أمَّهاتِ الْعِبَادَةِ اجتمعت في عَشْرِ ذِي الحِّجَّةِ

  • 9/12/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

قال فضيلة الشيخ عبد الله إبراهيم السادة إن على المسْلم أنْ يعْرف قدْر عمْره وهدف حياته، ويسْتغل ساعات عمْره ولحظاته، ويسْتكْثر منْ فعْل الخيْرات حتى مماته، قال ربنا عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولْتنْظرْ نفْسٌ ما قدمتْ لغدٍ واتقوا الله إن الله خبيرٌ بما تعْملون). وذكر في خطبة الجمعة أنه بعْد أيامٍ معْدوداتٍ، نسْتقْبل موْسماً عظيماً وأياماً مباركاتٍ، هي أعْظم الأيام وأحبها إلى الله، هي موْسم طاعة الله وعبادته، تنْتظرها الأمة الإسْلامية بشوْقٍ عميقٍ لما فيها من المنح والعطايا والخصائص والمزايا، فعن ابْن عباسٍ رضي الله عنْهما عن النبي قال: ما منْ أيامٍ الْعمل الصالح فيهن أحب إلى الله منْ هذه الْأيام الْعشْر ، فقالوا: يا رسول الله، ولا الْجهاد في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولا الْجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفْسه وماله فلمْ يرْجعْ منْ ذلك بشيْءٍ رواه البخاري. وقال السادة إن الصالحين ما زالوا يسْتكْثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها، والسعيد من اغْتنم تلْك المواسم وفاز بوفير الجوائز والمغانم. تشْريف العشر وأشار إنه لمكانتها أقْسم الله بها تشْريفًا لها، وتعْليةً منْ شأْنها، فقال تعالى : (والْفجْر، وليالٍ عشْرٍ، والشفْع والْوتْر) و قال ابْن عباسٍ رضي الله عنْهما وغيْره من المفسرين: المراد بالْعشْر؛ هي الْعشْر الأول منْ شهْر ذي الحجة. وقال الإمام ابْن حجرٍ رحمه الله: والسبب في امْتياز عشْر ذي الحجة لمكان اجْتماع أمهات الْعبادة منْ صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ وحجٍ ولا يكون ذلك في غيْره. ومنْ مزاياها أنها حوتْ أحب الأيام وأعْظمها وهو يوْم الْعيد، يوْم الحج الأكْبر، وكذلك يوْم عرفة الذي كمل به الدين وتمتْ به نعْمة رب الْعالمين: (الْيوْم أكْملْت لكمْ دينكمْ وأتْممْت عليْكمْ نعْمتي ورضيت لكم الْإسْلام دينًا) . ولفت السادة إلى أن أفْراح المؤْمنين وسرورهمْ في الدنيا إنما هو بإكْمال طاعتهمْ له، فهذا هو الفضْل الذي يفْرح به المؤْمن ويسر، كما قال تعالى: (قلْ بفضْل الله وبرحْمته فبذلك فلْيفْرحوا هو خيْرٌ مما يجْمعون) . قال الحافظ ابْن رجبٍ رحمه الله: ولما كان الله سبْحانه وتعالى قدْ وضع في نفوس المؤْمنين حنيناً إلى مشاهدة بيْته الحرام، وليْس كل أحدٍ قادراً على مشاهدته في كل عامٍ: فرض على المسْتطيع الحج مرةً واحدةً في عمْره، وجعل موْسم العشْر مشْتركاً بيْن السائرين والقاعدين، فمنْ عجز عن الحج في عامٍ قدر في العشْر على عملٍ يعْمله في بيْته. اغْتنام الفرْصة وأضاف: "فواجبنا جميعاً اسْتشْعار هذه النعْمة، واغْتنام هذه الفرْصة، فنخص العشْر بمزيد عنايةٍ، ولْنعظمْ هذه العشْر فنكْثر فيها من العمل الصالح، فمنْ لمْ يمْكنْه الحج فعليْه أنْ يعْمر هذه الأوْقات الفاضلة بطاعة الله تعالى وعبادته، تخْليةً من الذنوب ورديء العادات، وتحْليةً بكثْرة الصلاة وتلاوة الْقرْآن، والذكْر والدعاء، والصدقة والإنْفاق في سبيل الله، والشفقة بالضعفاء ورحْمة الفقراء، وبر الوالديْن وصلة الأرْحام، والأمْر بالمعْروف والنهْي عن المنْكر والدعْوة إلى الله... وغيْر ذلك منْ طرق الخيْر وصنوف الطاعات. وذكر خطيب الجمعة أن أهم ما ينْتهزه المسلم في هذه الأيام: التوْبة النصوح؛ فلها في هذه الأيام شأنٌ عظيمٌ، فأجْرها مضاعفٌ، وإذا اجْتمع لك توْبةٌ نصوحٌ مع أعْمالٍ فاضلةٍ في أزْمنةٍ فاضلةٍ فهذا عنْوان الفلاح: ( فأما منْ تاب وآمن وعمل صالحًا فعسى أنْ يكون من الْمفْلحين) . هلال ذي الحجة وقال إنه مع إطْلالة هلال ذي الحجة يزْداد اللهف والحنين إلى بيْت الله العتيق ومهْوى الأفْئدة. كيْف لا؟ والمسْلمون يتلهفون للْجزاء العظيم الذي وصفه النبي الكريم بقوْله: من حج لله فلمْ يرْفثْ ولمْ يفْسقْ، رجع كيوْم ولدتْه أمه . وتساءل السادة: ولكنْ أنى للْمرْء أنْ يوفق للْحج في كل عامٍ؟ ولذا كان منْ نعم الله العظيمة، وعطاياه الكريمة على عباده أنْ هيأ لهمْ أعْمالاً صالحةً، وجعل ثوابها وفضْلها كثواب الحج، في الجزاء لا الإجْزاء، فضْلاً من الله ونعْمةً، ومنْ هذه الأعْمال عزْم النية على الحج متى تيسر ذلك: فعنْ أبي كبْشة الأنْماري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما الدنْيا لأرْبعة نفرٍ: عبْدٍ رزقه الله مالًا وعلْمًا فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعْلم لله فيه حقًا فهذا بأفْضل الْمنازل، وعبْدٍ رزقه الله علْمًا ولمْ يرْزقْه مالًا فهو صادق النية، يقول: لوْ أن لي مالًا لعملْت بعمل فلانٍ فهو بنيته فأجْرهما سواءٌ. قال ابن رجبٍ رحمه الله: قدْ حمل قوْله: فهما في الأجْر سواءٌ على اسْتوائهما في أصْل أجْر الْعمل، دون مضاعفته، فالمضاعفة يخْتص بها منْ عمل العمل دون منْ نواه فلمْ يعْملْه.

مشاركة :