قال تقرير "وورلد أويل" الدولي، "إن توقعات انتهاء العصر الذهبي للنفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة تعد دقيقة، خصوصا في ظل المعطيات والمؤشرات الحالية". وأوضح التقرير، اطلعت "الاقتصادية" على نسخة منه، أن البيانات حول حفارات النفط الصخري الأمريكي تشير إلى أن المنتجين ملتزمون بتعهدهم بخفض التكاليف وإعادة الأموال إلى المساهمين وخفض الديون، موضحا أنه إذا استمر الأمريكيون في المسار نفسه فسيثبت ذلك صحة تقديرات تحالف "أوبك+" بأنه يمكن للتحالف أن يحد من الإنتاج ويدفع أسعار النفط الخام إلى الارتفاع دون إطلاق العنان لهجوم الإمدادات من المنافسين الأمريكيين. وأشار إلى أن سوق النفط في حالة تأهب شديد، حيث إن ارتفاع أسعار النفط الخام يجعل الأمر أكثر إغراء لمنتجي النفط الصخري للتراجع عن سياساتهم الراهنة، لكن رقعة النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة لا تظهر إشارات تذكر على عودة حقيقية حتى الآن، وحتى في ظل الزيادة الكبيرة المحتملة في النشاط ستترك إنتاج النفط الأمريكي دون مستويات ما قبل الوباء حتى أواخر العام المقبل. ونقل التقرير عن محللين تأكيدهم أن المنتجين الذين سيظلون منضبطين بشأن الإنتاج يساعدون على إبقاء أسعار النفط الخام مرتفعة، لافتا إلى أن بيانات شركة "بيكر هيوز" تؤكد أن عدد منصات النفط قد قفز بالفعل بنسبة 80 في المائة، بعد أن وصل إلى أدنى مستوياته في آب (أغسطس) الماضي، مرجحا تعزيز قدرة المنتجين على زيادة الإنتاج في حالة تسجيل أسعار أعلى في العام المقبل وما بعده. ونوه بتأكيد بنك "جيه بي مورجان تشيس" أن الشركات الأمريكية تحافظ حاليا على الإنفاق الرأسمالي الثابت مع العمل على تعزيز الجهود الجارية للحفاظ على الإنتاج أو زيادته بتكلفة منخفضة، منوها بأنه في ظل الأسعار الحالية فإن معظم المشغلين البريين في الولايات المتحدة يحققون كفاءة الإنتاج، مشيرا إلى أنه جارٍ بناء زخم قوي لزيادة الإنتاج في 2022. وأشار التقرير إلى تركيز الشركات الأمريكية حاليا على خفض الديون وتسديد المبالغ النقدية للمساهمين من خلال توزيعات الأرباح وتعزيز سياسات الانضباط الرأسمالي وتوليد التدفق النقدي الحر وتقوية ميزانياتها العمومية، لافتا إلى نجاح الشركات الأمريكية في خفض سعر التعادل الاقتصادي للبرميل إلى 33 دولارا للبرميل انخفاضا من 40 دولارا في عام 2019. من جهة أخرى، استقرت أسعار الخام في ختام الأسبوع الماضي بعد قفزات حادة في بداية الأسبوع بسبب الهجوم على المنشآت النفطية السعودية، لكن استقرار الإمدادات والتطمينات السعودية أديا إلى هدوء وتيرة صعود الأسعار، واختتم النفط الخام الأسبوع دون تغيير عن الأسبوع السابق سواء خام برنت أو الخام الأمريكي. وتلقت الأسعار دعما من التقرير الشهري لمنظمة أوبك في الأسبوع الماضي الذي بث معنويات جيدة في السوق في ظل توقعات تعافي الطلب بوتيرة سريعة خلال العام الجاري، إضافة إلى تمديد قيود الإنتاج المعمول بها في مجموعة "أوبك+" حتى نهاية أبريل المقبل إضافة إلى التخفيضات الطوعية السعودية، كما دعم الأسعار أيضا تقلص أنشطة الحفر الأمريكية في الأسبوع الماضي وتسارع وتيرة السحب من مخزونات الوقود. وفي هذا الإطار، أكدت وكالة "بلاتس" الدولية للمعلومات النفطية أن توقعات الطلب المتزايد على الوقود أدت إلى ارتفاع أسعار المنتجات المكررة مقابل النفط الخام. وأوضح أحدث تقارير الوكالة أن الإسراع في وتيرة توزيع لقاحات كورونا في الولايات المتحدة إلى جانب التوقيع على قانون تحفيز مالي بقيمة 1.9 تريليون دولار رفعا الآمال في انتعاش قوي للطلب في وقت مبكر من الصيف المقبل. ولفت التقرير – نقلا عن محللين دوليين – أن هناك توقعات قوية بنمو سريع في الطلب على الوقود، حيث تشير حجوزات السيارات وتذاكر الطيران إلى أن الأمريكيين سيسافرون كثيرا هذا الصيف وهذا من شأنه أن يساعد على زيادة الطلب على الوقود. وذكر أن عمليات السحب الحادة للمخزونات الأمريكية من الوقود دفعت مخزونات البنزين في الولايات المتحدة إلى مستوى حول 6 في المائة، أكثر من المتوسط في الأعوام الخمسة – بحسب بيانات الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أنه وفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، كانت المخزونات أقل من المعتاد في جميع المناطق. ونوه التقرير بأن قيود العرض الحالية من "أوبك+" وانكماش الإنتاج الأمريكي تسببا في تقلص الفجوة بين العرض والطلب نتيجة نمو الطلب المتوقع واستمرار العرض ضيقا بشكل مطرد منذ منتصف شباط (فبراير) الماضي. وأشار التقرير إلى أن تعليقات الرئيس الأمريكي جو بايدن تركز بشكل مستمر على التوقعات الصاعدة المتزايدة للطلب العالمي للنصف الثاني من العام الجاري. وسلط تقرير "بلاتس" الدولي الضوء على تقرير سوق النفط الشهري لمنظمة أوبك الذي صدر في الأسبوع الماضي، وشدد على تعديل توقعات المنظمة للطلب على النفط لعام 2021 بمقدار 220 ألف برميل يوميا إلى 96.27 مليون برميل يوميا، لكن "أوبك" قالت "إن الانتعاش سيعاد تقييمه في النصف الثاني من العام الجاري بعد أن كان مخيبا للآمال" وفق بيانات الربع الأول. وأضاف مفصلا أنه "في حين رفعت "أوبك" توقعاتها للطلب للعام بأكمله عدلت تخفيضها للربعين الأول والثاني"، مستشهدة بارتفاع البطالة الأمريكية واستمرار القيود الوبائية في أوروبا، مشيرا إلى استقرار أسعار النفط الخام على انخفاض وسط هذه التوقعات الضعيفة على المدى القريب نتيجة قوة الدولار الأمريكي. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، جرت تسوية النفط يوم الجمعة قرب 70 دولارا للبرميل، مدعوما بتخفيضات إنتاج ينفذها كبار منتجي الخام وتفاؤل بشأن تعافي الطلب في النصف الثاني من العام. وهبط خام القياس برنت 41 سنتا، بما يعادل 0.6 في المائة، ليبلغ سعر التسوية 69.22 دولار للبرميل، كما أنهى خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي الجلسة على انخفاض 41 سنتا أيضا لتجري تسويته عند 65.61 دولار للبرميل. وأنهى برنت والخام الأمريكي الأسبوع دون تغير تقريبا، وذلك بعد أن لامست الأسعار أعلى مستوى في 13 شهرا يوم الإثنين عقب هجوم على منشآت نفط سعودية. وتتوقع منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" تعافيا أقوى للطلب على النفط هذا العام يتركز في النصف الثاني من العام الجاري. وقررت "أوبك" وروسيا وحلفاؤهما في الأسبوع الماضي الإبقاء على قيود الإنتاج دون تغيير يذكر. وأفادت بيانات من شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة أن نشاط شركات الطاقة الأمريكية يتراجع أيضا، إذ قلصت عدد حفارات النفط والغاز الطبيعي العاملة لأول مرة منذ تشرين الثاني (نوفمبر). وشهدت الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، سحبا كبيرا من مخزونات البنزين الأمريكية الأسبوع الماضي، إذ أحدثت عاصفة شتوية في تكساس اضطرابا في إنتاج مصافي التكرير. وقال محللو "جيه.بي مورجان" في مذكرة "إن استمرار أسعار النفط عند مستويات مرتفعة من المتوقع أن يدفع المنتجين الأمريكيين إلى زيادة الإنتاج، وهو ما قد يضغط في نهاية المطاف على الأسعار". ويتوقع "جيه.بي مورجان" أن يبلغ الإنتاج النفطي الأمريكي 11.36 مليون برميل يوميا في المتوسط مقارنة بـ11.32 مليون برميل يوميا في 2020.
مشاركة :