أطلقت وزارة الموارد البشرية مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية والتي تمثل إصلاحاً جذرياً في سوق العمل للقطاع الخاص وفي أجور العاملين ومنح المرونة للعامل في اختيار صاحب العمل والخروج والعودة وفق ضوابط محددة. ولكن من الجيد أن هذه المبادرة لا تشمل العمالة المنزلية.وإن كانت هناك إصلاحات سابقة لطرف العامل منصوص عليها في العقد وهي مثلاً: إعطاؤه رواتبه أولاً بأول، وفتح حساب بنكي له، وإعطاؤه حق يوم إجازة أسبوعية.. إلا أن الإصلاحات لم تشمل الطرف الثاني وهو (صاحب العمل)!. ولأننا مجتمع مسلم ويطبق قيم ومبادئ الدين دائماً نسعى لإعطاء العمالة المنزلية حقوقها ونساندهم باعتبارهم الحلقة الأضعف في العلاقة؛ فحينما كنت في الإشراف التربوي أقمت برنامجاً أسميته (الأخوة الانسانية) ويهدف إلى تعويد الناشئة على احترام العمالة المنزلية وحسن التعامل معهم من خلال مسابقات ثقافية وتربوية وهي: كتابة أفضل بحث، أو مقالة، أو بطاقة شكر للعمالة وفي ومهارة الإلقاء، وكان ذلك لكافة مراحل التعليم وباللغتين العربية والإنجليزية، ولاقى البرنامج صدىً واسعاً على مستوى مكة المكرمة وتفاعلاً كبيراً من الميدان التربوي وتم عمل مجالس للأمهات وتوعيتهن. ثم أقيم حفل تكريم المتسابقات برعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة هناء بنت عبد الله بن خالد بن عبد العزيز وحضور عدد كبير من سيدات المجتمع.. ولكن إحدى صاحبات السمو همست لي قائلة: «لماذا لم يشمل البرنامج التوعية بحقوق أصحاب العمل؟ فهناك انتهاك لبعض الحقوق»، فقلت: أتفق معك ولكن ربما في برنامج آخر لتوعية الخدم.. ولم يشأ الله إكمال المشروع.وقبل عدة أيام أرسلت لي إحدى القارئات الكريمات رسالة تذكر فيها معاناة ربات البيوت من الخادمات واللاتي لا يلبثن بعد عدة أشهر من قدومهن إلا طلب السفر وعدم الرغبة في العمل وتتكلف الاسرة الآلاف من الريالات للتذكرة فضلاً عن تكاليف الاستقدام والتي لا تقل عن 25.000 ريال ما يسبب خسائر كبيرة لأصحاب العمل. وأن بعضهن يأتين للتعاقد على 1500 ريال شهرياً ولكن لا يلبثن وبعد عدة أشهر أن يطلبن زيادة في الراتب حتى 1700 أو 2000ريال! وهناوبسبب خوف ربة المنزل من أن تلجأ الخادمة إلى الهرب، تقوم برفع الراتب على مضض! كما أن مشكلة الجوالات التي لا تفتر في أيديهن والمحادثات التلفزيونية المجانية مع عائلاتهن ولساعات وإهمال العمل، بل ربما التنمر على صاحبة المنزل إذا طلبت شيئاً مما يزعجها أثناء الاتصال، بل إن إجازتها تأخذها ولا تلتفت لوجود حالات إنسانية.. فإذا علمنا أن هناك حوالي 4 ملايين عامل وعاملة منزلية أدركنا المعاناة التي تعانيها الأسر السعودية من هؤلاء.لابد أن تضع وزارة الموارد البشرية نظاماً يكفل حقوق الأسر السعودية التي تضيع أموالها في الاستقدام المتكرر لمكاتب الاستقدام والتي يجب أن تتحمل مسؤوليتها في ضمان بقاء الخادمة وعدم هروبها أو سفرها قبل المدة النظامية. ومع إن المديرية العامة للجوازات قد فرضت عقوبة السجن لمدة تصل إلى 6 أشهر والغرامة التي تصل إلى 100 ألف ريال لكل من يقوم بتشغيل المخالفين لنظامي الإقامة والعمل (بما فيهم العمالة المنزلية) أو التستر عليهم أو إيوائهم الا أن ذلك للحق العام، ويبقى الحق الخاص للأسر المتضررة بدون حل!!، فلماذا لا يكون هناك شروط منها مثلاً تأمين تدفعه العاملة ولا يقل عن ثلث الراتب شهرياً عهدة في حساب وزارة الموارد البشرية، يعاد للخادمة في حالة التزامها بقوانين العمل وأخلاقه والمدة المتفق عليها؛ والتي يجب أن لا تقل عن 4 سنوات يحق لها خلالها أخذ إجازة بعودة، ثم يعاد لها المبلغ عند إعطاء تأشيرة الخروج..(مجرد مقترح تقيس عليه الوزارة لإنصاف الأسر السعودية). كما أن التوعية في بلادهن ضرورة والتزامهن بأخلاقيات العمل؛ فالمليارات التي تحول للخارج الكثير منها بدون وجه حق وعلى حساب المواطن السعودي!.
مشاركة :