هذا العام ظهر أرنولد شوارزنيغر، الممثل الشهير وحاكم ولاية كاليفورنيا في العشرية الأولى من القرن الحالي، في فيلمين مختلفين تماماً: ماجي، وهو عمل صغير خال من المؤثرات، وترميناتور جنيسيس، وهو فيلم كبير ومكلف ومجبول بمؤثرات الديجيتال والكمبيوتر غرافيكس. كان الممثل الذي سطع نجمه مرّتين: مرة كرياضي كمال أجسام، وأخرى كنجم أفلام أكشن وخيال علمي، وعد بأن يعود إلى الشاشة الكبيرة عندما أتيحت له الفرصة لأن يكون نجماً سياسياً أيضاً. وما إن أمضى فترتي حكمه حتى عاد للوقوف أمام الكاميرات بدءاً من المستهلكون أمام غريمه وصديقه (معاً) سلفستر ستالوني، وامتداداً لدوره الجديد في حلقة خامسة من ترميناتور، الفيلم الذي حقق له أول نجاح كبير له سنة 1984. لم يكن التمثيل وارداً في مخيلته عندما كان شاباً ولا حتى حينما وجد نفسه يشق طريقه في عالم الرياضة، لكن الرياضة هي التي منحته دوره الفعلي الأول لاعباً شخصية هركوليس في فيلم هركوليس في نيويورك (1969) لكنه قبل دور هركوليس في فيلم صغير الشأن أنتج سنة 1969 بعنوان هركوليس في نيويورك. كان الفيلم بمثابة العتبة الأولى في سلم ظهر أمامه فجأة فارتقاه. انشغل بأدوار صغيرة لخمس سنوات بعد ذلك، ثم وجد نفسه يحمل السيف الثقيل ويعود إلى زمن القبائل النورماندية في كونان البربري (1982). بعد فيلمين من هذا النوع لعب ذا ترميناتور تحت إدارة جيمس كاميرون الذي كان نجاحه مفاجأة له ولسواه. ومن فيلم إلى آخر تحول إلى تلك الشخصية الأكبر من الواقع حتى من دون أن ترتدي سترة ايرون مان أو بذلة باتمان. في حوارنا مع أرنولد شوارزنيغر، ضمن سلسلة حوارات تمت في هوليوود، تدرك أنه السياسي والممثل معاً. لا يريد لأحدهما أن ينتزع من الآخر حصة غالبة. وهنا تفاصيل الحوار *أيهما أكثر شراً الإنسان أو الروبوت؟ - كلاهما خطر إذا ما جنحا للشر. الإنسان قد يشكل خطراً على نفسه وعلى غيره، كذلك الروبوت. هذا لا يعني أن ذلك أمر واقع في كل الأحوال. معظمنا يعيش بسلام ويعمل ليعيل عائلته ويتصرف مع الآخر على نحو حضاري. *لكن الروبوت كذلك الذي في سلسلة ترميناتور لا يستطيع أن يجنح إلى الخير أو إلى الشر، بل يتبع البرنامج الذي زرع فيه. هذا يحصر الشر بالإنسان فقط. أليس كذلك؟ - من هذه الزاوية أنت على صواب. لكن في ترميناتور سعينا لكي نظهر أنه يمكن أن نواجه الخير والشر بأي شكل وبصرف النظر عما هو المصدر. * ما هو في رأيك سر نجاح سلسلة ترميناتور؟ - أعتقد أن السر في الانتقال المسلسل من جيل لآخر. تقدم أطفال في الخامسة والسادسة من العمر وقالوا لي إنهم شاهدوا السلسلة ويحبونها. بعضهم يحب الجزء الأول وبعضهم يحب الأخير. هذا غريب حقاً لأنه يعني أن الولد الذي لم يتجاوز العاشرة من العمر إذا شاهد الفيلم الأول الذي خرج سنة 1984 الآن فإنه سيعجب به. كذلك أعتقد أن الأمر صحيح بالنسبة للجيل الأكبر. * في ترميناتور الأول استخدمت التكنولوجيا على نحو مذهل، لكن في الجزء الجديد ترميناتور جنيسيس المؤثرات تقدمت سنوات ضوئية على ما كانت الحال عليها قبل ثلاثين سنة. هل تبارك هذا التقدم؟ - إنه أمر مذهل بالفعل هذا التقدم الذي طرأ على فن المؤثرات وتصميمها. كما تذكر. كنت محظوظاً أنني لعبت ذلك الدور ضمن تلك التكنولوجيا ولعبت الدور الجديد بتكنولوجيا تقدمت كثيراً عما كان الأمر عليه. هذا يجعلني أعتقد أن العصر الذي نعيش فيه سيبقى عصر الصورة بكل صفاتها حتى ولو كانت رقمية ونفذت على برامج الكمبيوتر كما حدث في هذا الفيلم. * لكن ماذا عن الممثل؟ ألا يتعرض للتطويع؟ - لا أفهم ما تعنيه. - في السابق كان عليك أن تحضر كل ساعات العمل بنفسك. الآن، وكما لاحظنا في هذا الفيلم، تم تصويرك على نحو موجز جداً كما قرأت قبل إدخال الصور إلى الكمبيوتر ودمجها بصور الفيلم الأول مع إجراء تغييرات أخرى ضرورية. * ليت الأمر بهذه السهولة. ما زال عليك أن تجهد نفسك لكي تمثل الدور المطلوب. هل تعرف كم تطلب الأمر من الجهد لكي أقوم بمشهد العراك؟ (يضحك) أو كم من الوقت تطلب الذهاب إلى استوديو المؤثرات لتصويري ب 85 كاميرا؟ - عندما يخبرك أحد أن المهمّة انتهت وتنهض لكي تنصرف، تجد أن شخصاً آخر يناديك لعملية تقنية أخرى. وما إن تنتهي منها حتى يطلبوك في جناح آخر لمهمة أخرى. ليس الأمر بالسهولة التي تتصورها. * مثلت كذلك هذا العام ماجي الخالي تماماً من المؤثرات. أيهما تفضل في نهاية الأمر: التمثيل الطبيعي أو التمثيل عبر المؤثرات؟ * أفضل أن أمثل الفيلم الناجح (يضحك). كلاهما يتطلب جهداً. طبعاً ماجي، ولدي أفلام سابقة له لم تتطلب أي مؤثرات خاصة، يمنح المشاهد فرصة للتواصل مع شخصية حقيقية. الشخصية طبيعية إذا أردت، لكن هذا المشاهد ليس كل المشاهدين. أنا في وضع يمكنني من إعطاء هذا المشاهد ما يريد وباقي المشاهدين ما يريدون. * دور مختلف - قبل عشر سنوات كنت تؤدي دوراً مختلفاً في الحياة. كنت حاكم ولاية كاليفورنيا، ثم عدت إلى السينما من جديد بعد انتهاء عملك السياسي. كيف شعرت عندما عدت إلى التمثيل؟ - شعرت بسعادة كبيرة. غامرني الشعور ذاته عندما فزت بأول بطولة قبل ثلاثين سنة. هل تستطيع أن تتخيل؟ شعرت بأنني عدت إلى حبي الأول. أنا ممثل سنحت له الفرصة ليؤدي دوراً سياسياً. أداه بقناعة وبنجاح وعاد بعد ذلك إلى عمله الذي يحبه أكثر من سواه. * لكن ما الدافع الذي حدا بك لأن تتولى مهمة حاكم ولاية كاليفورنيا تحديداً؟ - عليك أن تكون مهتماً بالشؤون السياسية لأجل وضع الأمور في نصابها الصحيح. عليك أن تتحلى بخطة تتبع تلك الرؤية وإلا صادفتك متاعب كثيرة. المسألة بالنسبة لي هي أنني كنت أعلم أن لدي فريقاً كبيراً من الكاليفورنيين الذين سيصوتون لي ليس لأسباب سياسية، فلربما هم ليسوا مع الجمهوريين أو الديمقراطيين، بل لأسباب تتعلق بكوني ممثلاً معروفاً. هنا لا نفي لحقيقة أن شعبيتي كنجم ساعدتني كثيراً وسأعطيك مثلاً. المرشح للمنصب الذي توليته عادة ما يفوز، إذا ما كان من الحزب الجمهوري، بثمانية في المئة من أصوات المقترعين الأفرو-أمريكيين. أنا حصلت على 28%. * هل كانت سنواتك كحاكم ولاية كاليفورنيا صعبة؟ - لم تكن نزهة. أستطيع أن أؤكد ذلك. ليس سهلاً أن تمسك مكتباً يتحمل مسؤولية ولاية كبيرة وكثيرة المتطلبات والمشاكل كولاية كاليفورنيا. لعلك ستسألني: لماذا إذاً أقدمت على تلك الخطوة؟ وسأقول: إنني أردت أن أمنح نفسي فرصة هذا المنصب. تبدت لي حلول أردت تطبيقها لمشاكل كاليفورنيا وأعتقد أنني نجحت في ذلك. المخاض السياسي الذي يمر به الحاكم قد يتركه بلا مستقبل إذا لم يحسن العمل. هل هي سنوات صعبة؟ صعبة من حيث المهام وليس من حيث الرغبة في التعامل معها أو من حيث قيامي صباح كل يوم لكي أمارس الوظيفة. * ما الإنجاز الأكبر الذي تعتقد أنك حققته في هذه الفترة التي قضيتها في المكتب السياسي؟ - أنا محظوظ جداً لأني أملك عقلاً لا يفكر بمصلحتي فقط، بل بمصلحة الآخرين أيضاً. هذا سببه نشأتي. تعلمت ذلك من والدي وأعتقد أن أمريكا علمتني ضرورة هذا المبدأ. أتاحت لي سنواتي كحاكم الولاية أن أفكر فيما هو خير للمجتمع. كبداية، أصدرت قوانين مهمة لحماية البيئة. كذلك أعتقد أنه من المهم أن أذكر أنني نجحت في تطوير المنهج السياسي الذي كان قائماً. أنا جمهوري كما تعلم، لكني مارست ولايتي كأمريكي بالدرجة الأولى واستطعت تنفيذ منهج يجمع بين الحزبين الكبيرين: الجمهوري والديمقراطي ليشرف على أحوال ولاية كاليفورنيا من دون نزاع سياسي كالذي نراه في الكونغرس مثلاً.
مشاركة :