"إعادة برمجة" المواطن الكويتي (٢)!!!

  • 9/15/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

عودا على ذي بدء، ففي المقال السابق توقفت عند مرحلة التسعينيات، وهي مرحلة ما بعد الغزو العراقي، والتي تميزت بائتلاف المكونات العرقية والطائفية والقبلية والحزبية مع بعضها مشكلة كتل برلمانية خاضت الانتخابات وتمكنت من تحقيق مقاعد برلمانية ذات نفوذ، مما جعل المواطنين يلتفون حول تلك المجاميع طمعا في التكسب، وشعور بالاطمئنان بعد أن فقدوا الثقة بالحكومة، وهنا لا بد أن نتوقف برهة في حقبة التسعينيات. إبان الغزو العراقي تنامي لدى المواطنين التعلق الروحاني الديني، مما أعطى الفرصة للتيارات الدينية بأن تتغلغل وتسيطر على التوجه، لذلك جاء مجلس ١٩٩٢ بصبغة دينة تمكنت فيه التيارات الإسلامية السياسية من السيطرة عليه، وتوجيه الدولة إلى الحركات الجهادية حول العالم وإعادة العلاقات مع الدول التي وقفت مع الغزو العراقي للكويت، لدعم حركاتها الجهادية. في تلك الفترة نشطة حركات الجهاد التي كانت الدولة تغض الطرف عنها، لأنها مدعومة من التيارات الإسلامية حلفاء الحكومة آنذاك، وظهرت فتاوي تجيز لبس الأحزمة الناسفة، وحث الشباب على الجهاد، ولكن هل وضعت الحكومة برامج لتأهيل العائدين من أماكن الجهاد، خصوصا ان الخلاف قد ظهر واضحا وجليا بين الحكومات الغربية التي بدأت تعي الخطر بالتفجيرات التي استهدفت الاماكن العامة من الحركات الجهادية الإسلامية ؟. مع بداية القرن الواحد والعشرين الذي استهل بحادثة 9/11، بدأ الخلاف ينتقل فكريا إلى محاربة الدول الغربية التي لها توجهات مناهظة للاسلام، وعلى رأسها أمريكا، ومن هنا تم تعريف "الإرهاب"، وبرز فكر جهادي يستهدف القوات الأمريكية في شبة الجزيرة خاصة، وقد اعتنق بعض الشباب الكويتي هذا الفكر ونفذ عمليات ضد القوات الأمريكية في الكويت، فكيف عالجت السلطة آنذاك الموقف؟ بعد تفشي الفساد الاداري، واستغلال بعض التيارات السياسية الوضع، وظهور ما يعرف "بالربيع العربي" الذي عصف بأنظمة عربية كانت في يوم ما حصون عتيدة، تنامى لدى الشباب الكويتي فكر التغيير الذي تعزز من بعض أعضاء مجلس الأمة وساندته التيارات السياسية، فدفعت بالشباب للقيام بمسيرات ومظاهرات في الشوارع الرئيسية مما أحدث اصطدام مع قوات الأمن واعتقال عدد من هؤلاء الشباب. كذلك دخول مجاميع شبابية يتقدمهم نواب مجلس الأمة، ومازالت القضية منظورة أمام القضاء، والمتورط فيها عدد كبير من الشباب، فكيف عالجت السلطة الموقف. اليوم، الكويت تمر بمرحلة اخطر، وقد يكون ذلك بسبب تراخي الدولة في معالجة الأحداث السابقة، فخلال الأشهر الماضية تم تفجير مسجد شيعي من قبل فكر سني متشدد وظهور خلية تخزن سلاح من فكر شيعي متشدد، وكلاهما هدفه زعزعة الأمن باستخدام العنف المسلح ضد المدنيين؟ وكلاهما ينتمي إليه كويتيين؟؟!! فماذا يعني ذلك؟!. وكيف ستعالج السلطة الموقف؟ من الواضح أن رواسب الماضي مازالت عالقة في فكر وعقيدة البعض، ولا يمكن إزالتها مالم يكن لدى الدولة منهج مبرمج يوضع من قبل مختصين، فلا يكفي أن يكون لدينا وزارة للشباب والتي من الواضح بأنها بعيدة عما تناولته في هذا المقال، فالعقيدة التي تغرس في العقول منذ الصغر لا يمكن أن تغيرها برامج سطحية لا تتناسب مع عمق الاعتقاد. على الدولة أن تفكر جديا ببرامج معالجة وتأهيل لكل الفئات التي حدث معها اختلاف، او تأثرت، فلا يمكن استئصال الفكر إذا أصبح عقيدة وتوارثته الأجيال، وهو ما يستدعي التدخل بشكل علمي لإعادة برمجة المواطن الكويتي. د. فوزي سلمان الخواري @dr_alkhawari

مشاركة :