هل للأرقام المتكررة الذكر في الكتب الدينية والقصص العالمية والأحداث التاريخية معان معينة وأسرار ومكنونات ذات مدلولات مترادفة أو بينها دلالات متشابهة؟ وهل للأرقام عند البعض وتفضيل بعضها وربما التشاؤم من بعضها جوانب بالضرورة تخدم خيارات وحاجات مرتبطة بموروثات تاريخية أو تجارب حياتية سواء كانت إيجابية أو سلبية؟ و كثيراً من القصص الموروثة و الروايات الدينية يتكرر فيها أرقام مثل 3 و 7 و 70 و 99 و غيرها.. و هكذا أرقام و رموز تتكرر في أغلب الحضارات و منها الإغريقية و الإسلامية و المسيحية و التوراتية و الهندوسية و البوذية و سواها من الكتب المقدسة .. و كلها أرقام للدلالة على أمور يراد بها إيصال معلومات للعامة من أجل الإقناع بمفاهيم و عِبر و دروس في الدين و الدنيا.. فالرقم 1 مثلاً هو رمز التوحيد و3 للثالوث المقدس و7 تقدسه الديانات السماوية الثلاث، ويشمل خلق الكون والطواف وأسرار الكون.. والأرقام 666 و13 نذير شؤم عند أغلب المسيحيين.. فلننظر إلى بعض هذه الأرقام الأكثر شيوعاً . الرقم 1: للرقم 1 في علم الطاقة سر خاص كونه أول الأرقام وهو رقم محايد يدل على بداية جديدة أو ولادة، فإنه يحدّثنا عن الوحدة، وعن التفرد، ومن ثم عن الاكتفاء بالذات، وهي تلك الصفات الخاصة بالذات الإلهية. .فسورة الإخلاص يتكرر فيها مصطلح التوحيد باستمرار «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ». يعتبر بعض المتخصصين في الحياة الاجتماعية أن الرقم 1 له أثر إيجابي على مسار الحياة، حيث يتمتع أصحاب الرقم 1 بشخصية مختلفة ومميزة، فهم يتسمون بالتصميم والإصرار ويمتلكون إرادة صلبة وعزيمة قوية وعاطفة جياشة ويصرون دائماً على تحقيق أهدافهم وطموحاتهم مهما كانت الوسائل والطرق ويسعون خلف الحرية والاستقلال.. فهؤلاء يرفضون القيود بكل أشكالها، ويستطيع أصحاب مسار الحياة المرتبط بالرقم 1 القيام بكل الأعمال الصعبة التي تتطلب تخطيطا وتنظيما ويساعدهم على ذلك شخصيتهم القيادية والطموحة. الرقم 3: هل لاحظتم مثلاً أنه في أغلب الرياضات يبدؤون بالعد من 1 إلى 3، بالذات في السباقات بشتى أنواعها.. في حين تنتهي بعض المسابقات بالعد من 1 إلى 3، كالمصارعة الحرة؟ وفي كل المسابقات الأولمبية والمسابقات الرياضية يعتلي المنصة الثلاثة الأوائل. وحال الأرقام أو العدد 3 نجده عند الإشارات المرورية بألوانها الثلاثة، الأحمر ثم الأصفر فالأخضر.. بل حتى الفرق الموسيقية كثيراً ما يبدؤون بالعد من 1 إلى 3 كتنظيم لبدء العزف في آن واحد!! وتكون الأسرار محفوظة بين اثنين، وتفقد سريتها إذا أصبحت بين 3 أشخاص.. وفي عالم الفن شاهدنا المهرجين الثلاثة وثلاثي أضواء المسرح والثلاثي الكوكباني، وغيرهم.. وفي مناسك الحج نرجم 3 رموز للشيطان.. وفي أغلب أماكن العمل يُعطى الموظف المقصر أو المخالف 3 إنذارات قبل الفصل، وعملية الطلاق تكتمل النصاب وتكون بائنة لا رجعة فيها إذا تكررت 3 مرات!! أما كوكب الأرض فيأتي في المرتبة الثالثة من حيث ترتيب الكواكب بعداً عن الشمس.. وفي بعض الحضارات القديمة كانوا يقدسون الرقم 3 لأنه يرمز للسماء والأرض والبحار.. وعند غالبية المسيحيين إيمان بالثالوث المقدس، الآب والابن والروح القدس.. وعندما جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله.. من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أمك.. قال: ثم من؟.. قال: أبوك. أي كرر «أمك» 3 مرات للتأكيد وللدلالة على أهمية دور الأم ووجوب حسن معاملتها. وفي القرآن الكريم إشارات عديدة للعدد 3، كوصف الله تعالى لبقرة بني إسرائيل بثلاث صفات (لا فارضٌ ولا بكر، صفراء، لا ذلول).. وكان أول المدد لأهل بدر 3 آلاف من الملائكة.. وللمتمتع بالحج والعمرة صيام 3 أيام.. وكانت حجة «إبراهيم» على قومه 3 (الكوكب والقمر والشمس).. ولا تتزوج المطلقة برجل آخر إلا بعد 3 حيضات.. وعدة المرأة التي يئست من الحيض 3 أشهر.. وكفارة اليمين من بين 3 (إطعام أو كِسوة أو تحرير رقبة) .. وقد فارق سيدنا «الخِضر» سيدنا «موسى» عليه السلام بعد 3 مواقف.. وكانت آية سيدنا «زكريا» عندما رزقه الله «يحيى» صيام 3 أيام.. والإنسان يمر بـ3 مراحل عند تكوينه (في ظلماتٍ ثلاث).. ونزل العذاب بقوم ثمود بعد 3 أيام.. بل وأقصر سور القرآن الكريم تتكون من 3 آيات، (سورتي العصر والكوثر). الرقم 7: أيام الأسبوع 7، والسماوات 7، والأراضين 7، وطبقات الجنة 7، وأبواب جهنم 7، واكتمال نمو الأجنة البشرية في 7 أشهر، والطواف حول الكعبة 7 دورات، والسعي بين الصفا والمروة 7 أشواط.. ويقال إن يوم القيامة في اليوم السابع من الأسبوع، وعدد آيات سورة الفاتحة 7، وعدد جمرات رمي رموز الشيطان 7 لكل رمز، بل يتكون قول الشهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) من 7 كلمات.. وفي أسباب الشفاء أمرنا الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) أن نقول 7 مرات: (أعوذُ بالله وقدرته من شرِّ ما أجد وأحاذر) [رواه مسلم]. وحتى الشمعدان اليهودي يتكون من 7 أضلاع أو 7 شمعات، وقيل إنها ترمز لأيام الخلق الستة وحيث ارتاح بعدها الرب في اليوم السابع (بحسب معتقدهم). هل لاحظتم أن عدد قارات الأرض 7، والبحار أو المحيطات العظمى 7، وألوان الطيف الأساسية 7، والمعادن الرئيسية في الأرض 7، وعجائب الدنيا 7، والأقزام 7 في قصة «بياض الثلج»، وحتى لدى الطيور المهاجرة نراها تطير في السماء في تشكيل 7.. والعجيب أننا نجد عدد فقرات الرقبة 7، عند الإنسان كما عند الزرافة والحوت والقنفذ والخفاش وغيرها من الكائنات رغم تفاوت الأحجام والأطوال!! ويقال إن بعض الباحثين من جامعة «هارفارد» الأمريكية الشهيرة وجدوا أن الإنسان بشكل عام لديه القدرة على الاستيعاب والتذكر بمقدار 7 بيانات من المعلومات، وبناءً عليه قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتحديد الأرقام الأساسية للهواتف بـ7 أرقام! الرقم 10: الغريب في أمر الرقم 10 أنه يرتبط في عالم رياضة كرة القدم بالذات بكونه رقم أكثر اللاعبين شهرة وتميزاً.. القميص رقم 10 يعني الكثير في كرة القدم وهو يختلف عن بقية الأرقام الأخرى، وعادة ما يكون حامل هذا القميص عملة نادرة، فهو من يتولى صناعة اللعب والربط بين خطي الدفاع والهجوم، وغالباً يكون صاحب الرقم 10 هو الهداف والقناص المتميز في فريقه.. ولأن حامل الرقم 10 يعتبر عملة نادرة فإن عدد المبدعين في هذا المركز يعدون على الأصابع.. وبالعودة إلى التاريخ نجد نخبة من الأسماء حفرت اسمها في ذاكرة عشاق الكرة. ومن بين عمالقة هذه اللعبة نجد أصحاب القميص رقم 10 في منتخبات بلدانهم مثل البرازيلي «بيليه» و«زيكو» و«رونالدو» و«رونالدينهو» و«نيمار»، والأرجنتيين «مارادونا» و«ميسي»، والفرنسيين الأشهر «بلاتيني» و«زين الدين زيدان»، والإيطاليين «باجيو» و«روسي»، والألماني «لوثر ماتيوس»، والروماني «خورخي هاجي»، والمجري «بوشكاش»، والمصري محمود الخطيب الشهير بـ«بيبو» رئيس النادي الأهلي حاليا، وأيضا «محمد صلاح» نجم ليفربول حاليا، والبلجيكي «هازارد»، والإنجليزيين «رووني» و«رحيم ستيرلنج» والمكسيكي «دوس سانتوس»، والنيجيريين «رشيدي يكيني» و«أموكاتشي»، والسعوديين «سعيد العويران» و«سامي الجابر»، والمرعب الكويتي «عبدالعزيز العنبري».. وغيرهم الكثيرون ممن ارتدوا هذا الرقم عبر تاريخ اللعبة ممن لا تتسع مساحة المقال لذكرهم جميعاً! وللحديث عن الأرقام تتمة في الجزء الثاني. { أكاديمي بحريني mazeej@gmail.com
مشاركة :