لا شك أنك تستطيع أن تتعرف على حضارة وثقافة أي مجتمع من خلال ملاحظة السلوك العام للناس، ومن خلال المشاهدات اليومية. وهناك بعض من السلوكيات والتصرفات اللاحضارية التي يقوم بها البعض منا إما جهلا أو لامبالاة أو تعنتا، والتي تعكس البون الشاسع بيننا وبين الدول الأخرى! وحاولت أن أركز وأتتبع بعضا من هذه التصرفات التي تبدر منا في الأماكن العامة أو غيرها. وقد تكون تلك السلوكيات مختلفة من حيث الشكل ولكن كلها تدل على مضمون واحد وهو أننا نحتاج إلى الاهتمام أكثر بالذوق العام والنظام. أولا: منها ظاهرة عدم الانتظام في الطابور أو الصف وهو طبع وسلوك منتشر، والبعض يقوم به بحجة أنه مستعجل؟ ولكن هل هذا الاستعجال من أجل إنقاذ إنسان أو صناعة منتج جديد أو إثبات نظرية، بل هو في الغالب لأمر أقل أهمية من ذلك بكثير. ثانيا: من التصرفات ظاهرة إهمال استخدام الإشارة الضوئية عند الانعطاف وتغيير الاتجاه للسيارة سواء يمينا أو يسارا، وكأن السائق الذي خلفك يعلم نيتك وما تفكر به! بل إن البعض لا يستخدمها مع أهميتها إلا نادرا كأنها من الكماليات وليست من الضروريات. ثالثا: لا يعقل أن يكون هناك جيل يستخدم التكنولوجيا ويتابع بنهم كل جديد في عالم الإنترنت ووسائل التواصل الالكترونية الاجتماعية وهو لا يزال يرمي المخلفات من نافذة السيارة! رابعا: حين تدخل إلى المكان المخصص للصراف الآلي تجد أوراق الإيصالات مبعثرة في كل مكان! مع توفر سلة مهملات قريبة جدا من آلة الصرف. وبعض البنوك وضعتها ملتصقة بالآلة (المسافة أقل من 30 سنتيمترا) حتى لا يتعب العميل وحفاظا على نظافة المكان ومع ذلك تجد من يرمي الأوراق في الأرض. لأننا للأسف تعودنا أن هناك من ينظف المكان من بعدنا! خامسا: التعامل الفظ مع الباعة في المحلات، فالقليل من تجده يقول: من فضلك أو لو سمحت أريد كذا، وعند الانتهاء من الشراء يقول: شكرا. سادسا: عدم احترام المشاة إما بوقوف السيارة على خطوط المشاة وتضيق الطريق عليهم أو عدم التوقف والسماح لهم بالمرور. سابعا: من التصرفات المتكررة خمس مرات في اليوم، نسيان قفل الجوال قبل الصلاة! والأسوأ من ذلك الذي يتباطأ في قفل جواله عندما يرن أثناء الصلاة إذ لابد أن يسمع كل من في المسجد نغمة جواله المزعجة. ثامنا: حين سألت أحد الزائرين من دولة أوروبية عن الشيء الذي لاحظه خلال زيارته القصيرة والأولى لبلدنا قال: أستغرب من صوت هدير أبواق السيارات فور أن تصبح إشارة المرور خضراء، ولست أدري لماذا يفعلون ذلك، أليس في ذلك إزعاج لغير حاجة وتلوث صوتي بيئي. وتلك الملاحظة صحيحة، ولكننا للأسف تعودنا على الإزعاج حتى أصبح أمرا طبيعيا! تاسعا: عدم إفساح المجال والطريق لسيارة الإسعاف مع أن القضية ليست فقط مطلبا مروريا، بل هو تصرف إنساني حضاري وراق. عاشرا: عدم الحفاظ على الممتلكات الخاصة، وخصوصا الحدائق العامة والمنتزهات، وكم رأينا من منظر مخز من رمي المخلفات أو كتابة على الجدران أو تكسير بعض الألعاب وكأنها وضعت لغيرنا. قد تكون تلك السلوكيات والتصرفات لدى البعض ليست بتلك الأهمية القصوى وهي آخر اهتماماته، ولكنها حين تنتشر وتكثر، فإنها تعكس ثقافة البلد وتحضره. ولنتذكر أيضا أن ديننا الحنيف يهتم بأدق التفاصيل حيث إن إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وهو فعل حضاري. وغرس فسيلة قبل أن تقوم الساعة ولو بلحظة هو أيضا مشهد حضاري واهتمام ليس فقط بالوطن، بل هو جزء من الاهتمام ببيئة الأرض وإعمارها!
مشاركة :