الأردوغانية.. استراحة بين الشوطين

  • 3/24/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

اردوغان يعيد قراءة مصالحه على  ضوء ما جرى من تداعيات للوجود التركي لا تبدو الأمور واضحة في تفاصيلها، فما ظهر فوق السطح لا يكشف ما في أعماق بحرٍ متلاطم الأمواج. لكن من المؤكد ان ثمة «أشياء» أكبر واكثر، وان كانت المنصات الاعلامية المختلفة والميديا قد نشرت تفاصيل لا يمكن الركون عليها بشكل مطلق ويقيني، لكن الحال بين حكومة أردوغان واخوان مصر اعترته تحولات تنذر بنهاية شهر العسل بين الطرفين. لا جدال إن الاردوغانية ومطامعها دخلت باندفاعاتها إلى دائرة الأزمة الخانقة، فسياسياً خسر أردوغان حلفاء واصدقاء حين ذهب بعيداً في تحالفات معقدة وغير مفهومة اصطدمت فيها حسابات اردوغان بحسابات واقع المصالح مع حلفائه الجدد، موقف في الشهور الأخيرة في منطقة رمادية قاتمة. فيما كان الاقتصاد الداخلي التركي يتراجع وتنحدر الليرة بشكل غير مسبوق وتفقد القدرة الشرائية قدرتها فيصبح الشارع التركي «اين كنا وكيف أصبحنا». لم تتحقق الوعود وتبخرت الاحلام وانهكت الأردوغانية بشكل لم تمر به خلال تجربة حمكها، فخلال سبع سنواتٍ عجاف توافق أردوغان او اتفق مع اخوان مصر حين استضافهم على إضعاف النظام المصري كل ٌ لمصلحته فأطلق العنان لفضائياتهم بلا حسيبٍ ولا رقيب لكنه اكتشف انهم خدموا مصالحهم ولم تجنِ الاردوغانية شيئاً مما توقعته من النظام في مصر الذي تحمل كثيراً وكسب الجولة أخيراً. وفي الوقت الذي يحاول فيه اخوان مصر في تركيا كتم توجساتهم وتخوفاتهم مما هو قادم لوضعهم، بدأ البعض منهم يطلق مناشداتٍ شبه يائسة ترجو اردوغان عدم تسليمهم للحكومة المصرية، فيما مستشار اردوغان ياسين اقطاي الذي يتحدث العربية يحاول من جانبه طمأنتهم وتهدئة روعهم، لكنهم يدركون قبل غيرهم ان الاردوغانية ليست جمعية خيرية، والسياسة لا أمان لها والحليف لا يؤمن جانبه إلى ما لا نهاية، فالمصالح ثم المصالح. اللقاءات المصرية التركية تتم على مستوى المخابرات واجهزتها ما يضفي على ما تم التوصل إليه طابع السرية في هكذا محادثات ولقاءات حتى تتخذ القيادات السياسية العليا قراراتها ثم تعلن القرارات، وهو ما يخشاه اخوان مصر في تركيا وان كان بعضهم الآن «يطمئن» نفسه على ان اوضاعهم وبقاءهم في تركيا سيستمر. ومشكلة من يروّج لمثل هذا التطمين هو القنوات الفضائية الاخوانية في تركيا، وهي كغيرها من قنوات ومنصات اعلامية لا تعلم شيئاً من تفاصيل المحادثات بين اجهزة استخبارات الدولتين، وبالتالي ذهبت تطميناتها أدراج رياح القلق الذي يعتري اخوان مصر الموجودين بعددٍ كبير ومتوزعين على المدن التركية. اردوغان يُعيد قراءة مصالحه على ضوء ما جرى من تداعيات في ليبيا وسوريا والمتوسط للوجود التركي وعلى ضوء ما يجري على الاقتصاد التركي من اختناقات حقيقية كبيرة وقاسية لم تعوضه فيها جهات تحالفاته الاخيرة التي راهن عليها ويبدو انه خسر الرهان. وأرودغان بالقطع لا يريد ان يخسر الرئاسة من أجل عيون اخوان مصر أو من اجل عيون غيرهم من التيارات السياسية الحليفة له خصوصاً وان الاتحاد الأوروبي الذي يحلم الالتحاق به في عهده ليسجل نقطة كبيرة في صالحه وصالح مستقبل الاردوغانية، هذا الاتحاد بدأ يُعلن تحفظاته ويُبدي شيئاً من القلق والتوجس من تواجد جماعات الاخوان وخصوصاً اخوان مصر في تركيا وتزايد نشاطهم الاعلامي بلا رقيب واتساع تحركاتهم السياسية بلا حسيب. اختلفت المعادلات وهذا حال السياسة ومن يركن فيها إلى معادلة واحدة وارقامٍ واحدة خاسر في «الحسبة» ويبدو ان البعض في استراحة الأردوغانية بين الشوطين سيخسر لانه اعتمد كل الاعتماد على ارقام واحدة لم تتغير طوال سبع سنوات قضاها مع الاردوغانية.

مشاركة :