تحقيق إخباري: أمهات مسنات يحتفلن بعيد الأم من خلال مشغولاتهن اليدوية المطرزة بالحب والحنان

  • 3/21/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في هذه المرة لم تنتظر أم أسامة البالغة من العمر (66 عاما) ابنها ، كي يقدم لها هديه في عيد الأم ، ولكنها فضلت أن تتشارك مع نساء مسنات في صنع مطرزات يدوية بالإبرة والخيط والخرز ، ويحتفلن بطريقتهن الخاصة بعيد الأم . أم أسامة التي أجبرتها الأيام والظروف الصعبة أن تترك بيتها الدافئ الذي بنته طيلة سنواتها الماضية في إحدى قرى ريف السويداء الغربي (جنوب سوريا) ، لتعيش في بيت الرعاية الاجتماعية ، مع نساء مسنات تشاركن بنفس المصير ، في جو من الحزن والآلم تارة ، والفرح والبهجة تارة أخرى وهن يقضين وقتهن باسترجاع ذكريات الزمن الجميل . وقالت أم أسامة ، وهي تجلس على معقد طويل وبجانبها بعض النساء المسنات ، وخطوط وجهها تروي حكايات من التعب ، لوكالة أنباء ((شينخوا)) " عندما تركت بيتي لم أكن أجيد عمل المطرزات والأعمال اليدوية ، لانشغالي بأمور البيت اليومية وتربية الأولاد " ، مؤكدة أنها تعلمت وخلال فترة قصيرة حياكة الصوف ، وشك الخرز على القماش . وتابعت تقول ، وهي ترتدي الزي الشعبي لمحافظة السويداء الأسود اللون وتغطي رأسها بـ" الفوطة " وهي قطعة من القماش بيضاء اللون كبيرة ، " احتفلنا بذكرى عيد الأم ، ولكن هذه المرة بطريقتنا الخاصة ، فقمنا نحن النساء المسنات بصنع عدة مطرزات وعبر أدوات بسيطة الكثير من الأعمال الجميلة والمشغولة بكثير من الحنان والحب " . وأشارت إلى أن أولادها يزورونها بين الحين والآخر ، ويجلسون معها لبعض الوقت ، مبررة عدم زيارتهم المتكررة لها بسبب انشغالهم بأعباء الحياة الصعبة . ولم تجد أم سمير البالغة من العمر (68 عاما) سوى الدموع لتعبر عن حبها لأولادها الذين يعيشون في بلاد الاغتراب واللجوء ، لافتة إلى أن عيد الأم بالنسبة لها يوم صعب للغاية ، لكنه هذه المرة كان أخف وطأة عليها لانها كانت مشغولة بتطريز عدة قطع من القماش بالإبرة والخيط . وقالت أم سمير التي ترتدي عباءة باللون الأحمر مع غطاء للرأس ، وتمشي بواسطة جهاز يساعدها على المشي لـ ((شينخوا)) في " بيت الرعاية الاجتماعية تعلمت أن الانسان دائما يستطيع أن يكون مفيدا بالحياة ، ولست عبئا على أحد " ، معبرة عن سعادتها بتعلمها مهنة جديدة لم تكن تعرف عنها شيئا من قبل وهي فن التطريز على القماش . وأضافت أم سمير ، ودموعها تنهمر من عينيها وصوتها يتقطع ، " صنعت العديد من المطرزات وبألوان مختلفة ، وكتبت أسماء أولادي ،لأقدمها لهم ، أو تصلهم بعد مغادرتي الحياة ، لتبقى ذكرى مني " . وأشادت أم سمير بأعمال زميلاتها المسنات اللواتي جلسن معها وتبادلن الحديث أثناء عمل المطرزات ، مؤكدة أن ما تم انجازه من قبل المسنات هو احتفال جميل ، ساهم في رسم بسمة أمل على شفاه المسنات اللواتي دفعتهم الظروف للعيش هنا . وأرسلت أم سمير معايدة لابنتها في المانيا ، وقالت لها " كل عام وأنتي بخير يا هدى " . وقالت الشابة هبه رضوان مدربة خياطة وتطريز بأحد الجمعيات الخيرية شاركت بتدريب الأمهات المسنات في دار الرعاية الاجتماعية في السويداء " ، مشيرة إلى أن المسنات كن لا يجدن أي من الأعمال اليدوية . وأضافت رضوان بعد أيام من تدريب الأمهات المسنات تمكن من صناعة الكثير من الأعمال المطرزة بأشكال بسيطة فيها حب وحنان وتعب السنين ، وقالت " أننا استطعن أن نرسم بسمة على وجوه الأمهات ، واعطيناهن إحساس بأنهن قادرات على تقديم ما هو مفيد للمجتمع . وبدورها قالت المدربة حنان الأشقر إن " ما قامت به الأمهات المسنات بعرض أعمالهن اليدوية في عيد الأم الذي يوافق 21 مارس من كل عام ، هو من أورع الأعمال ، لأنها اثبت من جديد أن الأم معطاءة دائما وعطاؤهن لا يتوقف عن حد " . ويتزامن مرور عيد الأم ، مع ظروف اقتصادية صعبة تعيشها سوريا ، بسبب العقوبات الاقتصادية والحصار الجائر الذي تفرضه الدول الغربية عليها ، إضافة لتدهور وضع الليرة السورية امام العملات الأجنبية ، الأمر الذي انعكس سلبا على حياة السوريين .

مشاركة :