استراتيجية إيران لاستعمار «العقل العربي»

  • 3/24/2021
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

منذ أن تأسست إيران الطائفية عام 1979م كثورة أيديولوجية على أيدي الملالي، بدأت تطبق بفعالية مفهوم القوة الناعمة (الإعلام) الذي استعارته من الولايات المتحدة، لتصدير عبث ما يُسمى الثورة الإسلامية، وتحت تسميات مختلفة، واستخدم الدبلوماسيون الإيرانيون كل الأدوات المتاحة لخلق صورة إيجابية عن نظام الملالي في العواصم العالمية، وأظهروا انفتاحاً منقطع النظير مع شعوبها، وشاركوا بشكل منظم في النشاطات الثقافية والمجتمعية التي تعدّ عماد القوة الناعمة الإيرانية، إلاّ أن هذه الدبلوماسية المستترة أصبحت اليوم مكشوفة وعلنية أمام العالم وشعوب المنطقة التي أدركت خبثها وخطورتها وضررها. وقد اطلعنا من خلال دراستنا هذه على عشرات الخطابات لمسؤولين في النظام الإيراني حول أهمية القوة الناعمة في توسعهم في المنطقة العربية والإسلامية، بدءاً برؤساء الجمهورية ووزراء الخارجية المتعاقبين، وقادة الحرس الثوري، ومرجعيات دينية، تكشف عن المنهج الفكري لنظام الملالي في المجالات السياسية والثقافية والإعلامية. وثيقة «الخطة الإعلامية السرية» كشفت المخطط الإعلامي لبناء إمبراطورية فارسية على أنقاض الدول العربية أولاً: مفهوم القوة الناعمة صاغ جوزيف ناي من جامعة هارفارد، والذي كان مساعداً لوزير الدفاع في حكومة بيل كلينتون ورئيس مجلس المخابرات الوطني، مفهوم القوة الناعمة (Soft power) في كتابه الصادر عام 2004م، بعنوان: «القوة الناعمة: وسائل النجاح في السياسة الدولية»، وذلك كوسيلة للجذب والإقناع والضم دون إكراهٍ أو استخدام القوة. ويرتكز مفهوم القوة الناعمة على أمور ثلاثة: الإعلام والثقافة والدبلوماسية، وهي أهم أدوات القوة الناعمة حتى تتحول إلى عملية مؤثرة في البيئة السياسية للخصم، وبناء عليه أن تمرير الرسائل بطريقة غير مباشرة أهم من الظهور المباشر الذي تتحسس منه الشعوب، لذلك جرى التركيز على عمل الوكلاء، لأن أفضل المدافعين عن الأفكار الأميركية هم الوكلاء المحليون. قسم «التضليل» في الاستخبارات الإيرانية يتولى عمليات الحرب النفسـية والدعـائية ضـد الـعرب وتشـويه صورة المعارضة لذلك تعمد القوة الناعمة الأميركية بشكل كبير على المحطات الإخبارية العربية، وعلى صوت معارض يرتدي اللباس الوطني أو الديني يشتم الحكومات العربية، وينكر إنجازاتها، بدلاً من الاعتماد على مسؤول أميركي أو قناة أميركية في هذه المهمة. ويمكن لنا اكتشاف تأثير هذه السياسة من خلال ملاحظة الفرق في تأثير المحطات الإخبارية التي تروج للأيديولوجية الأميركية تجاه المنطقة بصورة مباشرة كقناة الحرة الأميركية، وبين بعض القنوات الأخرى التي تعمل بغطاء عربي. عشرات الصحافيين والكتّاب العرب تحولوا «جيشاً رديفاً»لتسويق سياسة الملالي التخريبية وتشويه دور المملكة كما تعتمد استراتيجية القوة الناعمة على غرفة عمليات موحّدة تنسّق الجهود، وتتولى منع تضارب السياسات والأنشطة المختلفة، وترفع شعارات وقضايا ومطالب مرغوبة تدغدغ مشاعر الناس، ثم تستغلها للضغط على الدول، كالحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة والاستقرار، ... إلخ، وهذا ما أكد عليه جوزيف ناي بشدة في قوله: «لا يمكن لأي حملة تواصل استراتيجي مهما كبرت وتوسعت، ولا لأي قوة ناعمة أن تؤثر وهي تروج شعارات ومطالب غير مرغوب بها شعبياً في ساحة الخصم». ثانياً: استعارة الملالي للمفهوم أدرك ملالي طهران أهمية مفهوم القوة الناعمة وخطورته، ومن ثم استطاعوا توظيفه لمشروعهم الطائفي في البلاد العربية والإسلامية. نظرية طهران: كل فضائية معادية تعادل سرب طائرات وكل موقع على الإنترنت يعادل مدفعاً ثقيلاً وقام موقع (دار الولاية) على الإنترنت بإعداد ملف تحت عنوان: (رؤية الإمام الخامنئي في مواجهة الحرب الناعمة)، جاء فيه: «يعد سماحة الإمام القائد الخامنئي من أكثر الشخصيات الإسلامية والعالمية التي استخدمت مصطلح (الحرب الناعمة) في الآونة الأخيرة... بما لا يقل عن خمسة عشر خطاباً في خمس عشرة مناسبة منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت في إيران في العام 2009م، وحتى العام 2011م». إعلام الملالي يقدم تحريضاً مذهبياً للداخل وخطاباً إنسانياً للخارج واعترف الرئيس الإيراني حسن روحاني بتدخله في الشؤون العربية من خلال خطاب ألقاه في الذكرى السادسة والثلاثين لثورة الملالي، جاء فيه: «إن بسط السلام والاستقرار واستئصال الإرهاب في الشرق الأوسط، يمر عبر الجمهورية الإسلامية... ورأيتم أن الدولة التي ساعدت شعوب العراق وسورية ولبنان واليمن لمواجهة المجموعات الإرهابية هي جمهورية إيران الإسلامية». وهذا ما عبّر عنه وزير الخارجية الإيرانية الأسبق علي أكبر ولايتي، في قوله: «نفوذنا أصبح يمتد من لبنان إلى اليمن». فهذه الحرب الناعمة المستعارة مهّدت لنجاح نظام الملالي في إسقاط العواصم العربية الأربع في يدها، وقتلت ما يزيد على الثلاثة ملايين من العرب في هذه الدول، كما أصيب وسجن وعذب وهجر فيها الملايين، وهدمت ونهبت مئات الألوف من البيوت والمدن والقرى العربية. ولم يقف النظام الإيراني عند هذا الحد، بل يمتد طموحه إلى الدول العربية جميعها، وهو ما أكده أيضاً الرئيس الإيراني حسن روحاني في تصريح له موجود على الإنترنت تحت عنوان إيران ليست دولة إسلامية: «نفتخر بأعمالنا ونفتخر بعملنا في العراق.. وسورية.. ولبنان واليمن.. نفتخر حتى النهاية... لا نحتاج من أحد إذن، نفوذنا لا يقتصر على هذه البلدان، بل نحن متنفذون في كل المنطقة، ويمتد إلى القارة الهندية... وإيران ليست دولة إسلامية، وإنما إمبراطورية فارسية». وأيضاً أكد ذلك الكاتب الإيراني محمد صادق الحسيني أثناء احتلال الحوثيين لصنعاء واصفاً المجرم الحوثي بأنه: «سيد الجزيرة العربية وخميني القرن الواحد والعشرين»، وهذا دلالة واضحة على نية التمدد ومواصلة العدوان، من خلال تطبيق استراتيجية الحروب الناعمة. وحول كيفية تنفيذ الحرب الناعمة ما جاء في ملف (دار الولاية): «إن تنفيذ وظائف الحرب الناعمة ذات الطبيعة الحساسة ووضعها موضع التطبيق يتطلب موارد وطاقات وجهوداً بشرية كبيرة، وتخطيطاً وتحليلاً سياسياً لتوجيه الأحداث، ومراكز أبحاث وأجهزة توفر المعلومات والمعطيات، وإمكانات تكنولوجية واتصالية وإعلامية ضخمة، ومهارات وخبرات وصبراً استراتيجياً، وغرفة عمليات تتولى التنسيق لنجاح هذه الحرب». ونستشف من خلال هذا الملف أن الحرب الناعمة الإيرانية تجاه المنطقة ترفع شعارات محقة ظاهراً، لكنها باطلة باطناً، لخلط الحق بالباطل، وهذا ما حصل تماماً في عدوانها على الشعب العراقي والسوري واليمني، وأيضاً هذا المفهوم نجده نفسه لدى وكلائها في المنطقة، والذي أكد عليه نعيم قاسم القيادي بحزب الله اللبناني: «إنه القدرة للحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية، كما أنه يعني التلاعب وكسب النقط على حساب جدول أعمال الآخرين دون أن تظهر بصمات هذا التلاعب...». كما أكد على أهمية الإعلام والاتصالات والتكرار في ضخ المعلومات الكثيفة للتأثير على الناس، حتى تصبح المعلومات الخادعة حقيقة يجب الالتزام بها. لذلك لن نستغرب أن معدي ملف (دار الولاية) يقدمون التوصية التالية: «ينبغي تأسيس مراكز أبحاث وكليات ومعاهد لدراسة الحرب الناعمة، وتدريب كوادر على أسس هذه الحرب، وتخريج عناصر وضباط وقادة يقاتلون في جبهات هذه الحرب...». ثالثاً: توظيف الإعلام في السياسة الخمينية ربط الدستور الإيراني منذ عام 1979م مسؤولية الإشراف العام على أجهزة الإعلام بالولي الفقيه، حيث ينص الدستور في المادة الخامسة والسبعين بعد المئة على: «يجب تأمين حرية النشر والإعلام طبقاً للمعايير الإسلامية ومصالح البلاد في الإذاعة والتلفزيون، كما يتم تعيين رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في جمهورية إيران وإقالته من قبل قائد الثورة». ولعلّ مما يؤكد هذا الدور المركزي ما قاله علي خامنئي: «وسائل الإعلام في هذا العصر لها قدرة تدميرية تعادل القنبلة الذرية»، وقدم مجموعة من أذرعه المزروعين والمنتشرين في وسائل الإعلام الإيرانية شرحاً في هذا التصريح: «إن كل فضائية معادية تعادل سرب طائرات في قوتها الناعمة، وكل موقع على الإنترنت يعادل مدفعاً ثقيلاً في قوته الناعمة، وكل بحث أو مقالة أو تصريح يعادل قذيفة صاروخية في قوته الناعمة، فهذه هي أسلحة الحرب الناعمة». لذلك منذ أن وصول الخميني إلى الحكم جرى تغيير مسمى وزارة الإعلام والسياحة إلى وزارة الإرشاد القومي، وبعد ذلك بعامين تقريباً إلى وزارة التوجيه الإسلامي، ودمج معها وزارة الثقافة، ومنذ عام 1987م تحوّلت إلى وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، وهذا يؤكد أنها ليست مسؤولة عن الشؤون الثقافية فحسب، بل أيضاً لتصدير فكر الثورة الخمينية ونشر أفكارها الخبيثة والهدامة، داخل إيران وخارجها، وذلك من خلال المؤسسات الكثيرة التابعة لها. وهذا ليس خفياً على أحد أن النظام الإيراني يتبنى استراتيجية واضحة المعالم، يسعى لنشرها خارج حدوده الجغرافية، مستهدفاً الدول العربية والإسلامية. ويمكن التدليل على توظيف الإعلام في الأيديولوجية الخمينية، من خلال النقاط التالية: أ. التضليل الإعلامي تشارك وزارة الاستخبارات الإيرانية من خلال الترويج الإعلامي والثقافي، في عمليات التضليل الإعلامي، إذ إن هناك قسماً متخصصاً داخل هذه الوزارة تحت مسمى (قسم التضليل)، ومن يراجع أقسام الوزارة سيجد أنه يُطلق عليه بالفارسية مسمى (نفاق)، ويقوم هذا القسم في عمليات التضليل الإعلامي والحرب النفسية والدعائية ضد أعداء الملالي في المنطقة العربية، إضافة إلى تشويه صورة المعارضة الإيرانية، كما يقوم هذا القسم بالإشراف على الأخبار التي تُنشر في الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون والمواقع الرسمية الإيرانية، وقد ذكر وزير الاستخبارات الإيراني السابق علي يونسي في مقابلة مع التليفزيون الرسمي الإيراني في أكتوبر 2004م: «إن قسم التضليل في وزارة الاستخبارات قد استنزفها، حيث استأجرت إيران آلاف الوكلاء داخلياً وخارجياً لتعزيز قوة وفاعلية الجهد الاستخباراتي الإيراني». ب. أشرطة الكاسيت: اعتمدت ثورة الخميني في بداياتها على الدعاية الإعلامية من خلال أشرطة الكاسيت التي تنقل خطب الخميني لعامة الإيرانيين، حتى أطلق المناوئون والمعارضون عليها مسمى ثورة الكاسيت، والتي كانت تستهدف ملامسة حماسة الجماهير التي أسقطت حكم الشاه. كما كانت هذه الخطابات الخمينية تستهدف الشاه فقط دون استعداء الجيش، حتى يكسبهم لصفه، مع الحرص على تقديم صورة الآتي بشكل جذاب وجميل يليق بعصر الحرية والعدل. ومن خلال هذه الوعود نستشف أن الدعاية الخمينية تدل على دهاء إعلامي خطير، حيث إن كل وعود الخميني في خطاباته للشعب الإيراني وتقربه للجيش ما هي إلاّ سراب وأكاذيب، فقد أدخل الشعب الإيراني في حال من الضنك والفقر الشديد، ونصب المشانق لقادة الجيش وجنوده. ج. الكتب والمجلات الدعائية: سعت سياسة الخميني الإعلامية منذ بداية حكمه بعد أشرطة الكاسيت إلى الدعاية للثورة وفكرها الإجرامي عبر الكتب والمجلات المترجمة، وذلك لكونها الوسيلة الأفضل للتواصل مع الشعوب العربية ومداعبة مشاعرها، وتحت عناوين جذابة كمجلة (الوحدة الإسلامية) و(الهدى) و(التوحيد) وغيرها، والتي يجري توزيعها مجاناً من قبل السفارات الإيرانية، ويتلقفها الشباب العرب دون معرفتهم بالضرر الذي تلحقه بهم، وهذا ما حدث في سورية ولبنان وتونس والجزائر وأفغانستان وغيرها، وكان لهذه الكتب والمجلات دور في إيجاد شعبية لإيران الخميني لدى بعض الشباب المستهدف. ولا أدلّ على ذلك من أن الكتب المدرسية وأغلب الصحف والمجلات الأسبوعية والشهرية والفصلية في عواصم عربية تُنشر بناء على موافقة إيرانية، أو من قبل مؤيدين للنظام الإيراني. د. هيئة الإذاعة والتلفزيون اهتمت إيران الخمينية بهيئة الإذاعة والتلفزيون (IRIB)، والتي يشرف عليها حالياً المرشد علي خامنئي، ورأسها لمدة عشر سنوات رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، والتي ضمّت أكثر من أربعين قناة إذاعية وتلفزيونية حكومية، وأكثر من ثلاثين ألف موظف. كما لديها عشرات المكاتب الإعلامية في بعض العواصم العربية والإسلامية، بالإضافة إلى عشرات المحطات الفضائية التي تبث برامجها على مدار الساعة، وذلك من خلال 12 قمراً صناعياً أجنبياً، وخمس عشرة محطة إذاعية تبث برامجها يومياً إلى أنحاء العالم كافة، وبلغات مختلفة، منها العربية والإنجليزية والفرنسية والروسية والإسبانية والتركية والبوسنية والأردية والكردية والهوسية والسواحلية وغيرها. ومن أهم المحطات الفضائية قناة (العالم) الموجهة إلى الدول العربية، وقناة (المنار) التابعة لحزب الله اللبناني، و(المسيرة) الناطقة بلسان الحوثيين، و(نبأ) و(اللؤلؤة) و(العهد)، و(الكوثر) و(الميادين) التي لها دور مهم في ترويج الإشاعات الكاذبة في ثورة الشعب السوري، ككفرية جهاد النكاح، والتغطية على جرائم حزب الله والحوثيين والميليشات الطائفية العابرة للحدود، وأيضاً قناة (برس تي في) الإنجليزية، وقناة (هيسبان تي في) الإسبانية التي تخاطب الناطقين باللغة الإسبانية، وخصوصاً دول أميركا اللاتينية. إضافة إلى ذلك هناك العديد من المحطات الخمينية التي تبث من دول عربية وعلى أقمار عربية، وتتبع ظاهراً لمالكين عرب، بينما في حقيقتها تعود إلى جهات رسمية خمينية. لذلك وعلى مدى 41 عاماً، وهذا عمر إيران الخمينية، أسهمت هذه القنوات الطائفية في تنفيذ سياسات إعلامية ممنهجة استهدفت المنطقة العربية على وجه الخصوص، وبثت بذور الفتنة الطائفية، وروّجت لمشروعها التوسعي، والمتاجرة بالقضية الفلسطينية، كما لم تستثنِ المعارضة الإيرانية، واصفة إياها بالعمالة لأنظمة عربية وغربية، وأيضاً هدفت بشكل عام إلى تسويق الصورة الإيرانية، وجذب العديد من الشباب. كما تنوّع بث هذه الفضائيات ما بين طرح ديني يدعي التقريب والوحدة، وآخر صريح ينشر الفكر الخميني بغلوه وخرافاته، وقنوات إخبارية سياسية تلفق الأكاذيب وترددها دون كلل وملل، وقنوات كرتونية وتعليمية تستهدف عقول الأطفال، وقنوات فنية، وقنوات تنطق بلسان أحزاب خمينية. لذلك تحرص الاستراتيجية الإعلامية الخمينية على تكوين أذرع إعلامية لها في أي بلد تستهدفه، لما لذلك من دور مهم في تسويق الأفكار، وتشكيل الحاضنات الشعبية. د. تجنيد إعلاميين وكتّاب عرب أنشأ ملالي طهران جيشاً موازياً، بل رديفاً للجيش التقليدي، متوغلاً المنطقة العربية، وفْق خطة إعلامية سرية ومدروسة تُعرف بـ «الخطة الإعلامية السرية»، وذلك أملاً في تحقيق إمبراطوريتهم الفارسية، والتي لن تكون إلاّ على أنقاض الدول العربية، وقد عثر على نسخة منها بحوزة ضابط مخابرات إيراني من فيلق القدس وقع في الأسر بأيدي عراقيين عام 2005م. وكشفت تلك الوثيقة عن دور المخابرات الإيرانية في تجنيد عشرات الصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب في لبنان وسورية ومصر واليمن والعراق وفلسطين، وآخرين يقيمون في دول أوروبية، ليكونوا في طليعة المدافعين عن ملالي طهران وتحسين صورتهم في المنطقة العربية، والدفاع عن سياساتهم التخريبية، وأعمالهم الإرهابية، وإبرازهم كمقاومين للهيمنة الغربية والإسرائيلية، ويقابل ذلك تشويه ممنهج لدور المملكة العربية السعودية عربياً وإقليمياً ودولياً. وباتت العاصمة بيروت مركزاً لتشكيل اللوبي الإعلامي الإيراني، والميدان الذي تدار منه المعارك لمهاجمة الخصوم، وقع في هذه المصيدة كتّاب وإعلاميون عرب يلهثون وراء المال، ولو جاء ذلك على حساب دولهم، وآخرون يدفعهم التزام أيديولوجي طائفي. ولقد أبرز هذا الالتفاف الإعلامي الخبيث زعماء الجماعات الطائفية كأبطال قوميين مرة، وإسلاميين تارة أخرى، لا يُشق لهم غبار، لدفع الشعوب العربية والإسلامية أن تعلق آمالها عليهم في تخليص الأمة مما تعانيه، ومن أبرز من المنتجات المسمومة: حسن نصر الله في لبنان، وعبد الملك الحوثي في اليمن، و قادة الحشد الشعبي في العراق، وبشار الأسد في سورية، وقاسم سليماني النافق كقائد وموجه لهؤلاء. وكانت النبرة الإعلامية لهؤلاء المأجورين عالية ومؤثرة في بعض الأحايين، إذ إنها ضخّمت قوة إيران وأقلياتها الطائفية في المنطقة العربية، وأظهرتها كقوة متماسكة لا نظير لها، بينما الحقيقة أنها تعاني انقساماً حاداً في كيانها الداخلي، نتيجة الاضطهاد والتمييز الذي يمارسه ملالي طهران تجاه الشعب الإيراني. وفي المقابل نجد هؤلاء المأجورين يدمغون الشعب العربي وكلّ من خالفهم بأنهم تكفيريون وقاعديون وداعشيون وصدّاميون وعفلقيون... إلخ، فوقع الكثير من الغرب في هذه المصيدة الإعلامية، والتي ترى في هذه الميليشيات الطائفية مدافعاً عن قيمها وأجنداتها، وخطاً أمامياً بالإنابة عنها في مواجهة ما يسمى الإرهاب السني. هـ. الدبلوماسية الرضوية تنظم مؤسسة الإمام الرضا الدولية للثقافة والفنون الإيرانية سنوياً «مهرجان الإمام الرضا الدولي للثقافة والفنون»، وذلك في إيران وتسعين دولة أجنبية، وعلى سبيل المثال، نظّم ملالي طهران في عام 2017م، مهرجاناً في مئة دولة، وأطلقت عليه مُسمى «الدبلوماسية الرضوية»، وذلك لنشر ثقافة الملالي، من خلال شرح مآثر الإمام الرضا، ويقول رئيس دائرة الثقافة في مدينة مازندران عهد جواداني: «تهدف الدبلوماسية الرضوية إلى إرسال المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء العالم، وهو ما أكده الإمام الخميني، وأضاف أن مؤسسة الإمام الرضا قد عززت من هذا التوجه... وهو حقاً أمر مثير للإعجاب، إذ قدمت هذا المهرجانات مفاهيم جديدة للتعاون والمشاركة، خصوصًا أن عالم اليوم مادّي ومتناقض، ومعظم الناس يبحثون عن السلام، في ظل ما سعى إليه الإمام الرضا…». لهذا نجد أن مؤسسات الثقافة الخمينية، وهيئاتها الخارجية، تلعب دوراً كبيراً في إطار الدبلوماسية الإعلامية الإيرانية.. وعلى سبيل المثال، الدور الذي تلعبه في أغلب الدول الإفريقية ودول البلقان. و. سياسة التقريب لم يدخر ملالي طهران جهدًا في توظيف سياسة التقريب بين المذاهب، وذلك من أجل الترويج لثقافتهم الدينية القومية، وأساطيرهم الخيالية، إلى جانب نشر الكتب الصوفية ذات التحقيق الشيعي المتعاطفة معهم، ومن أهمها كتاب «أبو الشهداء الحسين بن علي عليه السلام»، لمؤلفه عباس محمود العقاد، وذلك من أجل خلق تصور أن المسلمين مؤمنون بما تطرحه الثورة الإيرانية من مفاهيم وأفكار. ومن أجل الذهاب أبعد في سياسة التأثير الإعلامي في الوسط العربي والإسلامي، أنشأ نظام الملالي المراكز الثقافية والاجتماعية والنشاطات الدينية لتحقيق هذه الغاية، وفتح كثيراً من المكاتب الخاصة في الدول العربية والإسلامية، لتزويد الأسر الفقيرة ببطاقات مجانية للحج، إضافة إلى تزويدها بالعديد من الكتب المتخصصة بسيرة الخميني وخامنئي. ومن هنا لنفهم عمل السفارات الإيرانية في الخارج، وقنصلياتها الثقافية، كمراكز قوة دبلوماسية وإعلامية، نحتاج إلى النظر في عدد المراكز الثقافية الإيرانية وأنشطتها في هذه الدول، وعندها سيتضح أمامنا مدى تأثير الإعلام الناعم الإيراني على العالم. ز. القدرات السيبرانية: على مدى العقدين الماضيين بذلت وزارة الاستخبارات والأمن الوطني بالتعاون مع وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، جهوداً كبيرة لمنع وصول الشعب الإيراني إلى الإنترنت، فاخترعت مشروع (الإنترنت الحلال)، وأصبحت قادرة على الوصول إلى أهداف بعيدة المدى في أنظمة دول العالم، وتدميرها، على الرغم من معرفة إيران أنها ما زالت عاجزة عن امتلاك المعرفة الكافية التي تمكنها من تنفيذ هجمات سيبرانية متكاملة ذات طابع استراتيجي، إلاّ أنها أسست هيئات داخلية لتعزيز قدراتها السيبرانية هجومياً ودفاعياً، ومن أبرزها: (المجلس الأعلى للفضاء السيبراني)، الخاضع لإشراف رئيس الدولة مباشرة، مروراً بوزراء الاتصالات والثقافة والعلوم، ومسؤولين من البرلمان وأجهزة القضاء والاستخبارات وغيرهم، والذين يقومون بإعداد السياسات العامة، وتنسيق الجهود للدفاع والهجوم السيبراني، من خلال إنشاء خلايا بشرية من الجيوش الإلكترونية داخل إيران وخارجها، والتي تعمل ضمن السياسات التي يضعها المجلس الأعلى، ومن أبرزها جيش الباسيج الإلكتروني، والجيش الإلكتروني الإيراني، والجيش السوري الإلكتروني، وغيرها من الجيوش السيبرانية ذات النزعة الطائفية التي نفذت العديد من الهجمات السيبرانية في الغرب والمنطقة العربية. ولهذا نعتقد أن الدافع الحقيقي لإنشاء هذه الجيوش السيبرانية هو حماية نظام الملالي من المعارضة الإيرانية الخارجية، ومن الانتفاضات الشعبية الداخلية، إضافة إلى استعراض القوة أمام دول المنطقة، لا سيما مع انخفاض تكلفة الهجوم السيبراني الفعّال مقارنة بالحرب الحقيقة، وبذلك يكون الملالي قد حققوا هدفين: الأول خارجي، والآخر داخلي. وخير مثال على ذلك ما تعرضت له المعارضة الإيرانية، خصوصاً منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية من هجمات انتقامية، تنوّعت بين التصفية الجسدية لكوادرها خارجياً، والاعتقال والإعدام لأنصارها داخلياً. كما ركزت العمليات السيبرانية الإيرانية على الإعلاميين الإيرانيين الذين يعملون مع وسائل الإعلام الدولية، وعلى الشخصيات الإصلاحية، من خلال اختراق حساباتهم، والتجسس عليهم عبر برامج ضارة. ولذلك أصبحت السيبرانية أداة رئيسة للسياسة الإيرانية لأغراض التجسس والاغتيالات والقمع الداخلي، كما يسعى الخطاب الرسمي إلى التضخيم من القدرات السيبرانية الإيرانية، وفي الوقت ذاته يقدم نفسه على أنه ضحية للعدوان الأجنبي، حيث صرّح نائب وزير الخارجية الإيراني حسين جابري أنصاري لوكالة أنباء (مهر) الإيرانية متهماً فيه الولايات المتحدة بتنفيذ هجوم سيبراني على إيران قائلاً: «إن الحكومة الأميركية التي شنت هجمات سيبرانية على منشآت إيران النووية السلمية، عرّضت حياة الملايين من الأبرياء لخطر كارثة بيئية». وبينما يستخدم ملالي طهران ميليشياتهم العميلة لإثبات قوتهم الإقليمية، فإنهم دائماً ما يستخدمون وكلاءهم في المنطقة العربية لإخفاء عملياتهم الإلكترونية ضد الدول، ولإنكار مسؤوليتهم عنها رسمياً. رابعاً: الاستراتيجية الإعلامية أ. حرص النظام الإيراني على استمرار وصول بث قنواته الطائفية للمجتمعات العربية والإسلامية، وعلى تعدد المنابر الإعلامية وتنوعها في المضمون والشكل، حتى تصل لأكبر شريحة ممكنة. ب. تقوم هذه القنوات الطائفية بنشر أفكار الملالي بشكل مباشر أو غير مباشر، والتي لا تخفي أي شيء من العقائد الغالية بتكفير الصحابة وأمهات المؤمنين، والطعن في ثوابت القرآن والسنة، إضافة إلى برامج دينية تبشيرية وفق رؤى وأفكار الملالي. ج. نشر مسلسلات تاريخية إيرانية مدبلجة للعربية على قنوات الكوثر والفرات والمنار، تحوّر الحقائق والوقائع التاريخية، مع تجنّب السب المباشر للصحابة وأمهات المؤمنين، لكنها تطرح المغالطات والافتراءات حولهم. د. محاصرة المشاهد بجرعة مكثفة من أجواء الملالي المتمثلة بالبكاء والبؤس والأضرحة والسواد وغيرها، إضافة إلى مطاردته بسيل من الأحاديث الكاذبة، وعدم استثناء الأطفال من ذلك الغزو الفكري، وكذلك الوقاحة في تجسيد شخصيات الأنبياء والصحابة في مسلسلات بطريقة غير محترمة، للتشكيك بسيرها في ذهن المشاهد. هـ. على الرغم من تعدد منابر الملالي الإعلامية تجاه شعوب المنطقة، إلاّ أنها تصدر عن مطبخ سياسي واحد، ورؤية مشتركة في الخطوط العريضة، وحتى في الحدث السياسي الواحد، إضافة إلى تقديم رواية متكاملة عن حدث ما في عدة قنوات حتى يكاد المشاهد يصدقه، وذلك من كثرة التكرار وعرض التفاصيل، وهي في الحقيقة ليست إلا سراب، معتمدين في ذلك على التلفيق وقلب الحقائق وتحريفها. و. استغلال القضايا العربية والإسلامية المتفق عليها من الجميع، لتمرير مشروعهم وأجندتهم الخبيثة، كالقضية الفلسطينية، وتعظيم آل البيت، وهذا ما تقوم به قناة العالم من خلال برامجها المتعددة: مع الحدث، من طهران، من العراق، الرأي الأول، الإمبراطورية السادسة، المحور، العين الإسرائيلية... إلخ، إضافة إلى ما تقوم به قناة الميادين، وقناة المنار، وغيرهما. ز. توظيف الإعلاميين والكتّاب من غير الشيعة للترويج لمشروع الملالي، وجاء ذلك في الوثيقة السرية الإعلامية المسربة: «يجب أن ندرك أن ثمار ما زرعناه في البلدان العربية منذ بدء الثورة الإسلامية، قد نضجت وحان وقت قطافها، واستثمار رصيدنا العربي من الكتّاب والمثقفين والإعلاميين وبعض الساسة العرب، الذين عُرف عنهم معاداة الولايات المتحدة، والوقوف ضد غزو العراق، ودعم المقاومة العراقية الصدامية الوهابية، والآن يقفون لصفنا، لقد حان وقت تحرّك هؤلاء لأنهم يحظون بسمعة طيبة خصوصاً في الأوساط المساندة للصداميين والوهابيين والعفالقة، مما يخلق ارتباكاً في صفوف مناهضي جمهورية إيران الإسلامية، ولتجنّب كشف أنصارنا من الكتّاب العرب، يجب توزيع الأدوار بينهم بدقة، وعدم جعل أحدهم يقوم وحده بكلّ العمل الإعلامي المطلوب». وخير من طبّق هذه الاستراتيجية هو مكتب قناة المنار في القاهرة، الذي وظّف الكثير من القوميين واليساريين لخدمة مشروع الملالي، والدفاع عنه. ح. المعيار الطائفي هو المقدم على أي شيء في سياسة الملالي الإعلامية، وعلى الرغم من أن الملالي يتمسحون بالقضية الفلسطينية لاختراق صفوف المسلمين، إلاّ أن ذلك لا يكون على حساب غلو الملالي الطائفي، إذ رفض مراسل قناة (تي برس) في غزة بناء على توجيهات من إدارة القناة إجراء متابعة خبرية لجريمة إسرائيل بقصف مدرسة في غزة، والتي نتج عنه ضحايا من الأطفال الأبرياء، وكان سبب الرفض أن المدرسة تحمل اسم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ط. هناك تناغم عجيب وتفاعل بين ما تبثه وسائل إعلام الملالي من أكاذيب وافتراءات، وبين ما يتداوله الشخص الشيعي البسيط في أي مكان، مما يخلق حالة كاملة من الوهم لديهم. ي. يزاوج إعلام الملالي بين خطاب أتباعهم الذين يشحنهم خلف سياسته الطائفية، وبين خطاب الرأي العالمي الذي يؤكد على القيم المشتركة والإنسانية، وذلك في خبث ومكر كبيرين. ك. يعتمد الملالي في تدريب كوادرهم الإعلامية وتأهيلهم على مؤسسات متخصصة، ولا يسمح لأي إعلامي أن يتصدر للحديث باسمهم إلاّ من جرى توجيهه لهذه المهمة، لذلك يستخدم إعلاميو الملالي تكتيكاً موحداً للتخلص من الأسئلة المحرجة، ولو كانت الإجابات غير مقنعة، ثم التشعب في الإجابة والخروج عن فحوى السؤال، وذلك من خلال التطرّق إلى قضايا فرعية خارجة عن صلب الموضوع. ل. إسكات منابر الخصوم الإعلامية داخل إيران وخارجها، لا سيما التابعة منها للمعارضة الإيرانية، وإغلاق الصحف والمجلات واعتقال الصحفيين، وتكرر ذلك كثيراً. خامساً: سقوط الإعلام الإيراني على الرغم من النجاحات التي حققتها الاستراتيجية الإعلامية الناعمة الإيرانية، إلاّ أنها قد فشلت لأسباب عديدة، وللأسف لم يكن للإعلام العربي بصمة واضحة ومنظمة في كشف زيف هذا الإعلام الموجّه، إلاّ القليل، ولقد سمعنا وشاهدنا على سبيل المثال، الكثير من الأخبار المزيفة التي خرجت من مخابئ وأقبية المخابرات الإيرانية، قد رددها بعض الإعلام العربي دون تمحيص وتثبّت ومتابعة والبحث عن القرائن، وخير مثال على ذلك حوادث قتل وتدمير وتشريد حصلت للشعب العراقي على أيدي الميليشيات الطائفية، ثم تنسب هذه الأعمال الشائنة إلى داعش الإرهابية، خصوصاً أن المنطقة التي وقع فيها القتل تموج بأفواج الميليشيات الطائفية وعناصرها الإجرامية، فيأتي بعض الإعلام العربي مردداً ما سربته أقبية المخابرات الإيرانية، وهنا تتحقق الاستفادة الإيرانية من ترويج الأخبار المضللة، وغيرها الكثير من الأمثلة. وعلى الرغم من أن الإعلام العربي لا يجمعه هدف موحد وسياسة معلنة وتنسيق منظم لمواجهة إرهاب الملالي، إلاّ أن وعي الشعوب العربية والإسلامية كشف زيف الاستراتيجية الإعلامية الإيرانية، وكان أحد أسباب الانهيار، إضافة إلى مسببات أخرى، ويمكننا اختصارها في الآتي: أ. تَحوَّل الخطاب الإعلامي الإيراني من الترويج كذباً لنصرة المستضعفين، إلى الترويج للنزعة الإيرانية في تحقيق مشروعها التوسعي في المنطقة العربية، وقد كشفت تدخلاتها في العراق وسورية واليمن ولبنان عن هذه النزعة التوسعية والطائفية، وهو ما أفقد خطابها الإعلامي المصداقية حتى بين الشيعة. ب. فشل الخطاب الإعلامي الإيراني في تقديم إعلام مقنع للمتلقي العربي، وكذلك للمواطن الإيراني الذي وجد عدم الشفافية في الطرح، ما أدى إلى ضعف ثقته بالقنوات الإيرانية، ولجوئه إلى القنوات الخارجية الناطقة باللغات العربية والفارسية والإنجليزية. ج. تورّط النظام الإيراني في تدمير الحواضر العربية، لا سيما في سورية والعراق واليمن، واستنزاف مواردها المالية، وخلق الفتن الطائفية، والنزعات العرقية. د. رفد النظام الإيراني إمبراطوريته الإعلامية بعشرات المحطات الفضائية والإذاعية داخل إيران وخارجها، مما زاد الأعباء المالية على الاقتصاد الإيراني المنهك في الأصل جراء الفساد وسوء الإدارة، وأدى ذلك إلى تقنين الإنفاق على هذه القنوات التي أعلن بعضها الإفلاس. هـ. نشاط إعلامي لافت تقدمه المعارضة الإيرانية أدى إلى زعزعة أركان هذا النظام داخلياً وخارجياً، ولا أدلّ على ذلك من التظاهرات اليومية لمختلف مكونات الشعب الإيراني المطالبة بإنهاء حكم الملالي، وأيضاً المحاكمات الأوروبية التي طالت دبلوماسيين إيرانيين إرهابيين ارتكبوا العديد من الجرائم ضد الإنسانية، وآخرها ما جرى في محكمة أنتويرب البلجيكية. ختاماً، تبيّن لنا من خلال هذه الدراسة بكل وضوح أن النظام الإيراني يدير معركة إعلامية مركزة ضد المنطقة العربية والإسلامية، ويحشد لها أفضل الطاقات، ويضخ فيها أموالاً ضخمة، ليحصل على شعبية عربية وإسلامية، إلاّ أن الأفعال الإيرانية قد تضررت بشكل كبير بعد كشف توجهاتها وفضح طائفيتها، إلا أن النظام الإيراني ما زال يخدع البعض على الصعيد الدولي، رغم ما ارتكبه من جرائم بحق الشعب العراقي والسوري واللبناني واليمني، فقد تمكّن من إقناع بعض الدول بكونه يحارب التطرّف السّنّي، وأنه جزء من استقرار المنطقة، وليس تعويم دميته بشار الأسد في سورية، والحوثيين في اليمن، عنا ببعيد.

مشاركة :