في تطور مفاجئ من شأنه أن يخلف تداعيات سياسية، قرر حزب الاستقلال المغربي المعارض فك الارتباط مع تحالف المعارضة الذي يضم أحزاب: الأصالة والمعاصرة، والاتحاد الاشتراكي، والاتحاد الدستوري، وإعلانه المساندة النقدية للحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الإسلامية، بدل معارضتها. واتخذت اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، التي انعقدت بشكل مستعجل الليلة قبل الماضية برئاسة حميد الأمين العام للحزب، قرار مساندة مرشحي حزب العدالة والتنمية ضد مرشحي حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، في جهتي الدار البيضاء الكبرى، وطنجة - تطوان - الحسيمة. بيد أن أعضاء الحزب في المدينتين لم يلتزما بقرار الحزب. وصوتا لصالح مرشحي «الأصالة والمعاصرة»، مصطفى الباكوري، واليأس العمري. وتضمنت القرارات السياسية المفاجئة التي اتخذها حزب الاستقلال، الدعوة لاجتماع استثنائي للمجلس الوطني (برلمان الحزب)، لعرض قرارات اللجنة التنفيذية عليه والمصادقة عليها، قبل اعتمادها بشكل نهائي. وقررت اللجنة التنفيذية بعد خمس ساعات من الاجتماع امتدت إلى الساعات الأولى من صباح أمس، سحب ترشيح الأمين العام لحزب الاستقلال من التنافس على رئاسة جهة فاس - مكناس، فاتحا المجال أمام محند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية المشارك في الحكومة، للظفر بمنصب الرئاسة. وعد النائب عبد الله البقالي، نقيب الصحافيين وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، قرارات حزبه بمثابة «جواب سياسي على نهج استهداف الحزب الذي تعرض له طيلة عملية الانتخابات البلدية والجهوية». وأضاف البقالي أن مرشحي حزب الاستقلال «تعرضوا لكل أشكال الابتزاز والاستهداف لصالح حزب الأصالة والمعاصرة»، مؤكدا أن حزبه «تحاشى القيام بردود فعل سياسية خلال العملية الانتخابية حتى لا يتهم بالتشويش السياسي على الانتخابات، وتعليق شماعة خسارته على الغير». وأكد النائب البقالي أن «هذه القرارات ليست نهائية بسبب غياب تحقق النصاب القانوني في اجتماع اللجنة التنفيذية التي تمت الدعوة إليه بشكل مفاجئ». وأضاف البقالي أن «القرارات النهائية القاضية بفك الارتباط بتحالف المعارضة أجل الاجتماع ليوم الجمعة المقبلة معترفا بغياب الإجماع حول هذه المواقف؛ حيث اعتبر بعض أعضاء اللجنة التنفيذية تلك المواقف بالعبث السياسي داعية إلى التريث». من جهته، قلل قيادي بارز في حزب العدالة والتنمية، رفض الكشف عن هويته، من تداعيات القرارات التي اتخذتها قيادة حزب الاستقلال على خريطة التحالفات المستقبلية، وعدها مناورة سياسية تبتغي تحقيق ثلاثة أهداف: أولها، تحقيق نوع من الإجماع السياسي حول قيادة حميد الذي تعرض لانتكاسة انتخابية في عقر دار بمدينة فاس. ثانيا، التحضير للانتخابات التشريعية المزمع عقدها عام 2016 من خلال فك الارتباط بحزب الأصالة والمعاصرة. ويتجلى الهدف الثالث في إيجاد مخرج لشباط بأقل التكاليف السياسية بعد النتائج المتواضعة التي حققها حزب الاستقلال خلال الانتخابات البلدية التي جرت في 4 سبتمبر (أيلول) الحالي. وكان المجلس الوطني لحزب الاستقلال قد قرر في مايو (أيار) 2013 الانسحاب من حكومة عبد الإله ابن كيران الأولى، احتجاجا على ما عده «سوء تدبير حكومي»، الأمر الذي فرض على رئيس الحكومة وزعيم حزب العدالة والتنمية الدخول في مفاوضات مع أطراف سياسية أخرى توجت بتشكيل حكومة ابن كيران الثانية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) بعد قبول حزب التجمع الوطني للأحرار المشاركة فيها. في سياق متصل، اكتسح حزب الأصالة والمعاصرة المعارض انتخابات رئاسة الجهات التي أجريت صباح أمس، ونال الحزب خمس جهات من أصل 12، وفاز مصطفى الباكوري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة برئاسة جهة الدار البيضاء - سطات لفائدته بعد تقدمه على مرشح الغالبية النائب عبد الصمد الحيكر، والقيادي في حزب العدالة والتنمية بـ40 صوتا مقابل 34. وفاز إلياس العماري، نائب الأمين العام للحزب، برئاسة جهة طنجة - تطوان - الحسيمة بعد أن أطاح بسعيد خيرون القيادي في حزب العدالة والتنمية ورئيس لجنة المالية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)؛ حيث حصل على 42 صوتا من مجموع 63 صوتا. واستطاع مرشح الأصالة والمعاصرة النائب عبد المنعم بعيوي الفوز برئاسة الجهة الشرقية؛ إذ حصل على 38 صوتا مقابل 18 لمنافسه عبد القادر سلامة. وانتخب إبراهيم مجاهد، من حزب الأصالة والمعاصرة، رئيسا لجهة بني ملال - خنيفرة. وحصل على 35 صوتا مقابل 20 صوتا لمنافسه مرشح حزب الحركة الشعبية. وانتخب أحمد أخشيشن وزير التعليم الأسبق وأحد مؤسسي حزب الأصالة والمعاصرة، رئيسا لجهة مراكش - أسفي. وقد حصل أخشيشن، المرشح الوحيد لهذا المنصب، على 55 صوتا من أصل 72. من جهته، فشل حزب العدالة والتنمية في تحويل اكتساحه للمدن في انتخابات 4 سبتمبر إلى تفوق انتخابي على مستوى الجهات، حيث فاز برئاسة جهتين فقط، واستطاع المهندس عبد الصمد السكال الحصول على رئاسة مجلس جهة الرباط سلا القنيطرة، بعد حصوله على 49 صوتا من أصل 74، بينما حصل الحبيب شوباني الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني سابقا، على رئاسة جهة تافيلالت - درعة بـ24 صوتا. وتمكن حزب الاستقلال من فرض سيطرته على رئاسة جهتين هما: جهة العيون - الساقية الحمراء، والداخلة - وادي الذهب، وهو نفس عدد الجهات التي كانت من نصيب حزب التجمع الوطني للأحرار الذي فاز برئاسة جهة سوس ماسة درعة، وجهة كلميم واد نون. بينما فازت الحركة الشعبية برئاسة جهة واحدة هي فاس - مكناس التي آلت إلى أمينها العام محند العنصر. في حين خرج حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من الانتخابات الجهوية خالي الوفاض إذ لم يحصل على رئاسة أي جهة.
مشاركة :