التنوع الثقافي وبناء الاقتصاد الإبداعي

  • 3/11/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

استضافت العاصمة أبوظبي في الفترة ما بين 8-10 مارس الجاري، الدورة الرابعة لـ«القمة الثقافية - أبوظبي» التي تنظمها دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، وفي الكلمة الافتتاحية للقمة التي ألقاها معالي محمد خليفة المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة ـ أبوظبي، أكد أن الهدف الرئيس من تنظيم القمة كان قائماً على إدراك حاجتنا الماسة للاتصال مع العالم، والمشاركة في بناء أنظمة حيوية تفاعلية، قادرة على النمو ومواجهة التحديات التي من شأنها أن تؤثر على الدور الثقافي، وإمكانياته في حل المشكلات في ظل الأزمات، مثل جائحة (كوفيد- 19)، مضيفاً: «لا يمكن أن نجد الحلول في أيام ودقائق، إنها تحتاج الالتزام والتواصل المستمر، وهنا في أبوظبي، نأتي معاً، كي نساعد بعضنا بعضاً، وندعم البيئات الثقافية، وأوجه الصناعة المستدامة فيها». منذ انطلاق الدورة الأولى للقمة الثقافية ـ أبوظبي في عام 2017، وهي تشكل منصة استباقية، تعمل وفق منهجية واضحة، لدعم البيئات الإبداعية، من خلال تفعيل السياسات والأنظمة عبر مناقشة التحديات الراهنة لكل مرحلة، إلى جانب التأكيد المستمر من قبل القائمين عليها في دائرة الثقافة والسياحة ـ أبوظبي، على إشراك الجميع، من يعملون ويحتفون بالتجربة الثقافية في العالم، في وضع تصوراتهم وآمالهم ورؤاهم حول ما يُسهم في إثراء الصناعة الإبداعية، باعتبارها محركاً جوهرياً يغذي القطاعات التنموية في كل بلدان العالم. الاندماج والانفتاح واستكملت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، التزامها على مدى سنوات متتالية، بطرح قضايا مهمة، قفزت اليوم على السطح بشكل واضح وبتأثير سلبي، نتاج الأزمة الصحية المتعلقة «بكوفيد ـ 19». ومن أبرز الاشتغالات للقمة بحثها على أثر الوعي بالتنوع الثقافي وحاجتنا للاندماج والانفتاح، عبر طرح أسئلة نوعية، تمس حياتنا اليومية، تنبأت فيها عما يمكن أن تصنعه التكنولوجيا لمواجهة تحديات تهدد البنية التقليدية للأنظمة الثقافية، وبذلك استطاعت مخرجات القمة في سنواتها السابقة، دعم المرحلة الراهنة لمحركات الإنتاج الثقافية، من خلال جاهزية تقديم الدراسات العلمية، وبحث الحلول الجذرية في القمة الثقافية التي أقيمت هذا الأسبوع، في الفترة ما بين 8 إلى 10 مارس من عام 2021. أثر التقنيات الحديثة في تغيير المشهد الثقافي والتواصل بين الحضارات، ونتائج هذه التحولات على التعليم والاقتصاد والسياسة وكافة جوانب الحياة اليومية، ظلت محوراً مركزياً في نقاشات المتخصصين والباحثين في القمة الثقافية، طوال سنوات انعقادها. وحرصت دائرة الثقافة والسياحة في تنفيذ برامجها، بالتعاون مع كبرى المؤسسات والشركات ذات الاختصاص، على الجمع بين الواقعي والافتراضي، ليس فقط على مستوى حضور الضيوف والممثلين الدوليين، بل في إتاحة فُرص التعرف على العروض الفنية الحيّه. واللافت اهتمام البرنامج السابق للقمة في دراسته لآلية الانفتاح الرقمي، في موضوعات عديدة، من بينها الحفاظ على التراث، بفهم المتغيرات المحتملة الناجمة عن التطور السريع للتقنيات الحديثة، وتوفير برامج تعليم الفنون للشباب، وإيجاد طرق جديدة لتمويل الفنون، ومكافحة الأفكار السلبية مثل التطرف، إلى وضع السياسات العامة لتعزيز الإبداع والتنمية الاجتماعية، جميعها عناوين شكلت ما بعد عام 2020، إشكاليات دفعت لإغلاق مؤسسات ثقافية عديدة أو أدت بها إلى يشبه التوقف عن ممارسة دورها الثقافي والاجتماعي، وبالتالي خروجها من المحركات الاقتصادية الداعمة للصناعة الإبداعية. الحوار الثقافي إعادة التفكير بمخرجات القمة الثقافية ـ أبوظبي، في سنواتها المستمرة، إنما هي صياغة لأنشطة مستقبلية، تؤسس لمبادرة ثقافية تعاونية عالمية، تلتزم بتطوير منصة إلكترونية تعاونية لتعزيز الحوار الثقافي وإيجاد منظومة قادرة على قياس التأثير الثقافي بشكل أكثر دقة، ويمكن اعتبار إعلان أودري أزولاي المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، إطلاق «دراسة عالمية» مع دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي حول تأثير جائحة «كوفيد-19» على الاقتصاد الثقافي، ضمن مشاركتها في القمة الثقافية 2021، أمراً يعكس النتائج العلمية والعملية للتعاونات الدولية التي صاغها حضور القمة الثقافية في المنظومة الثقافية العالمية، لتمكن من قياس وفهم وتحديد طبيعة الأزمة وأثرها. الدخول في مسألة التنوع الثقافي، تمت مناقشته وبشكل استثنائي في القمة الثقافية الأخيرة، وذلك لما تستدعيه المرحلة من تكاتف عالمي، للدخول إلى عوالم ثقافية جديدة كلياً، فأغلب المتخصصين، ومن بينهم إرنستو أتون راميريز، مساعد المدير العام للثقافة في منظمة «اليونسكو»، لفتوا إلى الحاجة للانفتاح، في التماهي بين مختلف الثقافات، معتبراً، أن التركيز نحو تمويل حفظ الوظائف في القطاع الثقافي، هو بمثابة مرحلة إنقاذ، وأن تركيزنا، في اعتقاده، يجب أن يصب نحو خلق حالة توازي المتغيرات التي يتطلبها التشكل الثقافي الجديد، من خلال فهم للأدوات الحديثة وممارسة ذلك في إثراء التنوع الثقافي نفسه. «الأنظمة الثقافية المستدامة، في مرحلة ما بعد كوفيد ـ 19»، جاءت أولوية في الأهداف السنوية للقمة الثقافية ـ أبوظبي، وقد أشار إليها محمد المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة ـ أبوظبي، من خلال المشاركة في بناء أنظمة حيوية تفاعلية، قادرة على النمو ومواجهة التحديات التي من شأنها أن تؤزم التنامي الثقافي، وأوجه تطويره، وحضوره كمحرك اجتماعي واقتصادي. وسعت دائرة الثقافة والسياحة ـ أبوظبي إلى توسيع الخيارات المتعلقة بأشكال التعاون الدولي، لعرض أفضل الممارسات الإبداعية، المساهمة في صياغة سياسات ثقافية جديدة تتناسب مع التحول الاجتماعي لمستخدمي التقنيات الرقمية، سواء الأفراد المستفيدين من التجربة الإبداعية الرقمية، إلى جانب المنتجين أنفسهم. ففي القمة الثقافية 2021، عرض البرنامج السنوي مناقشة لـ«دراسة حالة» قدمتها مارلين ريتشي، مديرة Google Arts & Culture Lab، أوضحت فيها آلية تطوير وإطلاق التجارب الفنية والتكنولوجية، وخاصة أنها عملت على تدريب الشركات الناشئة الإبداعية في مجالات الموسيقا والفيديو والفنون البصرية والهندسة المعمارية والتصميم والإضاءة وغيرها. إحدى الدورات السابقة للقمة الثقافية (أرشيفية) إحدى الدورات السابقة للقمة الثقافية (أرشيفية) عروض فنية العروض الفنية في القمة الثقافية ـ أبوظبي، ظلت الفضاء الإبداعي التفاعلي الأبرز، كون السنوات الأولى شهدت حضوراً جماهيرياً لفضاءات مسرحية، مثل عرض «طريق المطر» الذي قدمه الفنان العالمي سيبيل سزاجارس ردفورد، وقد استكشف العرض قضايا التغير المناخي عبر رسم للوحات وموسيقا واستعراضات وأفلام، وإلقاء كلمات برسالة عن البيئة والاستدامة. بينما في عام 2021، حضرت العروض الفنية افتراضياً للجمهور، مشكلين من خلالها إبداعاتهم الفنية، بحالة تعبيرية خاصة بهم، ومن بينهم الفنانة أنجيليك كيدجو، الفائزة بجائزة غرامي عن صنف موسيقا العالم. والجدير بالذكر أن الأداء الفني في القمة الثقافية، لم يأت عبر العروض الحيّة والمسجلة فحسب، بل تجاوز إلى مرحلة التفكير بأثر الأداء الفني على ثقافة صناعة الأفلام، وتحديداً جلسة «كيفية تأثير الوباء على طرق تمثيل وإدراك الثقافة في الفيلم» في برنامج القمة الثقافية 2021، وقد تحدث فيها صانع الأفلام بيير موريل، وهو مخرج فيلم الإثارة TAKEN الفرنسي، الذي وصل إلى ما يقرب من 300 مليون دولار في جميع أنحاء العالم، وأنتج سلسلتين متتاليتين ومسلسلاً تلفزيونياً مبنياً على فيلمه الأصلي الرائج، ما يجعله أحد امتيازات الأفلام المستقلة النادرة.

مشاركة :