وقوف السعوديين هذه الأيام صفا واحدا واقفين في هبة واحدة وراء سيدي ولي العهد محمد بن سلمان -حفظه الله-، لمجرد التلميح بتقرير واهم دون تصريح، فكيف بالأمر إن كان تصريحا! ذلك لأن سموه واحد منا ومن نسيج أجسادنا الذي يتمثل في أبناء القبائل كلهم.. قامت الدنيا ولم تقعد بعد إعلان تقرير الولايات المتحدة الأميركية الذي لا يخفى عن أحد مدى التلفيق وعدم المصداقية وفقا لما ورد في التصريحات السعودية المسؤولة، ولكن ليس هذا شأن المواطن السعودي والشعب السعودي برمته، وإنما شأن المفهوم المغلوط لدى البعض عن الشعب السعودي، والذي جاء في بعض التصريحات لبعض السياسيين بشأن تقرير الولايات المتحدة الأميركية عن المملكة العربية السعودية: أنه أمر بين الأسرة أو السلطة الحاكمة وأميركا وليس الشعب السعودي وأميركا نفسها. وهنا نتوقف عند هذا المفهوم الذي لا ينطبق على المملكة بوهادها وجبالها ووديانها وشعابها التي تنتج كل ذرة رمل منها لونا أخضر يتشكل على علمها، ذلك لأن ذرات تراب السعودية ورمالها التي تتفرد بها في خصوصيتها هي ذاتها ذرات أجسادنا نحن المكونة من رفات أجدادنا مجتمعة في مركز وقاعدة. وهنا نستطيع القول إن تلك المقولة المعهودة بين الساسة تأتي حينما يريدون أن يفصمون عرى العلاقة بين الشعب وحكامه، لينفردوا بقضايا يريدونها لتكون السُلطات حينها في مرمى الهدف وخاصة إذا كنت هذه الحكومات مستهدفة بشكل من الأشكال -وذلك بشكل عام- وهذه من آليات السياسة في إدارة عجلة التنافر. لكننا كدارسين للشخصية السعودية وبكل مقوماتها بدراسات أكاديمية منشورة في موسوعات وليس كرأي ذاتي أو توقعي، بل من خلال علوم أكاديمية بمكنون الشخصية نفسها والتي من أهم ملامحها -التي تكونت منذ ما يزيد على 4500 عام قبل الميلاد كما دونه ويل ديورانت ورالف دانتون وغيرهم- بأنها نسيج مع حاكمها، كنسيج الخلايا الجينية المتوارثة؛ وبالتالي فلا يصح أن يتشدق أحد كائنا من كان، أن الخلاف مع المملكة العربية السعودية من أي دولة كانت، هو خلاف مع السلطة وليس مع الشعب. إن قائلي هذه الآراء أو المتمنين أن تكون كذلك، إما أنهم يريدون الفصل بين السلطة والشعب، أو أنهم لا يفقهون كنه الشخصية ذاتها، ليس فقط في المملكة فحسب، وإنما في الجزيرة العربية برمتها، فحكامنا في جميع أنحاء الجزيرة العربية، ما هم إلا أبناء قبائل منا، فنحن منهم، وبالتالي فهناك روابط دم ممتدة ومتشعبة بين المركز والقاعدة، وما أعظم رابطة الدم لدى أبناء الجزيرة العربية التي تعمل على ذلك النسيج العرضي المتسرب في عروق الأبناء عن الأجداد. ولذا وجب التوضيح لمكنون الشخصية حتى يفهمها الغير -وكيف يتعامل معها- والتي يظنها كسائر الأمم الأخرى، بل هي متفردة بهذه السمة التي تغلق الباب على كل واهم يظن أن الفرد السعودي بمنأى عن حكامه، بل حيث تربطه بهم دائما وعلى مدار التاريخ تلك السلطة الأبوية، التي لا تزال متأصلة فينا ونحن نؤمن بها ونتمسك بها من الطفل إلى الشاب إلى الرجل إلى الشيخ على مستوى واحد. إن ما يؤكد هذا التحليل والتفسير، هو وقوف السعوديين هذه الأيام صفا واحدا واقفين في هبة واحدة وراء سيدي ولي العهد محمد بن سلمان -حفظه الله-، لمجرد التلميح بتقرير واهم دون تصريح، فكيف بالأمر إن كان تصريحا! ذلك لأن سموه واحد منا ومن نسيج أجسادنا الذي يتمثل في أبناء القبائل كلهم. إن من حكمة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- في أول عهده -وهو صاحب فلسفة وخبرة بتسرب الدم ورابطته بين القبائل- بأن تزوج من معظم القبائل المتناسجة هي ذاتها مع القبائل الأخرى، ليس حبا في النساء وإنما لفهمه العميق لهذه الرابطة التي ربطت المركز بالقاعدة كنظام حكم على مدار كل العقود المتوارثة بين الأب والأبناء والقبائل، ومن هنا أصبح كل فرد سعودي له انتماء ودم وشراكة حب وولاء -بحسب شيم القبائل- في قوة المركز وارتباطه به. ومن هنا يُغلق الباب لمن يفهم أننا ننفصل عن حكامنا بأي حال من الأحوال، ولذلك نجد أن الشعارات تنطلق في كثير من الأحيان -وخاصة في يومنا هذا- بـ(كلنا سلمان) أو (كلنا محمد بن سلمان) هذه الشمولية في هذه الشعارات ليست مجرد شعار ينطلق لهوى أو لمصلحة، بل لأنهم هم، هو نفسه (حاكم وشعب) بحسب المعنى الفلسفي لمفهوم الـ(هو، هو) وكما ورد في التعريف الفلسفي للمعنى (الـ هو):" الـ هو، هو يقال معادلة لما يقال عليه واحد". وهذا ما يطلقة الشعب السعودي حينما يقول (كلنا محمد بن سلمان) وهو ما تحدثنا عنه من ذلك النضح القبلي المرتبط بالدم، وبقيمة النسب، وباللغة، وبالعقيدة وبالفكر في بنية واحدة تجعل منها مفهوم الـ (هو،هو) مفهوما صحيحا معبرا عن طبيعة الشخصية السعودية وحاكمها. ولذلك نقول امضِ سيدي (محمد بن سلمان) وكلنا وراءك، لأننا أنت في الوقت نفسه وكل السعوديين تجمعهم كلمة الـ (نحن) بحكامهم، ومن هنا نستطيع القول إنها (هُوية سعودية) الآخذة في المعنى من الـ(هو،هو) بالمعنى الفلسفي. فعلى من يعتقد أن من يتحدث عن محمد بن سلمان فهو يتحدث عن شعب بأسره في ترسانة واحدة ليس بالهوى ولا بالعاطفة، وإنما بتاريخ الشخصية البدوية وبخصائصها القبائلية ذات الدم الواحد والتي يجعلها البدوي في أسمى مراتبه.. ولهذا وجب التنويه.
مشاركة :