال طرح أى مشروع قرار أو قانون جديد للحكومة له تداعيات إقتصادية على المواطنين . كل هذا يجعلنا نطرح السؤال الأهم ! من أين يبدأ الحوار المجتمعى ؟ الحوار المجتمعى بالتأكيد لابد وأن يبدأ قبل إصدار وإقرار القوانين وليس العكس لاسيما أن خروج وإقرار أى قانون جديد لابد له من أن يمر بمراحل عديدة تحت قبة البرلمان وقبل موافقة الحكومة عليه ، وخلال تلك المرحلة سيكون الحوار المجتمعى بمثابة تهيئة للرأى العام الذى سيكون حاضرًا بقوة إذا تعلق الأمر بإصدار قوانين لها تداعيات وتأثيرات إقتصادية عليه سيحتاج وقتها إلى فهمها وايضاحها . أما سياسة تمرير القوانين التى لها تأثيرات إقتصادية على المواطنين بتصديرها مباشرة لهم فجأة للتعرف عليها مع بدء تنفيذها وتطبيقها فهو أمر يحتاج إلى وقفة ومراجعة من خلال نظرة شاملة تضع نصب أعينها التأثيرات السلبية والتداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا والتي أثرت بشكل كبير على المواطن البسيط ولم يسلم منها المواطن الغنى .رؤية شاملة ليست قاصرة على البعد الإقتصادى فقط ، بل تضع نصب أعينها أيضًا باقي الابعاد الاخرى الاجتماعية والأمنية لاسيما فى ظل حالة التربص من جانب أعداء الوطن فى الداخل ، والخارج لإشعال الحرائق والفتن والأزمات . مرة أخري لابد وأن ننظر إلى النص المليان فيما حدث وهو الكيفية التى تعاملت بها الدولة المصرية مع هذا القانون الجديد دون مواربة أو تمسك بالرأي ، كما لا يمكن أن ننسي أو نتناسي وسط هذا أيضًا أنه رغم صعوبة الفترة الماضية التى إتخذت فيها الدولة المصرية قرارات مصيرية لتنفيذ برنامجها الإقتصادى يمكن أن نرى بوضوح الوعى المصرى الذى يعى جيدا ضريبة المعركة الإقتصادية الحالية وضرورة العمليات الجراحية وليس المسكنات والحلول المؤقتة .أخرًا وليس أخيرًا لم يعد الأمر سوى مسألة وقت ، فالدولة المصرية نجحت فى معركتها ضد الإرهاب ، وكان الشعب المصرى شريكًا أساسيا فى عملية المواجهة ، والآن الشعب المصرى هو شريك الدولة المصرية بتحمله ووعية لأعباء المعركة الإقتصادية . ومع كل تلك الأعباء والضغوط التى يتحملها الشعب ويدفع فيها رئيس الجمهورية ضريبة كل ذلك وحده فإنه يتحتم على كل مسئول فى موقعه تحمل المسئولية .إن مسألة أمن وإستقرار ومستقبل هذا الوطن هو مسئولية الجميع وليس مسئولية الرئيس فقط .
مشاركة :