برُّ الوالدين من أعظم أسباب دخول الجنة

  • 3/22/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

اتفقت جميع الشرائع السماوية على برِّ الوالدين؛ فهو خلق الأنبياء، ودأب الصالحين، وقرن الله تعالى الإحسان إليهما بالأمر بتوحيده وعبادته في كل الآيات التي تأمر ببرِّ الوالدين؛ فلقد أوجب الله للوالدين حقوقًا يجب أن يفي بها الأبناء، وأول هذه الحقوق وأهمها حق الإحسان، وهو حق يفوق البرّ، فهو عطاء شامل يقدمه الإنسان إلى والديه اللذين كانا سببًا في وجوده إلى من ربياه، وسهرا على راحته وعلماه وأنفقا عليه، وقدما له كل عطف وحنان ورعاية من دون انتظار المقابل؛ فالإحسان ليس منحة عاطفية من الابن تجاه والديه بل هو واجب على كل ابن بالأمر الإلهي الصريح، فالله سبحانه وتعالى يقول: {وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ۞ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: ٢٣-٢٤] أي أمر ووصَّى ربك ألا تعبدوا إلا إياه؛ ولهذا قرن بعبادته برَّ الوالدين لبيان حقهما العظيم على الولد؛ لأنهما السبب الظاهر لوجوده وعيشه، فقال: {وبالوالدين إحسانًا}؛ أي: وأمر بالوالدين إحسانًا، بأن تبروهما وبخاصة إذا كبرا أو كبر أحدهما، وإنما خصَّ حالة الكِبَر لأنهما حينئذٍ أحوج إلى البر والقيام بحقوقهما لضعفهما ومعنى {عندك} أي: في كنفك وكفالتك فلا تقل للوالدين أقل كلمة تظهر الضجر ككلمة "أُفٍّ"، ولا تستثقل شيئًا تراه من أحدهما أو منهما، ولا تسمعهما قولا سيئًا، ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، ولكن ارفق بهما، وقل لهما دائما قولًا لينًا لطيفًا، وألنْ جانبك وتواضع لهما بتذلّل وخضوع من فرط رحمتك وعطفك عليهما وأدع لهما بالرحمة وقل في دعائك يا رب ارحم والديَّ برحمتك الواسعة، كما أحسنا إليَّ في تربيتهما حالة الصغر.برّ الوالدين سبب من أعظم أسباب دخول الجنة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف".  قيل: من يا رسول الله؟ قال: "من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة". [رواه مسلم]. أي لُصق أنفه بالرَّغام وهو التراب المختلط بِالرمل؛ والمراد به: الذل والخزي، وكررها ثلاثًا؛ فبرّهما عند كبرهما وضعفهما بالخدمة والنفقة وغير ذلك سبب لدخول الجنة؛ فمن قصر في ذلك فاته دخولها، وبرّ الوالدين مقدّم على الجهاد في سبيل الله تأكيدًا على حقوقهما؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال: "أحي والداك؟". قال: نعم، قال: "ففيهما فجاهد" [رواه البخاري ومسلم]. أي ابذل جهدك في إرضائهما وبرّهما، فيكتب لك أجر الجهاد في سبيل الله تعالى، وكأنما رعايتهما وبرّهما جهاد في سبيل الله، بل هو أفضل عند الله عزَّ وجلَّ، وأخيرًا؛ لا ينقطع برّ الوالدين بموتهما؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك". [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني].فمَنْ برَّ والديه بَرَّه أبناؤه، وكما تدين تُدان، فينبغي على كل عاقلٍ أن يحرص كل الحرص على برِّ والديه، رغبةً بما عند الله عز وجل من الجزاء، ورهبةً مما لديه من العقاب في العاجل والآجل.. أسأل الله أن يجعلني وإياكم من البارّين بوالديهم.

مشاركة :