بيروت - شدد رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري اليوم الخميس بعد اجتماعه بالرئيس ميشال عون على أن الأولوية هي تشكيل الحكومة لوقف الانهيار الاقتصادي واستئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي، مشيرا إلى أن هناك فرصة يجب الاستفادة منها، بينما يغرق البلد في أزمات متراكمة تدفع به نحو المجهول. وقال الحريري في مؤتمر صحفي "الهدف الأساسي من أي حكومة هو وقف الانهيار الذي نواجهه اليوم" والمضي قدما لمعالجة الأزمة مع صندوق النقد واستعادة ثقة المجتمع الدولي. وأعلن الحريري، الخميس الاتفاق مع عون على عقد اجتماع ثنائي بينهما الاثنين المقبل، لبحث إمكانية الوصول لحكومة جديدة بأسرع وقت ممكن. وقال في مؤتمر صحفي عقب لقائه عون في قصر الرئاسة شرقي بيروت، إنه اتفق مع رئيس البلاد على الاجتماع مجددا يوم الاثنين المقبل، مضيفا "سيكون هناك أجوبة حول إمكانية وصولنا إلى حكومة في أسرع وقت ممكن"، دون مزيد من التفاصيل. يأتي اجتماع الخميس بعدما دعا الرئيس عون رئيس الوزراء المكلف أمس الأربعاء إلى تشكيل حكومة جديدة على الفور أو إفساح الطريق لآخر يستطيع ذلك. ورد الحريري بالقول إنه سيجتمع مع عون مجددا لبحث الأسماء التي قدمها "قبل أسابيع" للحكومة، لكن إذا لم يكن بمقدور عون الموافقة عليها فإنه عندئذ سيدعو لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وأشار الحريري إلى أن اجتماعه اليوم مع الرئيس عون، جاء "للتخفيف من الصدام الذي ظهر أمس ولتهدئة الأمور"، موضحا أنه استمع إلى ملاحظات رئيس البلاد، وتحدث معه حول تطلعاته لتشكيل حكومة اختصاصيين تضم 18 وزيرا لإخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية الحالية. وتابع "الهدف الأساسي لأي حكومة هو وقف الانهيار الاقتصادي"، مضيفا "سأبقى صريحا. الآن هناك فرصة (لتشكيل الحكومة) يجب الاستفادة منها"، دون أن يذكر تفاصيل أكثر حول هذه الفرصة. وعقب شهرين من تكليفه أعلن الحريري أنه قدم إلى رئيس البلاد "تشكيلة حكومية تضم 18 وزيرا من الاختصاصيين غير الحزبيين". لكن عون أعلن آنذاك اعتراضه على ما سماه بـ"تفرد الحريري بتسمية الوزراء خصوصا المسيحيين، دون الاتفاق مع الرئاسة". ومنذ أكثر من عام يعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، وفاقمتها تداعيات جائحة كورونا، وانفجار كارثي بمرفأ العاصمة بيروت في 4 أغسطس/آب الماضي. وبينما تتراكم الأزمات في لبنان على وقع انهيار الليرة وارتفاع الأسعار الجنوني وتردي الأوضاع، وارتباك القطاعات الحيوية في البلاد، أضربت الخميس صيدليات في كامل أنحاء البلاد عن العمل وحددت محطات البنزين حصصا لتوزيع الوقود الشحيح مع تنامي الغضب الشعبي إزاء الانهيار الاقتصادي المتسارع في البلاد دون مؤشرات تُذكر على نهاية الجمود السياسي. وهوت الليرة اللبنانية 90 بالمئة، مما أدى ذلك إلى سقوط كثيرين في براثن الفقر وعرَّض واردات أساسية للخطر مع تزايد شُح الدولار. وقال محمد الحاج علي من مركز كارنيجي للشرق الأوسط "نحن ننظر حقا إلى الهاوية، ونراها بوضوح شديد"، مشيرا إلى الإخفاق المستمر منذ وقت طويل في تشكيل حكومة جديدة قادرة على الاستمرار وإطلاق إصلاحات. وأضاف أن الأحزاب السياسية الرئيسية ومنها جماعة حزب الله المدعومة من إيران وحليفة عون، تعيد تقييم مواقفها لأن التأخير يؤدي إلى تفاقم الانهيار الاقتصادي وتنامي الاضطرابات. وأخفق الساسة منذ أواخر 2019 في الاتفاق على خطة إنقاذ تمكّن لبنان من الحصول على تمويل خارجي يحتاجه بشدة. وقال دبلوماسي فرنسي أمس الأربعاء إن بلاده وشركاءها الدوليين سيحاولون زيادة الضغط على الساسة اللبنانيين في الأشهر المقبلة. وتزامنا مع لقاء عون والحريري قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس، إن بلاده تحتاج خلال الأسابيع القادمة لـ"تغيير النهج والأسلوب فيما يتعلق بلبنان". وتقود فرنسا جهود مساعدة لبنان الذي كان مستعمرة فرنسية فيما مضى، لكن نفوذ حزب الله وسعيه لتثبيت تمثيله في الحكومة المقبلة يعثر المساعدات الدولية إلى لبنان لاسيما وأن دولا خليجية وغربية تصنف الجماعة الشيعية على لائحة التنظيمات الإرهابية. وعلى ضوء انهيار الليرة أغلقت محلات البقالة أمس الأربعاء وحذرت المخابز من أنها قد تضطر إلى أن تحذو حذوها. كما أغلقت كثير من الصيدليات أبوابها اليوم الخميس ووضعت لافتات مضيئة مكتوب عليها إضراب. وقال الصيدلي علي عبيد وهو من بيروت إنه لم يعد في مقدوره تحمل النفقات. وأضاف "الصيدليات ستغلق بصورة دائمة لو استمر الوضع على ما هو عليه". وأثارت تعليقات باحتمال إنهاء الدعم على مواد أساسية بينها الوقود والقمح والدواء، وهو أثار ا موجة شراء قوية، حيث اصطفت السيارات أمام محطات الوقود هذا الأسبوع وأثارت مشاهد المشاجرات على السلع المدعومة في المراكز التجارية مخاوف اللبنانيين بخصوص احتياجاتهم الأساسية، في مشهد يشبه مشاهد المجتمعات التي تعاني المجاعة. وتسبب الانخفاض الحاد في قيمة الليرة في خروج المحتجين إلى الشوارع هذا الشهر حيث أغلقوا الطرق غضبا من الطبقة السياسية التي تهيمن على مقاليد الأمور منذ تسعينات القرن الماضي.
مشاركة :