بعد ترقب وإعلان متكرر، بثت الحلقة الأولى الموعودة والعائدة من برنامج "افتح يا سمسم"، الشخصيات الشهيرة؛ نعمان وملسون عادت ولو باختلاف طفيف، غابت شخصيات شهيرة وظهرت "أمل" إلى جوار" راشد" محدثة بعض الفروقات مع الأجزاء الأولى من البرنامج الذي أنتج بين عامي 1979 و1989. فروقاتٌ كانت كافية لإشعال الجدل والنقاش والمقارنات بين جيل شاهد في طفولته البرنامج القديم وانتقل اليوم إلى مدرج "جيل الآباء" الذي على ما يبدو هو من كان يترقب عودة "افتح يا سمسم" وليس أطفال الجيل الجديد الذين لسنا متأكدين إذا ما سيغرمون بشخوص النسخة الجديدة كما فعل جيل الآباء. بلا شك مثلت عودة "افتح يا سمسم" فرصة أخرى لتحريك مجرى الحنين من أغنية شارة بداية البرنامج إلى مشاهد الحلقة الأولى للتعرف إلى ما بقي أو اختفى من شخصيات.. غير أن الحلقة الأولى لم تكد تنتهي حتى خيبت ظن الآباء والأمهات، الذين أشعلوا شبكات التواصل بتعليقاتهم الناقدة، إن كانت على الشخوص أو غياب التنبؤات العربية التي كانت موجودة في النسخة القديمة من البرنامج الذي أنتجته نهاية السبعينيات مؤسسة البرامج المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجية؛ وكأننا حقاً أمام برنامج تربوي لم يُصنع للصغار، بل لحقن الحالة الحنينية لجيل عاش طفولة المحطة التلفزيونية الواحدة، وليس أطفال زمن اليوتيوب والسناب شات بل و"التتش سكرين"!. جاء أهم التعليقات من الناقد أثير السادة الذي توقف عند أصوات شخوص البرنامج، مشيراً إلى الحلقة الأولى، من الموسم الأول الذي بث بداية الثمانينيات، حيث كانت العبارة الأولى، كما يشير أثير: "أنا فاطمة".. التي دشنت مرحلة "افتح يا سمسم" بصوت البحرينية أحلام محمد وهي تعلق فوانيس الدقيقة الأولى من الحلقة الأولى، قالتها بحروف واضحة، لا تخطئ معها طبيعة الاهتمام بمسألة النطق للكلمات في هذا البرنامج التربوي، كانت الأصوات أكثر الأشياء جمالاً في الأجزاء القديمة من البرنامج، خليط من أصوات خليجية وعربية، اعتجن ببعض نقاوة الصوت وسلامة النطق عند أهل الشام، الافتتان بأصوات شخوص البرنامج المميزين دفع السادة، للقول: "ثمة أصوات تنضح عذوبة، للحرف في فمها رنين، وللجملة وقع وأثر، بعضها صنيعة التمارين، وبعضها الآخر وراثة كريمة، حتى لنظن أن ذاكرة هذا البرنامج أكثر ما بقي منها هو تلك الأصوات، صوت قائد النعماني، وتوفيق العشا، وأحمد الصالح، ولينا الأنصاري، والآخرون". وفي الجزء الجديد، يتوقف أثير عند الشخصية الجديدة أمل؛ "فهي لا تشبه فاطمة المواسم الأولى، حتماً، لا تشبه البداية، صوت أمل يعوزه الوضوح، حروفه متداخلة، هنالك أحبال صوتية بحاجة إلى دوزنة أكثر، لا أعلم كيف سيكون طبيعة انشداد الفئة المستهدفة للأصوات في هذه النسخة من البرنامج، لكني متأكد أن لهوية الصوت إيقاعا في آذانهم، فالأصوات نغمات تربيهم على النطق وعلى سبك الكلام بطريقة سليمة". أما عن شخصية الحلقة الأولى فيشير الناقد السعودي: "في الجزء الجديد تتكاثر الدمى وتتقلص مساحة الشخصيات، هنالك "راشد" و"أمل"، ومعهما دمى تكمل بناء الحكايات اليومية، تتنوع الأصوات، بعضها يقترب من حدود الذاكرة، في تماه مقصود مع النسخة الأصل من هذا البرنامج، كما في أنيس وبدر، بينما بعضه الآخر بات مفتوحاً على مغامرات جديدة، صوتاً وأداءً، فنعمان لم يعد نعمان ثقيل الحركة، الذي كان يشبه كل الصور النمطية عن أصحاب الأوزان الثقيلة، بات الآن أكثر مرونة، مولعاً بالرقص والحركة، فيه من بارني أكثر من نعمان!". هذه كانت جرعة مركزة من جيل الآباء غير المتقبلين للجزء الجديد من البرنامج، ولأن البرنامج لا يزال في حلقته الأولى التي بثت على القنوات الخليجية، يصعب أن نعرف انطباع الأطفال وإذا ما كان سيدهشهم ويشد انتباههم افتح "يا سمسم الجديد" وهل سينجح البرنامج أصلاً بخلق الدهشة القادرة على جذب أطفال زمن الفوضى التكنولوجية؟. إحدى الأمهات علقت بأن طفلها شاهد الحلقة الأولى مجاملة لها، ومداراة لحماسها، غير أن الشخوص لم تجذبه كثيراً. بقي الرهان على الجهد التربوي الذي قامت به المؤسسة المنتجة للبرنامج في نسخته الجديدة، التي وعدت بأنها ستقدم عملاً يحاكي طفل الزمن الحالي، ربما تكون البداية كلاسيكية للربط بين الأجزاء القديمة والموسم الجديد، إلا أن البرنامج مرجح أن يتقدم خطوة إلى الأمام، لكونه يبث على قنوات أطفال لها جمهورها الصغير والواسع، كقناتي "جيم" و"براعم" المهتمتين أيضاً باللغة العربية الفصحى. ربما لم يرق "افتح يا سمسم" الجديد لجيل الآباء، لكن الرهان على تعلق الأطفال بالبرنامج وإن كان صعباً إلا أنه لا يزال مفتوحاً رغم صعوبة المراهنة، أما جدل المقارنة، فهو الآخر، على ما يبدو حسم، حيث علقت إحدى الأمهات: "يبدو أن الزمن الجميل ذهب ولن يعود". يذكر أن الجزء الأول من برنامج "افتح يا سمسم" الذي أنتج عام 1979 بث بداية الثمانينيات، فيما أنتج الجزء الثاني عام 1982 بينما أنتج الجزء الثالث والأخير عام 1989، في مجموع حلقات بلغت 390 حلقة، من إخراج العراقي فاروق القيسي، وقد صورت مشاهده الداخلية في الكويت، أما المشاهد الخارجية فقد صورت في أرجاء متعددة من الوطن العربي. ولم يقلد "افتح يا سمسم" النسخة الأصلية الأميركية، وإنما ابتدع شخصيات دُمىً جديدة مثل "نعمان" و"ملسون"، إلى جانب استلهام تسمية البرنامج من حكايات "ألف ليلة وليلة" وقصة علي بابا والمغارة وكلمة السر الشهيرة "افتح يا سمسم".
مشاركة :