سر الأرقام في الأديان واللغات والحياة (2)

  • 3/26/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

نتابع هنا الحديث عن الأرقام و خصوصيتها تكملة للجزء الأول. الرقم 11: يعتقد البعض أن هذا الرقم الذي يتألف من 1 و1 إنما يشير إلى الله الواحد الأحد، وهو عدد أولي لا ينقسم إلا على نفسه وعلى الواحد.. وإن هنالك وجودا لتناسق رقمي في كتاب الله يعتمد على العدد 11، و بالتالي فهو دليل على أن الذي أحكم هذه الأعداد هو الواحد الأحد سبحانه وتعالى!  لقد جعل الله عدد حروف (قل هو الله أحد) 11 حرفا ليدلنا على أن الذي نزل القرآن هو الواحد الأحد سبحانه.  وهذه الآية التي تشهد على وحدانية الله هي 11 حرفا سواء عددنا الحروف كما تُلفظ أو كما تكتب! بالنسبة إلى بلدة «سولوتهورن» السويسرية، يفضل سكانها عقد الاجتماعات عند الساعة 11، و أن أي تأخير عن ذلك الموعد فهو فأل سيئ الطالع.. والقصة لا تقف هنا، فعلى جدار أحد المصارف عُلّقت ساعة حائط تحمل 11 رقما فقط، كما يدق تمثال معدني على شكل مهرج 11 جرسا في تمام الحادية عشرة صباحا.. وترتبط البلدة بالرقم 11 إلى حد كبير لدرجة أنها تضم 11 كنيسة كبيرة و11 كنيسة صغيرة و11 نافورة و11 برجا و11 متحفا. وأيضا، انتشرت في الآونة الأخيرة معجزة مزعومة عن عدد الكواكب في مجموعتنا الشمسية وأن القرآن قد أشار إليها في قوله تعالى على لسان سيدنا «يوسف» (عليه السلام): «إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِين».. بينما كان العالم منذ القدم يعتقد بوجود 6 كواكب، ثم 8 كواكب في مجموعتنا الشمسية، وهي: عطارد والزهرة والأرض والمريخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون.. وقد تم لاحقا إدراج كوكب (قزم) جديد، وهو كوكب بلوتو، ما يجعلها تسعة كواكب.. لكن بعض علماء الفلك يجزمون بوجود كوكب عاشر ويطلقون عليه حتى الآن اسم الكوكب (X).. وهنالك أيضا الحديث عن كوكب يطلقون عليه (Eris)، وهذا الأمر يترك المجال مفتوحًا أمام احتمالية وجود كوكب آخر أيضًا، أي 11 كوكبًا، ما قد يتوافق مع حلم سيدنا «يوسف» (عليه السلام)! ويتساءل كثيرون عن معنى الرّقم 11، والجواب أنه في علم الأرقام، يرمز الرقم 11 إلى عدد من الصفات والمفاهيم، أبرزها: الغريزة، والشجاعة، والإرادة، والإحساس، والوعي والتناقض.. وبالنسبة إلى الكثيرين، فإن الرقم 11 هو مصدر تفاؤل وهو عادة ما يظهر في الأمور الروحانية والعاطفية، كما في الطموح الذي يجمع الحلم والابتكار، وإلى التأثير الذي يربط بين الإبداع والغريزة والمظاهر السريعة.. ويتفائل البعض من رؤيتهم الرقم المتكرر 11:11 على أنه من الأدلة الروحانية التي تبشر الشخص بأنه يسير على الخطى الصحيحة نحو مراده ومبتغاه، وأن النجاح بات قريبا..، وقد ذهب المعلمون الروحانيون في الغرب وأقصى الشرق إلى القول إن الملائكة تحيط بالإنسان في كل وقت وزمان ولكل ملاك رقم معين وأن تكرار الأرقام هي رسالة من الملاك الحارس لكل فرد. الرقم 12: إن للعدد 12 خصوصية عن باقي الأرقام.. أنا شخصيا أحب الرقم 12 من منطلق تجربتي كمعلم للغة الإنجليزية.. إذ إننا كثيرا نحتاج إلى تقسيم الطلبة في الفصل إلى مجموعات لأجل تشجيع المحادثة بين الطلبة وممارسة بعض النشاطات الفصلية.. لذا أفضل أن يتكون مجموع عدد الطلبة في الفصل الدراسي من 12 فقط لسهولة تقسيم المجموعة إلى مجموعتين من 6 طلاب.. أو 3 مجموعات من 4 طلاب.. أو 4 مجموعات من 3 طلاب.. أو 6 مجموعات من طالبين.. وهكذا.. وفي أيام شبابي كنت أفضل القميص رقم 12 في كل الرياضات التي كنت أمارسها في المدرسة والأندية وحتى أيام الجامعة. فالرقم 12 يعدُّ بمثابة الرقم المثالي؛ لأنه أصغر رقم يمكن قسمته على اثنين أو ثلاثة أو أربعة أو ستة ما يسهل جدا العمليات الحسابية التي تجرى به، وهذه السهولة في التعامل هي ما دفعت بالسومريين إلى أن يستخدموا نظامًا في حساب الوقت يعتمد على الرقم 12، وهو النظام الذي مازال يستخدم إلى الآن.. لكن بعد هذا الرقم المثالي يأتي الرقم 13 الغريب وغير المرغوب فيه، والذي لا يقسم إلا على نفسه؛ لأنه أحد الأرقام الأولية، فربما إذن كان خوف الناس من المجهول الذي يحمله الرقم 13 هو الذي دفعهم إلى التشاؤم منه. هل لاحظتم مثلا أن عدد ساعات النهار 12.. والليل 12.. وعدد شهور السنة 12.. والبروج 12.. وعدد العيون التي فجرها النبي موسى ليشرب منها قومه 12 عينًا.. والأسباط 12 سبطًا.. والنقباء 12.. والحواريين 12.. وكلمة التوحيد (لا اله إلا الله) تتكون من 12 حرفًا.. و(محمد رسول الله) 12 حرفًا و (النبي المصطفى) 12حرفًا و(الصادق الأمين) 12 حرفًا، وأن (أمير المؤمنين) 12 حرفًا.. و(خليفة النبيين) 12 حرفًا، وهكذا يمكن لنا تطبيق الأمر على مسميات عديدة. بل ويعتقد الكثير من علماء الروحانيات بأن للرقم 12 خصوصية تعكس دلالات وحسابات تتعلق بمصير كل فرد من البشر وترتبط بشكل أو بآخر بماضيه وحاضره ومستقبله. الرقم 13:  أما الرقم 13 فهو رقم مميز كونه شؤمًا وغير مرغوب فيه، بالذات في العالم المسيحي.. بل ويزداد التشاؤم من الرقم 13 في التقويم إذا صادف يوم الجمعة، حيث يعتبر البعض في العالم الغربي «المتمدن» الرقم 13 رقما مشؤومًا، ولذا لا يرغب بعضهم أن يرتبط هذا الرقم بأي شيء يخصهم.. فهم يتجنبون أن يكون رقم منزلهم 13، أو رقم غرفتهم في الفندق 13 أو المكان الذي يسكنون فيه، ولا يرغبون في تناول الطعام على مائدة عليها 13 شخصًا.. ويقال إن بعض الفنادق والبنايات السكنية تتجاوز ترقيم الدور الـ13 وتقفز بالترقيم من 12 إلى 14 مباشرة، بل وتتجاوز ترقيم الشقق والغرف بهذا الرقم المنحوس!! ويسري الاعتقاد العام بأن في روما القديمة كانت تجتمع الساحرات في مجموعات تضم 12، أما الرقم 13 فهو يكون رقم سيدهم الشيطان.. ويقال إن الإسكندنافيون القدماء كانوا يعقدون حبل المشنقة من 13 عقدة.. ويؤمن البعض أن «حوّاء» أعطت «آدم» التفاحة المحرمة ليأكلها يوم جمعة ويفضلون الاعتقاد أنه كان يوم الجمعة 13 من الشهر.. بل ويذهب البعض إلى الاعتقاد أيضا أن «قابيل» قتل أخاه «هابيل» في مثل هذا اليوم.. ويزخر الإرث الحضاري بقصص وروايات والكثير من الصدف التي جمعت بين الرقم 13 وبين أحداث مأساوية واغتيالات سياسية.. ومن المفارقات الغريبة أن اللاعب الألماني الأسطورة «جيرالد موللر» كان يرتدي القميص رقم 13 عندما فاز بلقب هداف كأس العالم في عام 1970. أما من باب المنطق فلا يوجد أي مبرر يجعل رقمًا ما محظوظًا، وآخر مشؤومًا، غير أن تكون عقولنا هي ما تضفي هذه الصفة أو تلك على هذا الرقم.. فعلى سبيل المثال لو كان مترسخًا لدى وعينا الجماعي التشاؤم من رقم آخر غير الرقم 13 لميزنا هذا الرقم الآخر في المصائب اليومية بدلا من الرقم 13.. ويبرز خبير السلوك البشري «إيغور رادون» من جامعة «هليسنكي» أن المشاكل التي تعاني منها الدراسات التي تقر بأن هناك علاقة وثيقة بين الرقم 13 وسوء الحظ هي أن تلك الدراسات ركزت فقط على البيانات الإحصائية عن عدد الحوادث أو اتجاهات السوق والبورصة وغيرها التي تصادفت مع الرقم 13. أليس من الحكمة أن يرجع الإنسان إلى عقله وثقافته التي تؤكد بلا أدنى شك أن الأرقام لا تتحكم به، بل على العكس فهو الذي خلق الأرقام، سواء في الحضارة الهندية أو العربية أو الغربية وكيف أسهم اختراع الأرقام في وجود العديد من العلوم ومنها الرياضيات والجبر والهندسة والعمارة، حتى اختراع الهاتف ومن ثم الحاسوب.. فاليوم نجد أن كل الأنشطة الحياتية والعلمية والرياضية تعتمد على الأرقام بشكل أو بآخر. ويقول الأستاذ «د. محمد عبدالله المطوع» في موقع (البيان): «وفي هذه المناسبة لعلنا نذكر هوس الرغبة في امتلاك أرقام معينة، فلدى البعض تعني مكانة اجتماعية، ولديه الاستعداد أن يدفع الملايين لامتلاكها، على حين أنها لا تعني شيئا لدى آخرين.. فكم من رقم معين في سحوبات اليانصيب جعل البعض يمتلك الملايين بضربة حظ أو بكبسة زر.. لكن على الإنسان ألا يعتمد في حياته على الصدفة، بل عليه أن يعمل لخلق حياة أفضل من دون الاعتماد على الصدفة، أو ضربات الحظ، أو التشاؤم، فقد تكون الصدفة هي اللحظة التي تفصل بين الحياة والموت، ومن هنا فإن التخطيط السليم يؤدي إلى تحقيق الغايات والأهداف، وعدا ذلك فهو تخمين.. عادة ما يخيب.. وأخيرا فإن الحياة هي التفاؤل.. فكن متفائلا.. ما دمت حيا». ‭{‬ أكاديمي بحريني mazeej@gmail.com

مشاركة :