تتجه الأنظار اليوم إلى زيوريخ حيث ستعقد وزيرة العدل الأميركية والمدعي العام السويسري مؤتمرا صحافيا استثنائيا قد يتطرقان خلاله إلى التحقيقات التي فتحت بشأن الشبهات المحيطة بمنح روسيا وقطر استضافة مونديالي 2018 و2022، وإلى وضع السويسري جوزيف بلاتر الذي قرر التخلي عن ولايته الخامسة تحت ضغط فضائح الفساد في الاتحاد الدولي «فيفا». وستوجد وزيرة العدل الأميركية لوريتا لينش في زيوريخ تلبية لدعوة من السلطات السويسرية في الذكرى العشرين لتأسيس الجمعية الدولية للمدعين العامين، وذلك تحت عنوان «ذوو الياقات البيضاء، الفساد وتبييض الأموال». وستعقد لينش والمدعي العام السويسري مايكل لاوبر مؤتمرا صحافيا استثنائيا بعد الظهر. وبدأت فضيحة الفساد في فيفا في 27 مايو (أيار) الماضي وعشية انتخاب بلاتر لولاية خامسة على رأس السلطة الكروية العليا، وذلك عندما قامت السلطات السويسرية وبطلب من القضاء الأميركي باعتقال سبعة مسؤولين كبار في فيفا. واضطر بلاتر بسبب أزمة المصداقية التي يعيشها فيفا والإجراءات القضائية السويسرية والأميركية التي وجهت فيها التهمة إلى 14 مسؤولا حاليا وسابقا منهم شركاء في شركات للتسويق الرياضي، إلى الإعلان عن نيته ترك منصبه، وهو الأمر الذي سيتحقق رسميا في بداية العام المقبل. وحددت اللجنة التنفيذية لفيفا السادس والعشرين من فبراير (شباط) المقبل موعدا للجمعية العمومية غير العادية لانتخاب خلف بلاتر، ويبدو الفرنسي ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي المرشح الأوفر حظا لحصوله حتى الآن على دعم اتحادات قارية مهمة منها أوروبا وآسيا وأميركا الجنوبية. كما فتحت السلطات السويسرية والأميركية تحقيقا قضائيا في ظروف منح روسيا وقطر حق استضافة كأس العالم لعامي 2018 و2022 على التوالي. ورغم حجم هذه الفضائح أصر بلاتر، البالغ من العمر 79 عاما، على أنه لم يرتكب أي خطأ، معتبرا أن فيفا وجد نفسه في هذه الأزمة نتيجة تصرف بعض الأفراد، وقال: «أعلم ما قمت به وما لم أقم به، أنا رجل يتمتع بضمير وأعلم أني نزيه. أنا نظيف ولست قلقا». ورفض بلاتر مقولة إن «الفساد مستشر في فيفا»، وهو قال بهذا الصدد: «المنظمة ليست فاسدة، ليس هناك فساد في كرة القدم. هناك فساد عند الأفراد، لا يوجد فساد عام منظم.. بعض الأشخاص الموجودين أو الذين يخدمون في فيفا قد يكونون فاسدين». ودافع بلاتر عن نفسه عندما سئل عن السبب الذي منعه من الكشف عن الفاسدين في فيفا، قائلا: «المشكلة تكمن في تكوين اللجنة التنفيذية. لا تنتخب اللجنة التنفيذية من نفس الجهة التي تنتخب الرئيس، وبالتالي هناك حكومة لم يتم انتخابها من نفس الجهة، بل هي مختارة عبر انتخابات الاتحادات القارية». وتابع: «وبالتالي، علي الآن أن أستوعب أشخاصا غير تابعين لي. هل يتوجب علي أن أتحمل المسؤولية الأخلاقية عنهم؟ ليس بإمكاني فعل ذلك. بإمكاني وحسب أن أضع بعض الحواجز لكي لا تتكرر هذه الأمور (الفساد). لا يمكنني تحمل المسؤولية الأخلاقية الناجمة عن تصرف الأشخاص». وأصدر القضاء الأميركي في 27 مايو الماضي مذكرة اتهام بحق الترينيدادي جاك وارنر رئيس اتحاد الكونكاكاف في تلك الفترة يؤكد أنه قبض 10 ملايين دولار مقابل 3 أصوات لصالح جنوب أفريقيا خلال عملية التصويت على استضافة مونديال 2010. واعترفت جنوب أفريقيا بأنها دفعت 10 ملايين دولار لكرة القدم في منطقة الكاريبي على أساس الإخوة، ونفت أي فكرة فساد في هذه العملية. وتواصل مسلسل الفضائح وصولا إلى الساعات الأخيرة حيث زعمت شبكة «إس آر إف» السويسرية بأن بلاتر باع حقوق نقل مونديالي 2010 و2014 لوارنر. وأكدت الشبكة أن بلاتر وقع على منح وارنر حقوق نقل مونديالي جنوب أفريقيا 2010 والبرازيل 2014 مقابل 600 ألف دولار أي بنسبة 5 في المائة من قيمتها الأصلية. وأشارت إلى أن وارنر كان لدى توقيع الصفقة التي تمت عام 2005 أحد أبرز زعماء الفيفا بالإضافة إلى شغله منصب رئيس اتحاد الكونكاكاف (أميركا الشمالية والوسطى والبحر الكاريبي). ونشرت الشبكة السويسرية عقدا موقعا من بلاتر باع فيه حقوق نقل كأس العالم 2010 مقابل 250 ألف دولار، وحقوق نقل مونديال 2014 مقابل 350 ألف دولار. وبحسب جيمي فولر الخبير في مكافحة أعمال الرشوة في الفيفا فإن هذا المبلغ يمثل 5 في المائة من القيمة الحقيقية للعقدين. وهي المرة الأولى التي يظهر فيها توقيع بلاتر على أي معاملة ما، ومن شأن هذه المعاملات أن تشكل عامل ضغط على السويسري وقد يخضع للاستجواب بشأنها. يذكر أن النائب السابق لرئيس فيفا جيفري ويب من جزر كايمان قد سلم نفسه إلى الولايات المتحدة ودافع عن براءته بعد مثوله أمام القاضي في محكمة نيويورك الشهر الماضي بتهم الفساد وتبييض الأموال، وقد أفرج عنه بعد أن دفع كفالة قدرها 10 ملايين دولار. أما فيما يخص مونديالي روسيا 2018 وقطر 2022، فأكد رئيس لجنة التدقيق والامتثال في فيفا دومينيك سكالا أنه «في حال وجود إثباتات بأن روسيا وقطر حصلا عليهما (مونديالي 2018 و2022) عن طريق الرشوة وحسب، فبالإمكان سحبهما منهما»، لكنه أكد في السابع من يونيو (حزيران) الماضي أن «هذه الإثباتات لم تقدم».
مشاركة :