برلين - حذر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الاثنين من تبعات عبث أنقرة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وذلك بعد انسحابها من اتفاقية حماية المرأة من العنف والمضي قدما في خطوات حظر حزب الشعوب الديمقراطي المعارض، في انتهاكات دفعت الأوروبيين للنظر مجددا في سبل التعامل مع سلوك تركيا المستفز وإعادة تقييم العلاقة بعد هدوء نسبي للتوتر القائم بين الطرفين بسبب الأنشطة التركية غير القانونية في التوسط وتراجع بروكسل أواخر العام الماضي عن فرض عقوبات تهدف لردع السلطات التركية. وقال ماس إن "تركيا توجه إشارات خاطئة للاتحاد الأوروبي بانسحابها من اتفاقية هدفها مكافحة العنف ضد المرأة وبإغلاقها حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد". وقال ماس لدى وصوله لحضور اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل "ما شاهدناه في الأيام القليلة الماضية، حظر حزب الشعوب الديمقراطي وبالأخص الانسحاب من اتفاقية اسطنبول، بالتأكيد إشارات خاطئة". وتابع ماس أن هناك رغم ذلك إشارات على تخفيف التصعيد في الخلاف الدائر بين تركيا واليونان في شرق المتوسط. وهدد الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على أنقرة العام الماضي بعد تصاعد الخلاف المستمر منذ عقود. وأضاف ماس "فيما يتعلق بتركيا هناك نقاط مضيئة ونقاط مظلمة... يتعين علينا بحث هذه الإشارات المتضاربة الصادرة عن تركيا اليوم وسنواصل السعي من أجل حوار مستمر وسنستخدم هذا الحوار في معالجة القضايا التي نعتقد أن تركيا توجه إشارات خاطئة بشأنها". وتأتي تحذيرات الأوروبيين في وقت سرّعت فيه أنقرة انتهاكاتها باتخاذ إجراءات جديدة على طريق حظر الحزب المؤيد للأكراد وهي خطوة أثارت قلق المجتمع الدولي بشأن مصير الديمقراطية في تركيا، فضلا عن انسحابها من اتفاقية اسطنبول الهادفة لحماية المرأة من العنف وهو ما اعتبرته الدول الأوروبية خطرا على حياة النساء في بلد يتعرض لانتقادات مستمرة منذ سنوات بسبب ممارسات القمع ووضع حقوق الإنسان. والأحد انتقد زعماء أوروبيون ما وصفوه بقرار تركيا المحير والداعي للقلق بالانسحاب من اتفاقية دولية تهدف لحماية النساء من العنف وحثوا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على إعادة النظر فيه. وكانت حكومة اردوغان قد انسحبت السبت من اتفاقية إسطنبول، التي انضمت إليها في 2011 بعد صياغتها في تلك المدينة أكبر المدن التركية. وقالت تركيا إن القوانين المحلية لا الحلول الخارجية هي التي ستحمي حقوق النساء. وتتعهد الاتفاقية التي أشرف عليها مجلس أوروبا بمنع العنف الأسري ومقاضاة مرتكبيه والقضاء عليه وتعزيز المساواة. وكانت جرائم قتل النساء قد ازدادت في تركيا في السنوات الأخيرة وشاركت آلاف النساء يوم السبت في احتجاج على قرار الحكومة في إسطنبول ومدن أخرى. أما حملة القمع المسلط على حزب الشعوب الديمقراطي بعد أن تحرك المدعي العام لإغلاقه بسبب اتهامات بأنه على صلة بالمسلحين الأكراد، وهي اتهامات ينفيها حزب الشعوب الديمقراطي ويصفها بأنها "انقلاب سياسي، فقد أثارت إلى جانب قرار تجريد النائب بالبرلمان التركي عن الحزب عمر فاروق جرجرلي أوغلو من منصبه واعتقاله، حفيظة المجتمع الدولي الذي وجه انتقادات لاذعة إلى أنقرة وعبر عن قلقه بشأن مصير الديمقراطية. وحذّرت الولايات المتحدة الأربعاء من أن الجهود التي تبذل لحظر حزب رئيسي موال للأكراد في تركيا ستشكل تقويضا للديمقراطية. ولطالما انتقدت الدول الأوروبية سلوك اردوغان تجاه الأكراد وممارسات القمع المجحفة بحق المعارضة وأثارت تلك الممارسات مخاوف الأوربيين إزاء الديمقراطية والحقوق الأساسية في تركيا. وكثفت السلطات التركية متجاهلة الانتقادات الغربية والأوربية، في السنوات الأخيرة عمليات الاعتقال وعزل مسؤولين منتخبين أعضاء في الحزب واستبدلت الغالبية العظمى لرؤساء البلديات الستة والخمسين المؤيدين للأكراد، في محاولة لتفكيك المعارضة وتقليص حظوظها في الانتخابات التركية المرتقبة وإفساح المجال أمام حزبه لضمان سيطرة مطلقة وأغلبية برلمانية. وينفي الحزب بشدة الاتهامات الموجّهة له بممارسة "أنشطة إرهابية"، ويقول إنه ضحية حملة اضطهاد بسبب معارضته لاردوغان. وتأتي محاولات اردوغان لدحض المعارضة وتقليص حظوظها في الانتخابات المرتقبة في وقت يشهد في الرئيس التركي وحزبه تآكلا في الخزان الانتخابي وتراجع القاعدة الجماهيرية والمناصرين. وسيؤدي الحظر المحتمل لحزب الشعوب إلى تغير كبير في المشهد السياسي قبل سنتين من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي يبدو أنها ستكون صعبة بالنسبة لاردوغان، في ظل التحديات الاقتصادية. وأمام تلبد الأفق يشدد حزب الشعوب الديمقراطي على قدرة الحركة الكردية السياسية على الاستمرار. فقد سبق وحظرت أحزاب كثيرة مؤيدة للأكراد مثل حزب ديمقراطية الشعب في العام 2003 المتهم بإقامة روابط مع حزب العمال الكردستاني.
مشاركة :