الشارقة في 6 مارس / وام / قالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين إن المجتمعات ترتقي عندما تعي تاريخ ثقافتها وتدرك حجم إسهامات علمائها وأدبائها وفنانيها وتقدر ما أنجز لتواصل مسيرة البناء والعلم والمعرفة وهذا ما يؤكد عليه /بيت الحكمة/ في مجمل ما يقوده من جهود وما ينطلق فيه من رؤى إذ يحمل رمزية "بيت الحكمة" التاريخي الذي كان مركزاً للتنوير في الحضارة العربية والإسلامية ويكرّم علماء العرب والمسلمين بأسماء قناعاته. جاء ذلك خلال استقبالها لمعالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب خلال زيارة معاليها لـمقر "بيت الحكمة" ، أحدث نموذج لمكتبات المستقبل بالشارقة ، استعرضت خلالها رؤية المعلم ورسالته في توفير مركز ومساحة للتواصل والبحث والابتكار. حضر الاستقبال الذى جرى أمس الأول كل من سعادة مروان جاسم السركال الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير /شروق/ ومروة عبيد العقروبي مديرة بيت الحكمة والدكتور راشد خلفان النعيمي المدير التنفيذي لمكتب تنظيم الإعلام وعلياء القاسمي وكيل قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية المكلف. وشهدت الزيارة تعريفاً بالقاعات والمختبرات والمساحات التي يخصصها "بيت الحكمة" للتعليم والقراءة وإقامة الفعاليات والمعارض إضافة إلى ما يقدمه من خدمات الطباعة السريعة "اسبرسو الكتب" وصناعة النماذج المخبرية والاطلاع على الكتب النادرة. وأكدت الشيخة بدور القاسمي أن بيت الحكمة ليس معلماً ثقافياً وسياحياً وحسب إنما هو تجسيد معماري إبداعي لرسالة الشارقة تجاه المعرفة والكتاب رسالة توجهها الإمارة ليس لأبناء المجتمع المحلي وحسب وإنما لكل القراء عربياً وعالمياً فنحن نؤكد في كل تفاصيل المَعلم أن الوعي تجربة انفتاح وتواصل لا تحقق أثرها إلا بتقدير الهوية الأصيلة لثقافتنا، وفهم مصادر قوتها، والاستفادة منه. من جانبها قالت معالي نورة الكعبي في تصريح لها خلال الزيارة : يشكل بيت الحكمة إضافة كبيرة للمعالم الثقافية والسياحية في الدولة ويعبر عن رؤية كبيرة تعزز من أن الاستثمار بمعارف الإنسان ووعيه هو الضمان الحقيقي والجوهري لمستقبل أكثر تحضراً وتنويراً و يؤكد في الوقت نفسه على رسالة الشارقة ورؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي يؤمن بأن الكتاب وبناء الإنسان أساس نهضة المجتمعات وعماد تطورها. وأضافت أن بيت الحكمة يقدم نموذجاً سباقاً ليس على المستوى المحلي أو الخليجي وإنما على المستوى العربي والعالمي لمكتبات المستقبل بوصفها ليست أماكن للقراءة والبحث وحسب وإنما فضاء للحوار والتعلم واكتساب المعارف وهذا ما يعزز من توجهات الفعل الثقافي في الإمارات الداعي إلى فتح أفق التفاعل وإتاحة الفرص لاكتشاف الطاقات والمواهب وتوفير منصات لبناء الفرد وتعزيز بيئة النهوض بوعيه وذائقته على كافة المستويات. وقدمت العقروبي خلال الزيارة تعريفاً بمرافق وقاعات "بيت الحكمة" حيث توقفت عند محتويات المكتبة التي ستضم 305 آلاف كتاب في مختلف الحقول الثقافية والأدبية والمعرفية منها 105 آلاف كتاب ورقي وما يزيد عن 200 ألف كتاب إلكتروني و"خزنة الحكمة" التي ستتضمن كتباً ومطبوعات نادرة سيتم اقتناؤها من مختلف أنحاء العالم وتضم الآن 100 كتاب بلغة بريل و2400 كتاب كبير الحجم بالإضافة إلى المجلدات الثمانية الأولى التي صدرت عن معجم الشارقة التاريخي للغة العربية الذي يوثق للمرة الأولى تاريخ مفردات لغة الضاد وتحولات استخدامها عبر 17 قرناً /منذ عصر ما قبل الإسلام إلى عصرنا الحاضر/. واطلعت الكعبي خلال الزيارة على "شرفة المعرفة" وهي مساحات مخصصة للدراسة الشخصية وتطل على الفناء الخارجي للمكان و"قاعة الرشيد" التي جاءت تسميتها نسبة إلى الخليفة هارون الرشيد، والتي تتسع لـ 120 شخصاً ومعدة لاستضافة الندوات والعروض والجلسات النقاشية كما تعرفت على مساحة "القارئ الصغير" المخصصة للأطفال من عمر 3 وحتى 10 سنوات للتعلم والقراءة. وقدمت العقروبي شروحات ومعلومات تفصيلية عن تلك المرافق والقطاعات وعرّفت معالي الكعبي على اثنين من أبرز المرافق التي يضمها بيت الحكمة الأول "مختبر الجزري" الذي جاء تقديراً للإسهامات العلمية والمعرفية التي قدمها العالم بديع الزمان الجزري /1136-1206/م والذي يعد أحد أهم المخترعين في التاريخ ويحتوي المختبر تقنيات متطورة في الطباعة والثاني "ديوان السيدات" المخصص للسيدات الذي يمنحهن الخصوصية للاستمتاع بالقراءة وعقد الاجتماعات والندوات. وتوقفت العقروبي عند معرض الخوارزمي الذي يستضيف هذه الفترة معرضي الفنان وفاء بلال "168:01" الذي يذكر بالخسارة الثقافية التي حلت بمكتبة كلية الفنون في جامعة بغداد والتي تعرضت للحرق في العام 2003 حيث تحوّل أكثر من 70 ألف كتاب إلى رماد، ومعرض "سلسلة الرماد" الذي يقدم صوراً فوتوغرافية لمجموعة من المجسمات المصغّرة لمشاهد الدمار التي تسببت بها الحرب في العراق. وشملت الزيارة وقفة عند "ميدان الحكمة" الذي يمتاز بتصميم مفتوح السقف تزيّنه النباتات الطبيعية كما يحتوي على نوافير مائية تمنح المبنى أجواء طبيعية عصرية تُشعر الزائر بتجربة ثقافية فريدة وتمدّه بأجواء هادئة إضافة إلى غرف الاجتماعات المصممة في ثلاثة تصاميم مختلفة المجلس وغرف الاجتماع ومساحة عمل مشترك المطلة على ميدان الحكمة وعازلة للصوت للخصوصية.
مشاركة :