مدينة الألف مئذنة «درة» السياحة العربية طوال العام

  • 9/12/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بالطبع لم تكن زيارتي الأولى للقاهرة العامرة فهي أمي قبل أن تكون مدينتي، ومع كل زيارة سريعة لها أجدني أردد: مصر الحبيبة للقلوب رداء.. أحرارها وشبابها بناء بزهرها جلبت تمائم عشقها.. فيها الهوى بالروح كالنعماء وبشعبها المعطاء أكتب زخرفاً.. فبريقها سحر كما الإغراء هنا عندما يعتاد كل منا على منزله تصبح مواطن الجمال فيه بحكم العادة أمراً عادياً لا تدركه إلا عين الزائر، أو القادم الجديد الذي يأسره تمازج الأثاث والألوان، ويبهره تناسق الزهور واللوحات وغيرها مما يمكن أن يلمسه من روح المكان. وهكذا الحال مع مدننا الغالية التي نسكنها وتسكننا، نعتاد على المرور في شوارعها القديمة، وأحيائها العتيقة، فلا نتوقف كثيراً أمام عمارتها الفريدة، وإرثها الحضاري، وتراثها الثقافي. لكن الأمر يختلف عندما ترنو إليها زائراً في ثياب السياح تتجول معهم لتتعرف الى كثير مما كنت تجهله، أو توقفت معلوماتك التاريخية التي حصلتها على مقاعد الدراسة عنده، أو سقط سهواً من ذاكرتك المجهدة بمئات الأحداث والأماكن، أو مما قصرنا في معرفته بحكم إيقاع الحياة السريع اللاهث وراء محاولة متابعة الجديد المتغير كل صباح ومساء. أي المعالم الأثرية نختار للزيارة السريعة هذا العام؟ وكيف سنختار من بين عشرات المعالم التي تحمل كل منها تاريخاً لحضارة راقية استوطنت هذه البقعة الساحرة التي تتوسط العالم، وهل نكتفي بزيارة المعالم أم الأفضل اتباعها بزيارة المتاحف التي تحوي هي الأخرى كنوزاً لا تقل أهمية عن العمارة القائمة. عشرات الأسئلة التي يجد كل زائر للقاهرة نفسه مضطراً للإجابة عنها لأنها المدينة الأكثر ثراء وتنوعاً في كل ما تحتضنه من معالم حضارية تعكس حقبات تاريخية متعددة بدءاً من الفرعونية، ومروراً بالقبطية، وحتى الإسلامية. وهي المدينة الوحيدة التي ربما تدفعك إلى هذه الحيرة، فعندما تقصد الإسكندرية ستجد نفسك منبهراً بمعالم الحضارة الرومانية بالدرجة الأولى، وعند المرور على مدن الصعيد جميعها بدءاً من الفيوم وحتى أسوان والأقصر ستقابلك معالم الحضارة الفرعونية، أما القاهرة فلا يسعك إلا أن تخصص لها إجازة خاصة لتستمتع بالتجول بين متاحفها، وجوامعها، وكنائسها، وحدائقها. قصر مدة الزيارة فرضت علينا اختيار أهم المعالم الأثرية ليس في القاهرة فقط بل في العالم بأسره وهي أهرام الجيزة. والزيارة هذه المرة كانت ممتعة، مختلفة، محتشدة بعشرات المعلومات التاريخية القيمة التي قدمها لنا بكل حماس مفتش الآثار إبراهيم سمير الذي قدم شروحاً مستفيضة للمنطقة التي تضم 11 هرماً (منها 3 للملكات) وهو ما يغير وجهة النظر الشائعة من أن هذه المنطقة تضم الأهرام الثلاث الرئيسية فقط. مشاعر مختلطة من الانبهار الكامل والاعتزاز بهذه العمارة الفريدة التي بنيت قبل 25 قرناً من الزمان ومازالت حتى اليوم لم تكشف كل أسرارها، للحد الذي دفع إحدى الجامعات الأمريكية الى تأسيس فرع خاص بها أطلق عليه العلوم الفرعونية يبحث في فروع مختلفة من التشييد والبناء والكيمياء والفلك والرياضيات في محاولة لفهم الكيفية التي نجح بها الفراعنة في تطوير عمارة المقابر في مصر القديمة والتي بدأت بحفرة صغيرة حتى تحولت إلى حجرة تحت الأرض ثم إلى عدة غرف تعلوها مصطبة. هنا لا يتسع المجال أمامنا لتعداد أهم الأماكن التي يمكن للزائر الاستمتاع بها في مدينة الألف مئذنة، ولا يمكننا إلا نقل تجربتنا الخاصة وانطباعنا عن واحد فقط من عشرات الأماكن التي يمكن بها قضاء أوقات غنية بالمتعة الثقافية والتاريخية.

مشاركة :