أصبح الأبطال الوطنيون الذين دافعوا عن إيران ضد الاحتلال فاسدين وقوة قامعة للإيرانيين معا.. هذا وصف المحلل البارز في معهد دول الخليج العربية في واشنطن علي آلفونه خلال مؤتمر عبر الفيديو نظمه المنتدى.وتحدث عن التطورات الإيرانية المحتملة بعد رحيل المرشد الأعلى علي خامنئي، وكيف يتلاعب الحرس الثوري بتفاصيل اللعبة، وناقش دور المرشد الأعلى في النظام الإيراني، حيث يمنحه مبدأ ولاية الفقيه صلاحيات هائلة، ويجعله بدون أي مسؤولية أمام الشعب. يؤكد أن الخميني كان متأثرا بشدة بمفهوم أفلاطون عن (الملك الفيلسوف)، خشي أن يخدع الديماغوجيون الجماهير، قائلا «إن المرشد الأعلى حارس الشعب، لكن ليس منتخبا منه ولا يخضع للمحاسبة أمامه».ويرى أن المرشد يتحمل المسؤولية فقط أمام مجلس خبراء القيادة، وهي مجموعة صغيرة من رجال الدين الذين تدقق في أهليتهم لتولي مناصبهم عبر مجلس صيانة الدستور الذي يسيطر عليه المرشد الأعلى بطريقة غير مباشرة، وأنه في عهد سلف علي خامنئي، أدى المرشد الأعلى دور الحكم النهائي للصراعات بين أجنحة السلطة المتنافسة ضمن النظام، وفقا لموقع (24) الإماراتي.المرشح الضعيفويصف آلفونه وصول خامنئي للحكم، فيقول «بني النظام الإيراني على مؤسسات متعددة ومتوازية يقيد بعضها البعض لتفادي الانقلاب، طوال سنوات، حافظ خامنئي على التوازن بين هذه المؤسسات بدعم أضعفها، ورغم أن مجلس خبراء القيادة سيختار المرشد المقبل نظريا، سيعكس الخيار عمليا توازن القوى ضمن النظام».ولفت إلى أن من يحظى بدعم مراكز القوى المهيمنة في النظام سيكون خليفة خامنئي، ويذكر ما حصل في 1989 عندما اختير خامنئي خلفا للخميني في عهد الرئيس أكبر هاشمي رفسنجاني الذي كان صانع ملوك لامعا للنظام، دبر التلاعب بجميع مراكز القوى لتصوير خامنئي مرشح تسوية رغم أن الأخير كان في نظر الجميع مرشحا ضعيفا.شبكة تلاعبويؤكد المحلل البارز أنه على الرغم من أن خامنئي لم يكن مرجعية شيعية حسب ما نص عليه الدستور، لكن بمجرد أن انتخبه رجال الدين والموظفون المدنيون المرتبطون برفسنجاني، عدل الدستور ليتناسب مع وضعه الجديد.ويقول «بمقدار ما تلاعبت شبكة رفسنجاني بمسار اختيار خليفة الخميني في 1989، سيحدد الحرس الثوري المرشد المقبل لإيران، بما أنه أهم مركز قوة داخل النظام»، ويضيف «في السنوات الأخيرة، تخلى خامنئي عن القاعدة القديمة لتوازن القوى بين المؤسسات المتنافسة. ففي مواجهة الضغوط المتزايدة بفعل العقوبات الأمريكية والتظاهرات الشعبية المناهضة للحكم، لجأ خامنئي إلى الحرس الثوري لضمان نجاة النظام، ولم يعد الحرس منظمة استخبارية خارجية بل أصبح أيضا منظمة استخبارية داخلية وقوة إنفاذ القانون تحمي النظام من الجمهور».رهائن الحرسويرى آلفونه أنه بعدما بنى الحرس الثوري سمعة إيجابية بين الإيرانيين لخوضه صراعات ضد الأعداء الأجانب، بينما كانت المؤسسات الأخرى تركز على القمع الداخلي، لم يكن قادة الحرس متحمسين لأداء هذا الدور، ويقول «لقد أرادوا أن تكون القوى الأخرى في مواجهة المحتجين مثل ميليشيات الباسيج، وبشكل أفضل الشرطة العادية، لكن نجاة النظام كانت على المحك ولم يكن بإمكان أي مؤسسة أخرى أن تتعامل مع التهديد».في المقابل، طالب الحرس الثوري باحتكار اقتصادي جعله قويا للغاية، وسيكون قادرا بسهولة على التلاعب بالنظام للتأثير في اختيار خليفة خامنئي. فرجال الدين المسنون في مجلس خبراء القيادة سيكونون رهائن الحرس الثوري الذي سيملي من سيكون المرشد التالي في إيران.ديكتاتورية علنيةويرجح آلفونه ألا تصدق توقعات البعض بتخلي الحرس الثوري عن نموذج ولاية الفقيه ليعلن ديكتاتورية عسكرية محضة، وذلك بسبب الاستياء العام المتزايد من الحرس.ويشير إلى أنه برزت مقاربتان بين الشعب الإيراني تجاه الحرس. حظي الأخير باحترام عدد من الإيرانيين بسبب دوره في الحرب مع العراق، لكن الفساد النظامي على امتداد تلك المنظمة ولد الاستياء.ويضيف «الأسوأ أن الحرس قمع الإيرانيين بصرف النظر عن انتمائهم، بدءا بالجزء الأعلى من الطبقة الوسطى في المدن الكبرى الذين تظاهروا ضد الانتخابات المزورة، وصولا إلى الفقراء الذين نزلوا إلى الشوارع للاعتراض على ظروفهم الاقتصادية البائسة».وفي تناقض مع الماضي، أصبح الأبطال الوطنيون أنفسهم الذين دافعوا عن إيران ضد الاحتلال العراقي فاسدين وقوة قامعة للإيرانيين معا.
مشاركة :