القدس 14 مارس 2021 (شينخوا) تأتي الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية (الكنيست) المقرر عقدها بعد أسبوع ونصف وسط استمرار تردي أوضاع العرب في إسرائيل وانقسام القائمة المشتركة التي تمتلك 15 مقعدا في البرلمان الحالي. وأعلن منصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة مؤخرا انفصاله عن القائمة المشتركة، وخوض الانتخابات القادمة في قائمة مستقلة. وفي أعقاب ذلك، تعالت الدعوات داخل المجتمع العربي الذي يشكل حوالي 2 مليون نسمة من سكان إسرائيل لمقاطعة الانتخابات البرلمانية العامة الإسرائيلية. ويرى محللون سياسيون إسرائيليون أن الانقسامات والانشقاقات داخل القائمة المشتركة التي تشكل الأحزاب العربية في إسرائيل ستهدد حظوظ العرب خلال الانتخابات المقبلة. واستغلت الأحزاب الإسرائيلية الانقسام داخل القائمة المشتركة من أجل كسب أصوات الناخبين العرب في الانتخابات. وقال المحلل السياسي الإسرائيلي سهيل كيوان لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن "انشقاق القائمة المشتركة فتح الطريق لكل الأحزاب إلى تكثيف دعاياتها الموجهة للعرب". وأضاف "الجميع شعر بأن الجماهير العربية باتت فريسة تستجيب للإغواء مثل الوعد بمحاربة العنف وبحقوق المواطنين غير اليهود، أما الأمر الأساسي والسياسي فالجميع متفق عليه أو يتجاهله أو يتهرب منه". أما المحلل السياسي والباحث في الشؤون الفلسطينية روني شاكيد فيرى أن المجتمع العربي يعيش أزمة اجتماعية لها انعكاسات سياسية تتجلى بضعف وغياب القيادة الجمعية إلى جانب أزمة القضية القومية التي تعيشها القضية الفلسطينية، جميعها أسباب تدفع الفلسطيينين في إسرائيل للبحث عن مصالحهم الشخصية دون الالتفات للمصالح الجمعية. وقال شاكيد "منصور عباس قلب الطاولة، وأظهر وجود خيارات أخرى للمجتمع العربي في إسرائيل، للتصرف داخل السياسة الإسرائيلية ولهذا حصد عدة أصوات". ويرى شاكيد أنه رغم الانقسام الحاصل بالقوائم العربية إلا أن الأحزاب اليهودية لن تحصل على الكثير من الأصوات العربية، مضيفا "اعتقد أن القوائم الإسرائيلية ستحصل على عدد قليل من الأصوات والليكود لن يحصل على أكثر من مقعد في أوساط المصوتين العرب بإسرائيل بأحسن تقدير، فيما ستتقاسم أحزاب ميرتس والعمل المقعد الأخر، لكن هذا لا يشير لوجود تغير في توجهات الناخبين". ووفقا لشاكيد فإن الأزمة التي تعيشها القضية الفلسطينية، وضعف القياده الفلسطينية إلى جانب تغييب دورهم تدفع العرب في إسرائيل للنظر داخلا أكثر فأكثر . وقال "المجتمع الفلسطيني يعيش أحد الأوضاع الصعبة، ويعاني بدوره من غياب قيادة جمعية قوية، ولا يوجد لديها وجهة واضحة، فيما عرب إسرائيل مغيبون عن العمل الوطني الفلسطيني، ولا يسمحون لهم بالدخول والعمل ضمن منظمة التحرير، لذلك لا يتبقى لهم سوى التوجه للعمل في داخل مجتمعهم المحلي، والاهتمام بأنفسهم وبمصالحهم". وتأسست القائمة المشتركة من تحالف سياسي يضم أربع أحزاب تمثل العرب في إسرائيل في 23 يناير 2015. وأثبتت الحملات الانتخابية الثلاث 2020-2019 أن توحيد الأحزاب العربية زاد من عدد مقاعدها، في أبريل 2019 انتقم الجمهور العربي من نوابهم لعدم خوضهم كتلة واحدة، وفازت القائمتان العربيتان بعشرة مقاعد فقط، في انتخابات سبتمبر 2019 زاد الإقبال بشكل كبير بسبب إنشاء القائمة المشتركة التي فازت بالفعل بـ 13 مقعدًا. وخلال الانتخابات الأخيرة في مارس 2020 حصلت القائمة المشتركة على 15 مقعداً في انتخابات الكنيست الـ23 ، وهو أعلى تمثيل حصل عليه العرب في الكنيست الإسرائيلي في تاريخهم. وقال المحلل السياسي الإسرائيلي جاكي خوري أنه "بعد إنجاز القائمة المشتركة في الانتخابات الأخيرة، فإن الكثيرين في المجتمع العربي توقعوا تأثيرا حقيقيا لممثليهم في الكنيست". واستطرد خوري في حديث مع وكالة أنباء ((شينخوا)) المصوتون الآن مترددون هل يقاطعون الانتخابات أم لا، ولكن يمكنهم العودة مرة أخرى إلى صناديق الاقتراع والتصويت للقائمة المشتركة للأسباب ذاتها التي صوتوا للقائمة من أجلها كخطوة تحد. ومنذ إعلان منصور عباس الانفصال عن القائمة المشتركة، سعت العديد من الأحزاب السياسية في إسرائيل لكسب أصوات العرب وعلى رأسهم حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وقام نتنياهو بإدراج أول مسلم وهو نائل الزعبي المعروف عنه تأييده لنتنياهو إلى قائمة حزب الليكود التي ستخوض الانتخابات المقبلة، مخالفا بذلك وعوده لحزبه وناخبيه خلال الانتخابات الأخيرة بأنه لن يشكل حكومة مع العرب. وقال أيمن عودة رئيس القائمة المشتركة خلال إطلاق القائمة حملتها الانتخابية قبل أسبوعين "الكل يريد أصواتنا لأن اليمين يدرك أنه لا يمكن أن يكون معنا ولا اليسار وسط بدوننا". وأوضح عودة أنه خلال الانتخابات الأخيرة حققت القائمة المشتركة إنجازات، ومنعت نتنياهو من تشكيل حكومة يمينة ضيقة. وللمرة الأولى منذ ست سنوات، تخوض الأحزاب العربية الانتخابات البرلمانية في قائمتين منفصلتين. وقال المحلل السياسي الإسرائيلي جلال بنا "على عكس القائمة العربية الموحدة، تركز القائمة المشتركة في دعاياتها الانتخابية على بنيامين نتنياهو في محاولة لتقديمة على أنه غير موثوق به ومسؤول عن تفكيك القائمة وتقسيمها". ويرى بنا في حديث مع وكالة أنباء ((شينخوا)) أن نتنياهو والليكود قادران على الحصول على حصة كبيرة من أصوات الجمهور العربي. ويمثل انفصال عباس عن القائمة خسارة كبيرة للأحزاب العربية، خاصة بعد استطلاعات الرأي التي أظهرت حصول القائمة المشتركة على تسعة مقاعد فقط خلال الانتخابات المقبلة، في حين أظهرت العديد من الاستطلاعات أن القائمة العربية الموحدة بقيادة عباس لن تتجاوز نسبة الحسم. وقال بنا "بدلا من التنافس بين القائمتين على قلوب الناخب العربي، الذي كان يريد قائمة واحدة ويدير حملة لرفع نسبة التصويت فإنهم في الواقع يشنون حملات سلبية ضد بعضهم البعض الأمر الذي سيؤذي أنفسهم أولا وقبل كل شيء". ورفض منصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة توقيع اتفاق تقاسم فائض الأصوات مع القائمة المشتركة التي اتهمته بأنه "متواطئ مع نتنياهو". وحملت القائمة المشتركة في بيان لها عباس مسؤولية عدم التوقيع على اتفاقية تقاسم فائض الأصوات ورأت فيه "تجاوزا خطيرا لخط أحمر جديد يتمثل في تواطؤه المفضوح مع نتنياهو، وشرعنة لغزو نتنياهو والأحزاب اليهودية للشارع العربي". وقال المحلل السياسي عوزي برعام لوكالة أنباء ((شينخوا)) استطلاعات الرأي لا تبشر بالخير بالنسبة لنتنياهو . وأضاف "لكن الانتخابات قد تكون لها نتيجة مختلفة، فنتنياهو يائس من الناخب اليهودي ويحاول الآن جمع الأصوات في الشارع العربي ويعلن للعرب أن الليكود هو موطنكم". خلال الأسابيع الأخيرة خاصة عندما أصبح الانقسام في القائمة المشتركة حقيقة واقعة، فإنهم في المشتركة والقائمة العربية الموحدة يكثرون من إجراء الندوات البيتية ويتجنبون الاجتماعات الواسعة ليس بسبب كورونا، ولكن الاستراتيجية الآن هي الوصول إلى أكبر عدد من البيوت والعائلات. وقد يكون للأجواء المضطربة وهذه الحملات السلبية تأثير مخيف بشكل خاص على معدل الإقبال بين الجمهور العربي وقد يؤدي الغضب والإحباط من القائمتين إلى الامتناع عن التصويت كليا.
مشاركة :