الفن يُستخدم في علاج من يشعرون بالإحباطالمدرسة التأثيرية تنفرد بالرؤية اللحظية في زمن لوني محددأسعى لأن تمتلك كل مدينة صخورًا مزخرفة بإرث ثقافي عريق تقديرًا لتراث المملكة واهتمامًا بكل ما يخص الإنسان والوطن؛ كانت رسالتها في لوحاتها تعبّر عن المحبة، الانتماء، والسلام؛ إنها “مها الكافي”؛ الفنانة التشكيلية السعودية التي حرصت على استغلال المساحات والعناصر لإنتاج أعمال فنية برؤية مميزة لإظهار الجمال في حياتنا. وعن لوحاتها ورؤيتها للمدارس الفنية، ودعم المملكة للفنون التشكيلية، كان لـ “رواد الأعمال” هذا الحوار مع مها الكافي؛ التي حدثتنا أيضًا عن أحدث مبادراتها وحرصها على إبراز التراث السعودي للعالم. • كيف تُعرّف مها الكافي نفسها؟ مها الكافي الأم، مها المعلمة، مها الطموحة، ومها المحبة لكل ما هو جميل في الحياة، مها الفنانة التشكيلية؛ التي تعيش الفن وتعشقه. أنا وُلدت بالقصيم، وأعمل بمحافظة الدوادمي، حصلت على بكالوريوس آداب إنجليزي، وأنا معلمة لغة إنجليزية، وكاتبة بالنقد التشكيلي ونُشرت لي مقالات عديدة في مواقع للفنون وصحف مختلفة. كما شاركت مع الأستاذ يحيى زريقان في محاضرة “الموسيقى والفن”، التي نظمتها جمعية “99 جسفت”. • متى بدأ حبك للرسم؟ بعد حبي لأمي وأبي أحببت الرسم منذ نشأتي في طفولتي المبكرة، وكبر هذا الحب مع القرب منه والدخول في عالمه، حتى أصبحت أعيشه ولا أتخيل عالمي بدون ألوان وخطوط وفُرش ومساحات بيضاء ألونها بمشاعري. • إلى أي مدرسة تنتمين؟ عشتُ كل المدارس المتعارف عليها، من الواقعية، السريالية، وصولًا إلى التعبيرية، التجريدية، والتأثيرية؛ ولكن أجد مها الكافي أكثر في التأثيرية. • هل تفضلين المدرسة التأثيرية أم الواقعية؟ ولماذا؟ كلاهما عالم جميل؛ ولكن الانطباعية أو التأثيرية هي الأقرب لفني الذي أحبه لكونها تنفرد بالرؤية اللحظية في زمن لوني يجعلك تشاهد جميع الألوان تتوحد في مساحات مختلفة، وتتأثر ببعضها لتصنع جمالًا لونيًا فريدًا بعيدًا عن المألوف. • ماذا يشكل الفن بالنسبة إليكِ؟ إن الفن عمومًا هو التعبير عن كل ما يدور بداخل الفنان ليحسه المتلقي؛ سواءً كلمة كالشعر والقصص والروايات، أو صوت كالموسيقى والأغاني، أو حركة؛ وذلك لأنه يريد توصيل رسالة من خلالها، وهذه تقريبًا يجمعها المسرح، الذي يُعتبر “أبو الفنون”. أما الفن التشكيلي فهو أعقد أنواع الفنون وأجملها، وهو تعبير لوني من خلال فضاء المساحات، وتشابك الخطوط والخيال. والفن هو عالمي الذي أُعبّر من خلاله. • من هو قدوتك ومثلك الأعلى؟ كل من وهب وقته وجهده وماله في خدمة الفن التشكيلي، وكل من أبدع بجديد في الفن التشكيلي، وكل من هو فنان بداخله، بأخلاقه من أفعال وأقوال وتعامل.لوحات ذات رؤية مميزة • ما هي أهم الموضوعات التي تطرحها لوحاتك؟ كل ما يخص الإنسان والوطن من حب وانتماء وسلام، وإظهار كل ما هو جميل في حياتنا. • كيف تُعبرين عن الموضوعات التي تهمك في لوحاتك؟ هناك شيء بداخل الفنان يجعله يعبر عن أفكاره برؤية تمزج بين العناصر والمساحات والمحسوسات المحيطة به في وقت واحد؛ لتدخله في عالم الخيال الفني الذي يعيشه لحظة إنتاج العمل الفني؛ لينتهي به المطاف في عالم الحقيقة بعد ولادة العمل الفني ووضوح الفكرة.رسالة فنان • كيف يمكن للفنان أن يعبر عن رسالته من خلال اللوحات؟ يمتلك الفن التشكيلي رسالة، فكل ما يطرحه الفنان في لوحاته هي رسالته الخاصة، وبالتالي يختلف كل فنان عن الآخر في اختيار المواضيع، فبعضهم رسالته جمالية، وبعضهم تسجيلية، وهناك من يطرح حلولًا لمشكلة معينة، وبعضهم يبحث عن الخيال، وهكذا. • ما هي أهمية الرمزية في اللوحات؟ الرمزية هي مفاتيح اللوحة التشكيلية التي تدخلك في عمق الفكرة الخاصة بالعمل الفني. الفن التشكيلي في المملكة • كيف ترين وضع الفن في المملكة الآن؟ إن الفن التشكيلي الآن في أوج قوته من خلال رؤية 2030؛ لكن ينقصنا المزادات الفنية وتكثيف المعارض الوطنية الكبرى، فضلًا عن تسليط الضوء على الفنانين من الإعلام، والاهتمام بالنقد التشكيلي. إذا تواجدت هذه الأمور؛ فإن مستقبل الفن التشكيلي السعودي سيكون له بصمه عالمية وتأثير ثقافي عالمي. • كيف كان دعم المملكة للفن التشكيلي من وجهة نظرك؟ المملكة هي الداعم الرئيسي للفن التشكيلي، بداية من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وما قدمته من تأسيس للمراسم بالأندية، إضافة إلى تقديم وتنظيم دورات تشكيلية، ومسابقات مناطقية. وعلى مستوي الدولة يكفي أن نتذكر أن جميع اللوحات الفائزة بالمعارض التي أقمتها تقتنيها الدولة، ممثلة في الرئاسة العامة لرعاية الشباب. والآن في رؤية 2030 فإن أهم الأهداف: تطوير الحركة التشكيلية؛ لتواكب الرؤية من خلال مجالات عده ترتبط بمجموعة جهات كالسياحة، والثقافة، والفنون، والإعلام. وبدأنا نلمس ذلك في أمر صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان؛ ولي العهد، بأن يتم اقتناء اللوحات السعودية في الوزارات والجهات الحكومية، والمقبل أجمل إن شاء الله.مبادرات وأهداف إنسانية • ما الأهداف الاجتماعية وراء مبادراتك.. ولنتخذ “فرشاتي سعادتي” على سبيل المثال؟ كانت لي مبادرات عدة، ومنها مبادرة “فرشاتي سعادتي”؛ حيث استهدفت فيها المرضى بالمستشفى وكبار السن في دار الرعاية للكبار قبل 4 سنوات. كان الهدف من مبادرة “فرشاتي سعادتي” هو إدخال السعادة والأُنس لمن يرقدون على الأسرة البيضاء وهم المرضى الذين يمكثون مدة طويلة. ونحن نعلم أن الفن يستخدم في علاج من يشعرون بالإحباط والوحدة من المرضى؛ لذلك كان الهدف إنسانيًا ينبع من الداخل؛ إذ نسعى لإدخال الفرح والسرور إلى هذه الفئة، والتعبير عن كل ما بداخلهم من هموم وألم من خلال اللوحة؛ لكي يفرغوا ما لديهم من ضغوطات من خلال اللوحة والألوان. وكذلك بالنسبة لكبار السن في دار الرعاية والذين يحتاجون إلى الأنس والرفيق الجيد، ورأيت الفرح في عيونهم وعن طريق إحساسهم الظاهر من خلال لوحاتهم.إرث المملكة العريق • كيف يمكن للوحات أن تجسد تراث المملكة؟ يعتمد ذلك على ثقافة الفنان ومدى إيمانه بأن هناك موروثًا ثقافيًا سعوديًا حقيقيًا من ضمنه التراث؛ حتى يستطيع الفنان أن يقدم هويته الفنية.الرسم على الصخور • حديثنا عن مبادرتك الجديدة في الرسم على الصخور. بدأت مبادرتي الأخيرة”الرسم على الصخور” منذ شهرين، وهي مبادرة شخصية لا تدعمها أي جهة. والهدف منها هو نقل التراث العريق لوطني السعودية؛ من خلال ما تحمله ثقافتنا من تاريخ وإرث زخرفي ونقوش رأيناه حولنا مما نُقش ورُسم على الشبابيك والأبواب، وكذلك الحلي والأواني، وأيضًا الشراشف التي كانت تزين دورنا وأخدودياتنا. أردت أن أرسم الزخارف وأنوّع فيها، وكذلك أنقل كل زخرف خاص بكل منطقة إلى منطقة أخرى؛ فمثلًا اشتهرت “نجد” بالزخارف النباتية ومن خلال توظيف الورود وأوراقها، وأيضًا الزخرف الهندسي الذي استقيناه من الزخرف الإسلامي؛ لأنقلها إلى منطقة أخرى مثل الجنوب. والعكس بنقل القط العسيري مثلًا إلى “نجد” وهكذا؛ لتكون رسالة وحدة تدعم الانتماء والتبادل الثقافي. ومن منطلق دعم المملكة العربية السعودية ورؤية 2030 للفنون؛ ومنها الفن التشكيلي بالطبع، ركزت على أهمية الفنون واستقطاب السائحين من خلال الفن والتراث، فهذه الصخور ستكون وجهة تمتع المتلقي وشاهدًا على ثقافة وإرث وتكوين إلهي جميل. بدأت ورسمت بمنطقة القصيم والدوادمي والطائف والوجهة المقبلة هي جدة ثم الرياض، ومن ثم سأحاول أن أجعل في كل مدينة صخورًا مزخرفة بإرث ثقافي عريق.لوحة خادم الحرمين • ما هي أقرب لوحاتك إلى قلبك؟ لوحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ وهي لوحة واقعية، فحم مقاس عرض متر في ارتفاع مترين. استمتعت برسمها لما يقارب العام الكامل دون انقطاع؛ حيث إنني كنت أرسم كل جزء وأنا مؤمنة بأنه الأب القريب من كل مواطن، وحامي الوطن، ومحقق أحلام شعبه، والباحث عن كل ما يسعدهم من نعيم وأمان. • ما هي هواياتك المفضلة الأخرى؟ أهوى المشي، والدراجات الهوائية، والطيران والسفر. • ما هو طموحك الفني؟ أطمح في أن يكون لي أثر فني ثقافي إيجابي على الصعيد الوطني، تتناقله الأجيال ويفتخر به الوطن. اقرأ أيضًا: المخرجة هناء العمير: نحن نعمل في صناعة ما زالت تتشكل أغلى اللوحات في العالم.. شغف الاقتناء الجمعية السعودية للفنون التشكيلية والعناية بتراث المملكة
مشاركة :