ترأس المتروبوليت أنطونيوس (الصوري) راعي الأبراشيّة الجزيل الاحترام، صلاة الغروب يومي الثلاثاء والأربعاء الواقعين في الثاني والثالث من 2021 وصلاة السحر والقداس الإلهي يوم الخميس في الرابع منه، حيث صيَّر يوم الثلاثاء الأخت لودي محفوض راهبة باسم أولمبيا ويوم الأربعاء الأخت لورين الشامي راهبة باسم تاتيانا، ويوم الخميس الأخ يوئيل كوسا راهبًا باسم أرسانيوس. ندعو للراهبتين الجديدتين وللراهب الجديد بالثبات في دعوتهم وخدمتهم للرب في الصلاة والصوم والخدمة الكنسيَّة البشارية والاجتماعيَّة لمجد الثالوث القدوس.نبذة عن حياة القديسة أولمبيا الشماسة برزت سيرة القديسة أولمبيا كشماسة في تاريخ الكنيسة بفضل توجيهات أبيها الروحي الأسقف يوحنا الذهبي الفم، الذي التقي بها بعد رسامته أسقفًا، فرأى فيها مثالًا طيبًا لمحبة الفقراء والصلاة مع النسك، دعاها القديس غريغوريوس النزينزي "مجد الأرامل في الكنيسة الشرقية". تنتمي أولمبيا إلى عائلة غنية، فقد استطاع جدها أبلافيوس Ablavius أن يصير مقربًا للملك ثيؤدوسيوس، لا بسبب غناه أو شرف عائلته، إنما بجهاده الشخصي، فصار واليًا على القسطنطينية، أما والدها سيليكوس Seleucus فلا نعرف عنه شيئًا سوى أنه كان أحد الولاة.ولدت أولمبيا نحو عام 368 م.، وتيتمت وهى بعد صبية صغيرة، فتكفل برعايتها عمها بروكوبيوس Procopius، إنسان مسيحي تقي، صديق القديس غريغوريوس النزينزي.نشأت أولمبيا في جوٍ من الترف والتدليل، لذا مدحها القديس يوحنا في إحدى رسائله لها، قائلًا لها: إنه لم يكن سهلًا أن يخرج من هو مثلها تمارس منذ شبابها المبكر حياة التجرد والإماتة مع ما تملكه من غنى وجاه وارتباط عائلتها بالبلاط.أما عن تعليمها، فقد كانت بحق سعيدة أن توضع بين يديّ ثيؤدوسيا Theodosia أخت القديس أمفلوكوس Amphilocus أسقف Iconium، سيدة تقية مثقفة شهد لها القديس غريغوريوس النزينزي في رسالة كتبها إلى أولمبيا يقول فيها: [لتكن مثلًا حيًا لك في كل قول وفي كل فعل.ولا يستبعد أن يكون القديس غريغوريوس نفسه قد ساهم في تربيتها الدينية أثناء أسقفيته على القسطنطينية. فهو يعلن سروره بدعوتها له "أباها".. ويكتب إليها قائلًا "ابنتي"، بل يدعوها "أولمبياتي My own Olympias". لقد تشــربت أولمبيا بالكتاب المقدس، إذ جاء في حياتها [كنت خاضعة لتعاليم الكتب الإلهية في كل شيء.] ونستطيع أن ندرك مدى تعرفها على الكتاب المقدس من رسائل الأسقف لها، فقد جاءت تحمل الكثير من النصوص الكتابية يفهم منها أنها على دراية بالكتاب. كما أهداها القديس غريغوريوس النيصصي كتابه في تفسير نشيد الأناشيد بكونها قادرة على تقدير قيمته.ذكر أيضًا المؤرخ بالاديوس تأثرها بالأم ميلانية الكبرى Milania the Elder، التي يكتب عنها ممتدحًا إياها بصورة فائقة في كتابه التاريخ اللوزياكي The Lausaic History. لقد كانت مُحبة للبتولية والرهبنة في نسكٍ عجيبٍ مع قدرة فائقة على الاطلاع، إذ يقول عنها: "حولت الليل نهارًا، تفتش كتابات المفسرين القدامى، قرأت ثلاثة ملايين سطرًا لأوريجينوس، ومليونين ونصف لإغريغوريوس وإستفانوس وبيروس وباسيليوس وغيرهم -من العظماء- لم تكن تقرأ هذه مرة واحدة فقط ولا في عجالة، إنما تدرس كل عمل في دقة سبع أو ثمان مرات. وهكذا استطاعت بفضل هذه الكتب، أن تتحول في رجاء صالح إلى طائر روحي منطلق نحو المسيح.على أي الأحوال كسبت أولمبيا عنها روح القراءة والحكمة، حتى قيل إن النساء الشريفات اللواتي كن يحطن بالإمبراطورة تميزن بالخفة والاهتمام الزائد بالملبس مع السلوك الشرير، أما أولمبيا فكانت تظهر بينهن الإنسانة التقية الحكيمة.نبذة عن سيرة القديسة تاتيانا الشماسة الشهيدة (12 يناير).عاشت القديسة تاتيانا في زمن الإمبراطور الروماني ألكسندروس ساويروس (225- 235م).. كان والدها قنصلًا معروفًا في رومية، ترشح إلى رئاسة الحكم، وقيل جُعل شماسًا في الكنيسة هناك.لم تُغوِ الرفعةُ تاتيانا ولا مباهج الحياة الدنيا، فقد أمضت طفولتها في دياميس رومية حيثُ اعتاد المسيحيون أن يجتمعوا. وقد ورد أنَّها لما كبرت صارت شمَّاسة، هي أيضًا، في الكنيسة تهتم بالنساء أي بتعليمهن وإعدادهن لاقتبال سر المعمودية.. رغبةُ قلبها كانت أن تبذل نفسها لمسيحها حتى الموت، موت الشهادة.وإذا كانت أمةُ الله تاتيانا مُجدَّة في الكرازة بالرَّب يسوع دون مهابة، جرى القبض عليها وأوقفت أمام الإمبراطور. فبعدما كلّمها الإمبراطور بكلامٍ مَلِقٍ في محاولة لاستردادها إلى هيكل الأوثان آملًا في أن يجعلها تضحّي لها هناك. أخذت تاتيانا في الصلاة إلى ربِّها وإذ بالأوثان تهوي أرضًا وتتحطم. عَظُمَ الأمر لدى الإمبراطور وشعر بالمهانة فأمر بها جنده فنزعوا جِلدَ وجهها. وإن ملائكة الله جاءت فأعانتها. وقد ذُكر أن جلاديها الثمانية عاينوا الملائكة في نور الله فاختشوا وامتنعوا عن إنزال العذاب بأمة الله معترفين بالمسيح نظيرها، فتقدم الجنود وفتكوا بهم فأحصوا في عداد الشهداء القديسين.أما تاتيانا فاستمرِّ تعذيبها حينًا.. حلقوا شعر رأسها ونزعوا ثدييها وألقوها في ألسنة اللهيب ثمِّ رموها للحيوانات، لكن لم تقضِ كل هذه التدابير عليها، وبدت الحيوانات المفترسة بإزائها هادئة مسالمة. مع ذلك أمعن الجلادون في تحطيم عظامها وتقطيع أوصالها.. رغم كل شيء بقيت تاتيانا راسخة في الإيمان لا تتزعزع. أخيرًا عيل صبر الإمبراطور وبدا لهُ كأن محاولاته باءت بالفشل ولم يتمكن من استعادة الفتاة إلى ما كان يرغب فيه.. فإنقاذًا لكرامتِهِ الجريحة، أمر بقطع رأسها، فتمَّ لهُ ذلك وانضمت تاتيانا إلى موكب الشهداء المعظَّمين.شاع اسمها في روسيا وهي شفيعة كل تاتيانا أو بالشكل المختصر تانيا.نبذة عن سيرة القديس أرسانيوس الكبادوكي (10نوفمبر)ولد القديس أرسانيوس في قرية "فاراسا"، وهي واحدة من ستّ قرى بقيت مسيحيّة في بلاد الكبادوك، في آسيا الصغرى، إلى العام 1924 حين هجرها سكانها إلى بلاد اليونان. كان أبواه فقيرين، ولكن فاضلين.. وكان له أخ وحيد اسمه فلاسيوس.. تيتّم صبيًا فعاش لدى أخت لأمه في فراسة. تلقى قسطًا لا بأس به من العلم وبعض الدراسات الكنسيّة واليونانيّة، كما درس الأرمنيّة والتركيّة وبعض الفرنسيّة.وبعد أن أنهى دراسته بوقت قصير انتقل إلى قيصريّة الكبادوك حيث انضم، وهو في السادسة والعشرين، إلى دير القدّيس يوحنا المعمدان، واتّخذ اسم أرسانيوس، بعدما كان اسمه ثيودوروس.. ولكن لم يشأ التدبير الإلهي أن يكمل أرسانيوس حياته راهبًا في الدير، فاستدعاه المتروبوليت باييسيوس الثاني وسامه شمّاسا ثم ردّه إلى فاراسا ليُعنى بتعليم الأولاد المحرومين هناك القراءة والكتابة.في فاراسا أقام أرسانيوس رجلًا لله خمسةً وخمسين عامًا وسط شعب موجوع، مهدّد ضعيف، فكان له أبًا وكاهنًا وطبيبًا ومحاميًا ومعزّيًا. عرفوه باسم "الحاج أفندي" لأنه حجّ إلى الأرض المقدسة خمس مرات في حياته. وفي فراسة كان القديس أرسانيوس رجل صلاة أولًا وثانيًا وأخيرًا، راهبًا على أقسى ما تكون السيرة الرهبانية. كان أمينًا في نسكه إلى المنتهى وكانت صلاته على أحرّ ما تكون.. كثيرون اعتادوا لدى معاينتهم له يرفع يديه إلى العليّ وسماعهم إياه يستصرخ ربّه يصفونه بمن ينفطر قلبه، فيمسك بقدمي يسوع المسيح، ويأبى أن يتركهما قبل أن يستجيب الربّ".. فكيف لا يستجيب ربّه، بعد ذلك؟في هذا المقام اعتاد أرسانيوس أن يغلق على نفسه في قلاّية ممسوحة يومين كاملين، الأربعاء والجمعة، لا يرى فيهما آدميًا ولا ينطق بكلمة.. وكان إلى ذلك يقيم السهرانات الكاملة من غروب الشمس إلى شروقها كلما أطلّ عليه عيد كبير.. وإن سأله بطريرك هنا أو أسقف هناك أو استدعت الضرورة فعل كذلك. وكثيرًا ما حضرته والدة الإله وبعض القديسين عابدًا سهرانًا.أكثر طعامه كان من أقراص الشعير التي اعتاد صنعها بنفسه مرة كل شهر. لذا كانت تيبس وكان يعمد إلى بلّها بالماء.. أما لباسه فكان المسوح تحت قمبازه.. وكان يطرح كيسًا بين كتفيه فوق الثياب.. ويبدو أنّه كان يقتعد الرماد ولا ينام إلا قليلًا جدًا. وفي فاراسا، كان أرسانيوس معلّم الصغار والكبار معًا.. أما الصغار فعلّمهم القراءة والكتابة. وكان يجمع الأولاد في الكنيسة يعلمهم الصلاة وكيف يسلكون في الوصية، ويعلمهم القراءة والكتابة. لقّنهم صلاة يسوع "ربي يسوع المسيح، يا ابن الله ارحمني أنا الخاطئ".. وعلمهم متى خطئوا أن يقروا بخطاياهم، "ربي خطئت"، وإن يدعوا باسم الرب يسوع ووالدة الإله.. كما اهتم بتعويد الأولاد على مسرى تتنقى فيه أذهانهم بالصلاة المستمرة. أما الكبار فكان يجمعهم للصلاة ويعلمهم الكتاب المقدس وسير القديسين وأقوال الآباء.. وكانوا، هم بدورهم، يقصّونها على أولادهم فلا يعود لأخبار الجن والشياطين والخرافات مكان في سهرات الناس ولا في وجدانهم.وكان أرسانيوس، إلى ذلك، طبيب النفوس والأجساد. يقصده الناس من كل صوب. كان الأطباء العاديّومفتقدين في تلك الأيّام.. فقط كان يتلو عليهم أفاشين توافق أحوالهم فيشفون. وإذا ما تعذّر عليه إيجاد أفاشين موافقة لواقع الحال، كان يتلو مزمورًا أو إنجيلًا أو يكتفي بمسّ رأس المريض بالإنجيل المقدّس.. والنتيجة كانت أبدًا إيّاها: شفاء وتعزية. أما عجائبه وشفاؤه المرضى فقد طالت الأتراك المسلمين كما طالت المسيحيين.. لم يكن ليحجب رحمة الله عن مخلوق.. ولكنّه كان يقسو أحيانًا، ليؤدّب العاطلين عن العمل أو الذين يزرعون الهرطقات أو يعثرون الناس بأفكار غريبة. وكانت لأرسانيوس بصيرة حسنة. كان يعرف ما سيحدث سلفًا. لذلك عرف كيف يوصي شعبه أن يستعد للرحيل عن بلاده، وكان يقول لهم أنه سيرافقهم لكنه سيغادرهم إلى ربه بعد أربعين يومًا من وصولهم إلى الموطن الجديد. حتى يوم وفاته عرفه بالتدقيق وأطلع مرتّله عليه.. لكن آثر أن يكون وحيدًا متى جاءت الساعة.رقد في الرب في اليوم العاشر من شهر نوفمبر من العام 1924م. وقد دفن في جزيرة كورفو، إلى أن أخرج القدّيس باييسيوس رفاته في العام 1958 وأودعها دير سوروتي العامر في العام 1970 حيث ظهر لراهبتين وحيث ما يزال بعضها إلى اليوم مصدر بركة للدّير والمؤمنين.
مشاركة :