المسرح هو الفن الصعب الذي يبدو سهلاً. ويقول صموئيل بيكت: «المسرح هو فن الظّهور على عكس الشعر الذي هو فن الاختفاء». ويبقى الجواب عن سؤال المسرح هو الأصعب. لا يمكن توصيفه بكلام نهائي وأخير. كل ما قدمه المسرح، على مرّ التاريخ إلى يومنا الآني، كان صورة نابضة بالحنين وتحمل مساحات بصرية واضحة يكتنفها الغموض الخلاق. فكيف يمكن قراءة المشهد المتحرك في عتمة الخشبة وضجيج أنوارها في آن واحد؟ سؤال المسرح كبير ويمتد إلى أفق مفتوح. فلا يمكن المسرح أن يقف على عتبة ولوجه فقط، ولا يمكن أن يكون خارج سياقه العاصف، المسرح رأي وموقف وصراخ وطنين وهمس ونظرات لا تحد… ● الفنانة الممثلة يحضر كلام المسرح وانبعاثاته المفتوحة ونحن في حضرة سيدة المسرح، سيدة الحضور على الخشبة وفي الشاشة الصغيرة والكبيرة. فكيف للكلام أن ينطلق ويتحلق في لحظة لقاء مع من أغنت البصر بمشاهد الوعي النقي، وأغنت الصوت بمديح الكلمة وعاطفتها؟ الفنانة الممثلة القديرة نضال الأشقر، قامة إبداعية وارفة لا تحتاج إلى تعريف، وقد لا تحتاج إليه إبداً، ذلك أنها واحدة من اللواتي رسمن الإبداع، في كل أشكاله وألوانه، منذ إطلالتها إلى الحياة. من لا يعرف ويعشق الممثلة نضال الأشقر التي جسّدت أهم الشخصيات التاريخية بأدوارها المسرحية والتلفزيونية والسينمائية؟ من لا يعرف شخصية فنية من وزن السيدة نضال الأشقر التي لم تكن ممثلة فحسب، بل ذهبت إلى أبعد، إلى أقصى الوعي، إلى الحدود القصوى والقاسية، إلى حيث الأصل والطمأنينة العالية والكثيرة؟ فكانت المخرجة والكاتبة المتألقة، وصاحبة الأدوار الخاصة والكبيرة والصعبة وربما المستحيلة التي تختارها لنفسها ولسواها ممن عملوا معها وتحت لواء رصانتها أو رهافتها الفنية. وهي أيضاً، ابنة المسرح، سيدة الخشبة، نصاً وروحاً، وقد أسّست «مسرح المدينة»، الذي لعب وخشبته دوراً فاعلاً في استنهاض المسرح اللبناني بعدما تراجع بسبب الأحداث والحروب. الفنانة الشاعرة… شاعرة الصوت والحضور اسم الفنانة نضال الأشقر مقرون بالوعي الثقافي الخلاق والخلاب، ذلك أنها حاضرة دائماً، في مساحة الوعي الثقافي الممتدة على طول الخريطة اللبنانية – العربية وعرضها. ويحضر طيفها وصوتها وروحها وجسدها في مختلف الأعمال الفنية الممسرحة وما شابه. الأُمسيات الشعرية التي قدّمتها بصوتها الصّافي، الشجن لكبار شعراء العرب، ارتبطت عميقاً بوعي أجيال حفظت الشعر بعدما لقّنتهم الأشقر، بصوتها وأمسياتها، مئات القصائد. مناسبات كثيرة أحيتها، شعرياً، وكانت هذه الأمسيات بمثابة العمل المسرحي الجاذب كلَّ مبدع وكلَّ مهتم. شعراء الماضي والحاضر والأجيال المتلاحقة حضروا في صوت الفنانة نضال الأشقر وأدائها، وخشبات المسرح اللبناني والعربي كانت مسرحاً لأعمالها الإلقائية الإنشادية. ألقت أشعارهم بصوتها، استحضرتهم بإلقائها الفاتن والصاخب، في كل أمسية لشعراء أحبتهم وقدمتهم، من المتنبي إلى أدونيس ومحمود درويش وسميح القاسم وأنسي الحاج وسيف الرحبي ووديع سعادة… كانت ترفع من منسوب الشعر في أشعارهم، صوتها الشجي القوي الصاخب الرصين الصعب، رفع هذا المنسوب وأعطى الشاعر وشعره مسافة انطلاقة جديدة لا تحد ولا تتوقف. صوت الفنانة التي لا تجيد الطرب لكنها تجيد تلحين القصيدة، صوتها المخملي الصافي العذب، هو جزء من كل قصيدة تنشدها في ليل البلاد ونهار البشر. ● على الدرب اليوم، تواصل نضال الأشقر مسيرتها الفنية الثقافية غير آبهةٍ للصعّاب التي تواجه المنطقة وما يترتب على ذلك من تأثيرٍ سلبي بالثقافة في شكل عام. تواصل حضورها في المسرح، وها هو «مسرح المدينة»، اليوم، وسط بيروت، وسط شارع الحمراء يجذب كل عمل ناجح وكل عمل إبداعي واعد. وهي على عادتها تربط المسرح بأنواع الفنون كافة، وتقول سيدة الخشبة نضال الأشقر: «لأنه المسرح، كان وسيبقى المرآة التي تعكس حيوية الحياة، حيوية المدينة، ونبض الشارع في مساحات الحياة. و«مسرح المدينة» هو جزء من تاريخ لا يغيب، لا يغيب مهما تمادت الظروف بقساوتها. وحين انطلقنا بمسرحنا لم نكن نضع نصب أعيننا سوى النجاح والوصول إلى كل التفاصيل التي تتأسس منها الحياة وظروف الحياة والإنسان. المسرح الذي انطلقنا فيه وانطلق بنا، أوصلنا إلى مساحات هائلة بالوعي والحنين، وجعلنا ننحاز أكثر إلى زغاريد الحياة، بكل ألوانها وامتداداتها في المساحة والمسافة والبال». المسرح حركة تضج بالحياة وتفيض بالفرح والجمال، ونضال الأشقر هي من تسعى دائماً إلى تحقيق هذا الفرح بأعمال مسرحية كثيرة ومتعددة ومنوعة وعالمية ومحلية وعربية وتجريبية: «كل ما يهمني هو أن تبقى خشبة المسرح متحركة ومشتعلة بالصوت والضوء والضجيج. كل ما يهمني هو أن تبقى خشبة المسرح هادئة بصمت الحضور وهمس الكلام والحركة على مرمى الحضور وفي مسافة كل نابض ومتحرك وعابر. لغة الحياة رائعة، وكيفما نطقنا بها تخرج إلى السمع والبصر كوردة عطر وجمال، وإذا نطقنا بها في المسرح، على خشبة المسرح، ترتفع أكثر وتصير وردة الورود، لغة كل وهم جميل، صدى البهجة المشتهاة، نغمة السعادة المرجوة. المسرح الثابت والمسرح الجوال والمسرح العام، خشبة واحدة فردتها نضال الأشقر، وسارت عليها وتبعها جيش من الممثلين والفنانين والمبدعين الكبار، ولأنها ترى الحياة «بعين النّسر» تعرف كيف تحلّق في سماء الإبداع: «الحياة هي بالأصل حركة وعي ونشاط، كما الفن تماماً. المسرح هو الفن الصعب – الجميل، كلما أتقناه، خرجنا إلى الحياة أكثر. المسرح هو فنّ الظهور، فنّ الخروج والعودة والحركة والنشاط والرأي والموقف، على عكس بعض الفنون التي تنطلق لترسم فنّ الاختفاء، كالشعر والموسيقى. إذا كان الشعر هو فن الاختفاء بين صيحات الحياة، بكل ألوانها، فإن المسرح هو فنّ الظهور مع صيحات الحياة والإنسان… لا بدّ من المسرح مهما كانت الظروف والأحوال، لأنه روح المكان والإنسان. لأنه الوعي الذي يمتد على خريطة يقظتنا، فيجعلنا أنقياء وأوفياء. إذا كان المسرح هو لغة الحركة، فإن هذه الحركة هي الوعي النشيط الذي يرفع منسوب الرؤيا في وعينا المستمر والمتصاعد». تواظب نضال الأشقر على حيوية إبداعية لافتة، ولا شك في أنها تتنفّس من رئة شعرية صافية، وترى بعين سحرية، وتسمع بأذن موسيقية مرهفة جداً، لذلك نجدها في مكانها الأصلي، ناضجة وقادرة وفاعلة، تبتكر الأفكار الفنية وتجسّدها. ترسم حركة وعي الإنسان في مراحل عبرت ثم تعود لرفدها بصور إضافية، ترفع منسوب الوهج في الصورة الفنية: «الإبداع عمل خلاق لا حدود له، والفنان الحقيقي والمبدع الحقيقي يسير في هذا المسار الإبداعي من دون أن يخسر نظرة أو لمسة، قد تحرّكه إلى الوراء، يستمر وتنجح إذا سار على صراط الوعي الفني الجمالي. وأنا لا أرى سوى هذا الخط، هذا الطريق القويم في الوعي الفني، وأسعى جاهدة لتوظيف كل ما من شأنه رفع مستوى الفن. وهذا ما جعلني أستمر وأبقى على تماس مباشر مع النشاط والابتكار والفعل… فقد قدّمنا الكثير من الأعمال المسرحية في «مسرح المدينة»، وكذلك قدّمنا الكثير من الأعمال الفنية الأخرى، من غناء وموسيقى وشعر ونشاطات فنية متنوعة وحديثة. ما زالت خشبة مسرحنا مفتوحة، ومشرعة على كل أنواع الفنون الحديثة والتراثية. وستبقى خشبة المسرح منبراً لكل من يريد أن يفجر إبداعاته ويطلقها». المرض والعلّة تعترف نضال الأشقر بأن المسرح، في شكل عام، يمرّ اليوم بأزمة، لكن «هذه الأزمة يمكن تخطيها والتخفيف من حدّتها، إذا عرفنا كيف نشخّص المرض والعلّة. فإذا كانت الأزمة تتمثل في غياب النّص فالمسألة سهلة، أسهل مما نتصور. وإذا كانت الأزمة بشخصية الممثل أو المخرج فالمسألة سهلة وغير معقّدة أبداً… أعتقد أن الأزمة عائدة إلى الواقع العام الذي تمر به البلاد والمنطقة. ذلك أن كل تفاصيل الحياة مترابطة وتتأثر ببعضها. فلا يمكن فصل الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي عن الواقع الفني، ولا يمكن النأي عن هذا الواقع العام بعمل فني معين. ولكن رغم كل هذا التشابك وكل هذا التداخل، يمكن الفن أن يرسم مشهد الواقع العام، يمكن المسرح والفن في شكل عام أن يستحضر هذا الواقع، رسم شكله ولونه من خلال أعمال فنية تضع نقاط الأسئلة الفنية – الثقافية على حروف الأجوبة الإبداعية. ففي أغلب دول العالم، كان الفن بمثابة اللغة الرديفة للحياة العامة، وربما كان أيضاً، حاجة لبلورة صورة الحياة القائمة ومعناها، بكل تفاصيلها، السلبية والإيجابية. انطلاقاً من هذا الوعي الذي نركن إليه، نجد أنفسنا، كمبدعين أمام واجب تلبية نداء هذا الوعي، نداء الاستمرارية والبقاء على قيد العمل والإبداع والنشاط والابتكار…». أهم ما يميز الفنانة نضال الأشقر هو هذا التفاؤل الكبير الذي لا يفارقها. فهي دائماً متفائلة، والثقافة بوجهها المشرق هي الجانب الأساسي من هذا التفاؤل، «نحن أمّة ثقافية راقية، لا يحق لنا سوى أن نستمر على نهج الثقافة، الثقافة التي تحتوي كل فنون الإنسان، نحن أمّة تمتلك تاريخاً ثقافياً ضخماً، لا يمكن الخروج منه أبداً، لا نستطيع الخروج منه أصلاً. لذلك، نحن في قلب الإبداع، وفي قلب الابتكار الذي يقود إلى تجديد الحياة وتطويرها، الحياة بكل تفاصيلها، من العلم إلى الفن إلى الثقافة إلى السياسة»… تليق بها الأدوار فنانة تليق بها الأدوار الكبيرة، نضال الأشقر فنانة فاعلة وقديرة في تأدية الأدوار والشخصيات التاريخية، واستطاعت أن تقدّم الكثير من الأدوار التاريخية والتراثية التي عرفناها في تاريخنا الثقافي والعلمي – الدراسة. كلّما شاهدنا فنانتنا في دور فني وفي دور اقتباس شخصية تاريخية، استعدنا وعياً وذهبنا معه إلى أبعد حدود الفعل والإبداع. لقد ارتبط اسم نضال الأشقر بمناخ التاريخ، فكلما قرأنا في التاريخ الثقافي تراءت نضال الأشقر، وكلّما شاهدنا أعمال نضال الأشقر، تراءى لنا التاريخ، تاريخ الحب والإنسان والحياة. يمكن خشبة المسرح أن تكون أرض العالم وسقفه، تقول نضال الأشقر: «تجتمع الحياة على خشبة بأمتار قليلة، ويمكن توزيع أشكال الحياة على هذه الخشبة. والفضل الأكبر في هذا الجمع يعود إلى العمل الأساسي الذي يتأسس داخل الوعي الذي ينتج هذا الوعي نفسه. وعي متداخل ومتأصل ويقدم الصورة تلو الصورة لتحرير مشاهد الحياة وإخراجها إلى النور المغلف بستار الكشف والرأي والموقف والرؤيا. ● ليس المسرح فحسب ليس المسرح وحده شاغل الفنانة ومالئ اهتمامها. هناك الكثير والأكثر في جعبة الفنانة المبدعة المتحمسة دائماً لتجديد الوعي، كثير من الوعي المتنوع، والثقافة القديرة تحركها وتتحرك معها، لتصل إلى مرحلة تالية فيها كل ما من شأنه توظيف الفعل والحركة والنشاط في سياق متبلور. وإذا واجهت الفنانة بسؤال الوعي الثقافي المرتجى، أو بسؤال الطموح الذي يولد داخل حديقة الثقافة، لا تتردد بالرد وقول الكلام المفتوح على قلق المعنى: «لا يمكن ثقافتنا أن تسير في طريقها صوب العلا والمجد إذا لم نذهب أولاً إلى وعينا الأول والبحث فيه ومحاولة تفسيرة في الشكل المطلوب والواجب. أن تكون الثقافة عنوان أي مجتمع، فهذا يستوجب الكثير من شحذ العقل واستعماله بكل طاقاته للوصول إلى المعنى. وأن تكون الثقافة هي الجمال الذي يشدنا إلى بهجة تسعدنا وترفع من وطأة حضورنا في الحياة، فهذا يعني أيضاً أننا، ومن واجبنا أكثر أن نواظب على تحرير الوعي من كل قيد أو قيود تكبله وتكبلنا. الثقافة ليست لغة منمقة وما شابه، بل هي وعي شامل وناصع لا تشوبه شائبة. الثقافة هي بارقة أمل أكبر من الأمل نفسه، ذلك أن كل شأن مرتبط بوعي الإنسان هو مقياس لتفسير ما هو صعب ومستحيل، وإذا كان هذا التفسير هو لغة الوعي، فلا مناص من قدرة تالية لتفسير ما هو أصعب وأكثر من تفاصيل خوف وقلق وتعب». تلتزم الفنانة موقف الحياة والإبداع. الحياة بالنسبة لها هي وقفة عز ومجد وصراع مع الشر: «الحياة دائماً تنتصر على الشر، ويبقى الإنسان هو هذه القدوة التي تصنع الحياة نفسها. وإذا كان الإنسان هو قوة الحياة وزخمها المستمر، فإن الإبداع والفنون والثقافة التي ينتجها الإنسان هي عصب هذه القوة وهذه القدرة وهذه العظمة. مجد الحياة يصوغه الإنسان بأفعاله الإبداعية الكبيرة والصغيرة. كل احتمالات الإبداع هي جزء من من كينونة الإنسان. فلا بد من الإبداع كي تستقيم الحياة أكثر، وكي ترتفع إلى أعلى وتكون منارة في مرمى البصر والحواس كافة». تحافظ الفنانة على خط الإبداع التصاعدي، ولا ترى فيه إلا هذا التصاعد الذي هو أساس الإبداع: «الفنون وسواها من الأعمال الإبداعية في حياتنا هي الصورة الحقيقية لمساحة خفية قائمة في أيامنا وأعمارنا، والفنان الذي يعي هذه الأمور يعرف أكثر ويتحسس ذلك الواجب اليومي في بناء كل ما من شأنه تحقيق الرغبة الدفينة والجامحة في أعماق الطموح والمحبة والسعادة. لا يمكن الإبداع، في كل أشكاله وألوانه أن يكتمل ويتعافى إلا إذا انطلق من أساس متجذر في الخير والمحبة. المحبة هي نظام الوعي الذي يقدم لنا وللحياة كل طعم لذيذ وكل طعم في فم الطموح والأمل». غير أنها فنانة مراقبة وتنظر بعين إلى الأمل وبالأخرى إلى السعادة، وتريد جمعهما، جمع السعادة والأمل في ميزان العقل والعاطفة، على أمل أن تنصف همّها الإبداعي وطموحها الفني الكبير: «تأخذ الحياة حقها من الفن والإبداع، وتأخذه على أكمل واجب حين يكون الإبداع، إبداع الفنان هو الواجب الملتزم، وصانع الخير والمحبة. حتى إن الأعمال التي تقارع الشر هي في صلب هذا النشاط الإبداعي لدى الفن وكل فنان وكل مبدع. والسعادة المرجوة ليست ترفاً أو ما شابه، بل هي الوعي، كل الوعي الذي ينشط الوعي نفسه ويقدمه على هيئة أمل وطمأنينة وانتصار على الشر». تأثرت الفنانة بالحياة التي عاشتها في ظل واقع وطني وسياسي صاخب، وأخذت منه زبد المعنى، وجوهر الكلام، ووظفته في دائرة ظلها الكبير، حيث أغنت فنها وعملها الإبداعي بهذا الوهج، لكنها لم تكن على غير استقامة، بل رسمت حدود انطلاقتها في فهم الحياة وتفسيرها، من مفهوم الإنسان والخير والعدل إلى مفهوم الوطن وأهمية الإنسان في بناء الأوطان. آمنت بوعي الجماعة وانطلقت بهذه الخطوة إلى مسافة وعي أكبر، حيث كانت المساحة واسعة لاستقبال كل عاشق الحب والحرية: «يولد الإنسان صفحة بيضاء، وحين يبدأ بوعيه الأول تبدأ رحلته الصعبة مع الحياة والوجود. ومن يعرف كيف يسير في المساحة المنتظرة وغير المعروفة، فعليه أن يستقل قارب العقل، قارب النجاة. فالعقل هو المرآة التي تقدم للوعي حقيقة الصورة. وربما كنت أنا واحدة من اللواتي استقلوا قارب النجاة… ربما نجونا من جنوح وغرق ومتاهة، وإذا كانت نجاتنا هي خير أفعالنا، فإن للعقل الذي قادنا إلى قناعتنا هو خير الوعي الذي أجلسنا على مرتبة الجمال والحرية». فنانة مبدعة تعرف من أين تبدأ الحياة. وتعرف سر البهجة والأشواق. حين تبدع بمسرحها أو بأعمالها الدرامية، تفتح درب الذهاب إلى القمة. الفن لها مسافة وصول إلى أعلى، إلى حيث تكمن مفاجآة الحياة وأسرارها، وقد اختارت الفن والفنون لتسلك هذا الدرب المفتوح على جنون الوعي والحرية
مشاركة :