من النفخ في قضية جمال خاشقجي الى تغريدات محمد البرادعي مرورًا بعودة الروح إلى المدعو عيسى قاسم في قم وصولاً إلى تلك الأسماء التي طفحت في فترة ما يُسمى بالربيع العربي، مسائل برزت لتطرح علينا سؤالاً ما الحكاية، هل هو أمر بُيّت بليل. لا يمكن أن تجمع الصدفة ويجمع التوقيت «غير المقصود»، كل هذه المتناقضات في طريقٍ واحد ووقتٍ واحد، ولم تعد بعد تجربتنا المريرة معهم بتلك «الطيبة» او ما يسمونها «السذاجة»، ولن تمر علينا عودتهم معًا بسهولة. إنهم يخلطون ملف خاشقجي بملف «ربيعهم» بما جرى في مصر وسوريا والعراق ولبنان وتونس ويكادون يبرئون أنفسهم من حدث ووقع من كوارث ويحاولون تلبيس دولنا المسؤولية ويحاكمونها في خطاباتهم الموقرة التي ما عادت من جديد من فراغ. حتى الباحثات عن شهرة ونجومية سياسية دخلن على الخط وعدتهن وعتادهن شتمن بلدان المنطقة كون بلداننا مستهدفة بالحملة المشبوهة وتبارت الباحثات عن شهرة في قذفنا والتطاول علينا. قضية السعودي جمال خاشقجي التي أسدلت السعودية عليها الستار وأقفلت ملفها بمحاكمة المتورطين وصدور الأحكام، وذكرى دوار العار توكأ عليها عيسى قاسم بأمرٍ من سادة قم فنفخ فيها بأنفاسٍ متقطعة، والبرادعي من منفاه الاختياري عاد ليغرد ويغمز ويلمس من شرعية الدولة المصرية. بما يعيد إلى الأذهان صور ومشاهد التحضير والاستعداد الذي سبق «ربيعهم» المدمر قبل أكثر من عقدٍ من الزمان، فهكذا بدأوا بالتسلل الماكر والإغواء المخاتل حتى استطاعوا التغرير بالعامة والبسطاء الذين لم يكتشفوهم إلا بعد فوات الأوان وبعد انزلاقهم إلى الدائرة الجهنمية. لكن غباءهم السياسي إنهم يعيدون نفس السيناريو بحذافيره وتفاصيله ومقدماته، وغاب عنهم أن الناس اكتشفتهم وعرفتهم ووقفت على تفاصيل أجندات التخريب والتدمير والتمزيق. قال انشتاين، «الغبي هو الذي يفعل نفس الشيء بنفس الطريقة ويتوقع نتائج مختلفة» وهو ما ينطبق عليهم، ونضيف إن مشكلتهم هي أنهم لم يكتشفوا بعد أن الناس ما عادت تصدقهم وما عادت تثق فيهم، وما عادت صورتهم كما كانت قبل ربيعهم المدمر. لقد مرَّت مياه كثيرة منذ ربيعهم المشؤوم وحرفت معها مخلفات ما شاعوا وأذاعوا وما تساقط من أوراقهم، وهم ما زالوا أسرى أوهامهم التي هرمت وشاخت. فهل يا تُرى بلغت بهم البلاهة السياسية هذا المبلغ ووصلت إلى هذا الحد أم إنهم يلعبون لصالح جهاتٍ تحركهم بالعملة الصعبة حسب رغباتهم وتوجيهاتها. والأدهى في هذا كله حتى السي، آي، إيه، التي بها تمثلوا وبأذيالها تشبثوا وعليها راهنوا، أصيبت بعدوى بلادتهم السياسية فدبجت مقالاتٍ صحفية أسمتها «تقريرًا» فارغًا من المضمون أساء لها كمؤسسة استخبارية لأكبر دولة في العالم، وصدموا هم أنفسهم بما جاء في «تقريرها» المزعوم. لكن هذا كله لن يضع حدًا لحملاتهم وسيستمرون فيها، ويستمر خلطهم للأوراق وصولاً إلى اهدافٍ ليست لهم ولكنها للجهات التي تمول وترعى هذه الأصناف التي تداعت من جديد من مختلف العواصم «لتفزع» ضدنا بعد أن قرعوا لها الأجراس لتبدأ ففاضت بذات الخطابات وبنفس الكلمات والاتهامات بعد أن أخرجتها من بين أنقاض ربيعها المزعوم ونفضت عنها الغبار لتلوث أسماعنا اسطواناتهم المشروخة، لكنه أمر يدبر بليل، فلنحذر ولننتبه.
مشاركة :