دعت الأمم المتحدة الثلاثاء إلى التحقيق في حريق تسبب بمقتل عشرات المهاجرين في مركز لاحتجاز مهاجرين أفارقة في صنعاء، بعد أن نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً اتهمت فيه الحوثيين بإطلاق «مقذوفات مجهولة» عليهم خلال تظاهرة للمطالبة بتحسين ظروف إقامتهم، ما تسبب في وفاة عشرات منهم. ونشرت المنظمة روايات مروعة نقلاً عن ناجين تحدثوا عن التعرض للضرب والشتم ومشاهدة عشرات الجثث المتفحمة في الغرفة التي سجنوا فيها قبل اندلاع الحريق عقاباً لهم على احتجاجهم. ويسيطر المتمردون على العاصمة وغالبية مناطق شمال اليمن منذ اندلاع النزاع على السلطة في 2014 مع حكومة معترف بها دولياً، ويخوضون معارك يومية مع القوات الموالية للسلطة في حرب أحدثت دماراً هائلاً في البلد الفقير. «قضوا احتراقاً» وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان تلقّت وكالة فرانس برس نسخة منه إنّ «عشرات المهاجرين قضوا احتراقاً في اليمن في 7 مارس 2021، بعدما أطلقت قوات الأمن التابعة للحوثيين مقذوفات مجهولة على مركز احتجاز للمهاجرين في صنعاء، ما تسبّب في حريق». وأوضحت أنّ حراس المركز ومسلحين آخرين نقلوا مجموعات من المهاجرين غالبيتهم من اثيوبيا إلى أحد المواقع بعد رفضهم تناول الفطور وحدوث مناوشات مع عناصر الأمن، وطلبوا منهم تلاوة «صلواتهم الأخيرة». ثم صعد أحد أفراد القوة الأمنية إلى سطح الموقع المغلق وأطلق «مقذوفتين» على الغرفة فأحدثتا حريقاً، حسبما نقلت هيومن رايتس ووتش عن خمسة من المحتجزين الذين نجوا. وأظهرت تسجيلات مصورة حصلت عليها وكالة فرانس برس من أحد الناجين عشرات الجثث المتفحمة وقد تكدست فوق بعضها بعضاً، بينما ردد شخص «لا إله الا الله» وهو يبكي، وسار بين الجثث ناجون يبحثون عن أحياء في الغرفة الضيقة ذات الجدران الخرسانية. وقال المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث لمجلس الأمن الثلاثاء «يجب أن يكون هناك تحقيق مستقل في سبب الحريق». وأكد غريفيث «يجب توفير الحماية لجميع الأشخاص في اليمن، بغض النظر عن جنسيتهم». كذلك، أظهر تسجيل مصور نشرته منظمة هيومن رايتش ووتش عناصر أمن يسيرون بين مجموعة من الناجين خارج الغرفة فيما كانت النيران تلتهم الداخل ويتصاعد دخان أسود كثيف. وفي أديس ابابا، قال المتحدث باسم الخارجية ناديا مفتي إن الوزارة تلقت «تقارير عن مقتل 43 شخصاً بينهم العديد من الإثيوبيين في الحريق». كما تحدّثت الوزارة على صفحتها في «فيس بوك» عن دفن 43 منهم في اليمن، لكن التحقيق جار لتحديد عدد الإثيوبيين منهم. المسؤولية وروى أحد المهاجرين لمنظمة هيومن رايتش ووتش «كنت مذعوراً، وكأنّ الدخان شلّ ذهني، كان الناس يسعلون، وأحرقت النيران الفراش والبطانيات.. احترق الناس أحياء، اضطُررت إلى الدوس على جثثهم للهروب». وتمت معالجة مئات المهاجرين في مستشفيات العاصمة وسط انتشار أمني مكثف، بينما فر آخرون إلى مناطق يمنية من بينها عدن في الجنوب. وقال أحد الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلات إنّهم شاهدوا قوات الأمن الحوثية تعيد اعتقال مهاجرين غير مصابين بجروح خطرة. وكانت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للامم المتحدة أعلنت في البداية عن وفاة ثمانية مهاجرين، ثم تحدثت نقلاً عن تقارير محلية عن وفاة نحو 60، داعية السلطات في صنعاء إلى السماح بالوصول «العاجل» لتقديم العلاج للمصابين. من جهتهم، حمّل المتمردون منظمة الهجرة المسؤولية عن الحريق جراء عدم وجود مراكز إيواء مناسبة. وقال المتحدث باسمهم محمد عبدالسلام في مراسلات مع هيومن رايتس ووتش إن «الحادث الذي حصل هو نتيجة اعتيادية تحصل في حوادث مشابهة في كل مكان بالعالم ولا ينبغي تسييسها أو استغلالها خارج سياقها الطبيعي»، مطالباً «بفتح مطار صنعاء لعودتهم إلى بلدانهم». ورغم الحرب المستمرة منذ ست سنوات التي أودت بحياة عشرات الآلاف وأدت إلى نزوح الملايين في إطار أزمة إنسانية تعتبرها الأمم المتحدة الأسوأ في العالم، يعتبر اليمن محطة عبور لعشرات الآلاف من المهاجرين الذين يسافرون بين القرن الإفريقي والسعودية ودول خليجية أخرى. وبحسب أحد المهاجرين الذين تحدثوا لهيومن رايتش ووتش، فإنهم غالباً ما يتعرضون إلى «الإهانات العنصرية، والتهديدات، والشتائم المتكررة»، فيما الطعام محدود ومياه الشرب شحيحة في بلد يقف على حافة المجاعة. ودعت هيومن رايتش ووتش سلطات الحوثيين إلى «التواصل بشكل عاجل مع السلطات الإثيوبية التي يقبع مواطنوها في مراكز الاحتجاز اليمنية الخاضعة لسيطرة هذه الجماعة». وفي السياق ذاته، أكّدت المنظمة الدولية للهجرة وصول 140 مهاجراً إثيوبيا إلى أديس أبابا قادمين من عدن في «أول رحلة» قامت المنظمة بتسهيلها بين البلدين منذ الإعلان عن جائحة كوفيد 19.
مشاركة :