نشر مركز «بيو للأبحاث» بعض البيانات الطريفة عن الكيفية التي تنظر بها الشعوب الآسيوية بعضها إلى بعض. فقد تبين من تقرير جديد أعده المركز، مبني لحد كبير على بيانات مسحية، مستقاة من «مسح الاتجاهات العالمية» لربيع 2015 المعنون بـ«كيف ترى شعوب آسيا- الهادي بعضها بعضاً، وكيف ترى قادتها»، أن الآسيويين، بشكل عام، يرون جيرانهم على نحو إيجابي، وأن اليابان تعتبر الدولة الأكثر تفضيلاً في نظر شعوب القارة. كما تبين من استطلاع رأي آخر أجراه المركز «بيو» للشعوب الآسيوية أن الكثيرين من أفراد تلك الشعوب «يعبرون عن درجة محدودة من الثقة في القادة الوطنيين الأكثر بروزاً في القارة، فيما يتعلق بطريقة معالجتهم للقضايا الدولية». أولاً، ملاحظة على منهجية البحث. في جدول بيان الأفضلية المعدّ من قبل «بيو»، تظهر بعض الملاحظات الغريبة. أكثر تلك الملاحظات غرابة، هي أن الباكستانيين أقل تفضيلاً للكوريين الجنوبيين (بنسبة لا تتجاوز1 في المئة) من الهنود، وهو شيء غير متوقع. يرجع جزء من السبب في الوصول لنتائج مثل هذه، إلى الكيفية التي قام بها مركز «بيو» بمعالجة استجابات الأفراد المستطلعة آراؤهم في إطار المسح المذكور، والذين لم يقدموا «رأياً محدداً» بشأن أسئلة محددة، فكلما زاد عدد المستطلعة آراؤهم الذين يقررون أنهم ليس لديهم «رأي محدد» كلما انخفض تقييم الأفضلية. في نفس الوقت، نجد أن المعدل الإجمالي لتفضيل الباكستانيين للشعب الهندي يعتبر أكثر دلالة في هذا السياق، لسبب محدد، وهو أن هناك أعداداً أقل من الباكستانيين ليس لديهم «رأي محدد» بشأن الهند وشعبها. من بين النتائج الرئيسية للمسح والتي تحمل دلالة مهمة بخصوص الإدراكات الدولية في آسيا، تلك المتعلقة بالكيفية التي يتم بها إدراك اليابان. فطوكيو ينظر إليها، بشكل عام، على نحو إيجابي عبر القارة، باستثناء شعبي كوريا الجنوبية والصين، اللذين كان المعدل الإجمالي لتفضيلهما لليابانيين 25 و12 على الترتيب. وفي نفس المسح كان لدى الهند وباكستان تقييمات تفضيل منخفضة نسبياً تجاه اليابان، وذلك عند مقارنتهما بدول جنوب شرق آسيا وأستراليا، ولكن، وحسبما أشرنا أعلاه، فإن ذلك يرجع بالدرجة الأولى إلى حقيقة أن أكثر من ثلث عدد الهنود والباكستانيين الذين استُطلعت آراؤهم قالوا إنهم ليس لديهم (رأي محدد«بشأن اليابان). وهذه الصورة الإيجابية عن اليابان، كما يظهر المسح، تعد انعكاساً للإدراكات الثابتة عن تلك الدولة باعتبارها قوة كبرى فعلية. وعلى رغم أن رأي الجمهور لا يقدم لنا سوى القليل في مجال معرفة السبب في النظر إلى طوكيو على نحو إيجابي في مختلف مناطق القارة الآسيوية، فإن الأمر المرجح هو أن السنوات التي قضتها طوكيو في الاستثمار الخارجي، ومساعدة الدول في مجال التنمية، والتي شهدت خلالها اقتصاداً مزدهراً هي تحديداً التي قادت إلى هذه الآراء الإيجابية عنها. وحقيقة أن كوريا الجنوبية والصين يتشاركان في الآراء السلبية وغير المفضِّلة لليابان، وهذا ما من شأنه تسليط الضوء على التأثير المستمر للعدوان الياباني على الدولتين خلال الحرب العالمية الثانية، فاليابانيون المستطلعة آراؤهم، نظروا إلى الصين على نحو أقل تفضيلاً عند المقارنة بأي دولة أخرى كما يتبين من الأسئلة التي كانت تطلب تفضيلاً لدولة عن الأخرى. أما الهند فقدت بدت في معظم الأحيان كدولة ذات شهرة باهتة. في نهاية التقرير، يقدم «بيو» بعض البيانات التي نادراً ما يعثر عليها أي أحد صدفةً، والتي تتعلق بالكيفية التي تنظر بها الشعوب الآسيوية إلى القادة الذين يحكمون الدول الأخرى، وليس لقادتها هي. كم البيانات المقدم في هذا الشأن محدود نسبياً: سوف نجد لدينا هنا آراء بشأن «شي جين بينج» الزعيم الصيني، و«شينزو آبي» رئيس الوزراء الياباني، و«ناريندرا مودي» رئيس وزراء الهند. ولكن ما تبين، بشكل عام أنه عندما سئُل المستطلعة آراؤهم عما إذا كان لديهم ثقة في أن قائد كل دولة من تلك الدول «سيفعل الشيء الصائب عندما يتعامل مع الشؤون الدولية» تبين أن معظمهم لم يكن متفائلاً أكثر من اللازم. هناك بعض النقاط الأخرى الجديرة بالملاحظة منها أن 7 في المئة فقط من الكوريين الجنوبين يعتقدون آن «آبي» مؤهل لفعل الشيء الصائب في مجال الشؤون الدولية، وأن 7 في المئة من الباكستانيين يتبنون نفس الرأي بشأن «مودي». وكان الشيء الباعث على الاستغراب هو أنه قد تبين أن الماليزيين يتبنون نظرة إيجابية تجاه الزعيمين شرق الآسيويين(الصيني والياباني) حيث أعرب 72 و73 في المئة من الماليزيين يعتقدون أن «شي» و«آبي» سيفعلان الصواب عند التعامل مع قضايا السياسة الخارجية. أنكيت باندا* * صحفي هندي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تربيون نيوز سيرفس»
مشاركة :