أبرزت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية قلق الولايات المتحدة المتزايد من تأثير الحزب الشيوعي الصيني على جامعاتها، والحياة الأكاديمية داخلها.وبحسب مقال لـ«شاد وولف»، وهو زميل زائر في مؤسسة هيريتيج فاونديشن، و«جيمس جاي كارافانو»، نائب رئيس المؤسسة، رغم أن معاهد كونفوشيوس الموجودة داخل الجامعات الأمريكية حظيت باهتمام كبير مؤخرًا، فإنها ليست سوى قمة جبل الجليد الغاطس.وتابع الكاتبان بقولهما: يمتلك العديد من البرامج الصينية الأخرى أيضًا القدرة على التأثير واستغلال الكليات والجامعات الأمريكية، إن أنشطتها مثل أنشطة معاهد «كونفوشيوس»، ليست معروفة تمامًا بأي مشكلة.وأشارا إلى أن من بين هذه البرامج «المواهب الأجنبية الألف» في بكين، الذي يهدف إلى جذب العلماء والمهندسين والمديرين الأجانب المتميزين من الدول الأجنبية، وأضافا: تأتي الدعوات والإعلانات للمشاركة مباشرة من المؤسسات البحثية الصينية التي تدير تلك البرامج، لكن هذه المؤسسات تخضع لإشراف الحكومة والحزب الذي يقدم تعويضات مالية مقابل المشاركة.«الألف موهبة»ومضيا بالقول في مقالهما: أشار تحذير وزارة الخارجية لعام 2020 بشأن أنشطة الحزب الشيوعي الصيني في الجامعات الأمريكية، إلى أن المجندين في برنامج «الألف موهبة» يجب أن يوقعوا عقودًا ملزمة قانونًا، تجبر المستفيدين في كثير من الأحيان على إخفاء علاقاتهم وتمويلهم في جمهورية الصين الشعبية، وتسهيل الحركة غير المشروعة لرأس المال الفكري لنسخ «مختبرات الظل» في الصين، وتجنيد مواهب أخرى، والنشر في المجلات العلمية التي تتخذ من الصين مقرًا لها، والانخراط في أنشطة في الخارج من شأنها أن تنتهك لوائح مراقبة التصدير، والتأثير على المنظمات الأمريكية.وتابعا: عندما بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي التدقيق في برنامج «الألف موهبة» في 2015، أنهت بكين فجأة جميع المناقشات العامة للبرنامج، وحذفت جميع الإشارات إليه عبر الإنترنت، ومع ذلك البرامج مستمرة.وبحسب الكاتبين، اتُهم العام الماضي تشارلز ليبر، أستاذ الكيمياء بجامعة هارفارد، الحاصل على منح بحثية كبيرة من المعهد الوطني للصحة ووزارة الدفاع، بارتكاب جرائم تتعلق بعدم الكشف عن الأموال الواردة من برنامج تجنيد صيني.وأردفا بقولهما: بعد ذلك بوقت قصير، ظهرت حالة مماثلة في جامعة إيموري، حيث تم فجأة فصل البروفيسور تشيوجيانغ لي وزوجته، التي أدارت مختبر العلوم العصبية بالجامعة، عندما خضعا لتحقيق فيدرالي لعدم إبلاغهما عن منح بمئات الآلاف من الدولارات من الأكاديمية الصينية للعلوم.وتابعا: أنشأت الحكومة الصينية معاهد «كونفوشيوس» لغرض معلن؛ وهو تدريس اللغة والثقافة الصينية في جميع أنحاء العالم، في الولايات المتحدة، تُنشأ المعاهد عادة في شراكات بين المؤسسات الصينية التي تشرف عليها بكين، ومدارس للغرض المعلن المتمثل في تقديم تعليم اللغة والفعاليات الثقافية وتمويل الأبحاث المتعلقة بالصين.شراكات «كونفوشيوس»وأضافا: بينما يقع مقر معظم معاهد «كونفوشيوس» في الكليات والجامعات، فقد تم إنشاء العديد منها بالشراكة مع مناطق المدارس العامة، القليل منها في الولايات المتحدة مستقل وليس له انتماء محلي.ومضيا بالقول: قامت دراسة أجرتها الجمعية الأمريكية لأساتذة الجامعات عام 2014 بفحص 12 معهدًا منها، ومسح سياسات التوظيف الخاصة بها، وترتيبات التمويل والعقود، والضغط على أعضاء هيئة التدريس المنتسبين.وتابعا: أشار التقرير إلى 4 قضايا ذات أهمية؛ هي: الحرية الفكرية، الشفافية، التشابك مع سياسات الدولة الصينية، مخاوف من أن تكون المعاهد أدوات للدعاية، وأردفا: على سبيل المثال، ادعى أحد الأساتذة أن من بين الأمور الممنوع فيها النقاش الأمور المتعلقة بدعوة الدالاي لاما إلى الحرم الجامعي والتبت وتايوان والحشد العسكري الصيني والقتال بين الفصائل داخل القيادة الصينية.وبحسب الكاتبين، أشار تقرير خدمة أبحاث الكونغرس لعام 2019 إلى مخاوف إضافية.وأضافا: لسوء الحظ لا تزال المعلومات الحيوية حول نطاق أنشطة المعهد وعلاقاته المالية والتشغيلية مع المؤسسات وتأثيرها غير معروفة إلى حد كبير، وأردفا: في يناير 2019، أدلى نائب وزير التعليم آنذاك، ميك زايس، بشهادته وقال: «إنما يقرب من 70% من الكليات التي تتلقى تمويلًا حكوميًا صينيًا لمعاهد كونفوشيوس، لم تبلغ أبدًا عن هذه التبرعات إلى وزارة التعليم، بما يتعارض مع القانون الاتحادي»، وتساءل زايس: «إذا كانت حكومة الولايات المتحدة لا تعرف حتى حجم التمويل، فكيف يمكنها ضمان أن تكون الضمانات ضد الاستغلال الضار كافية؟».ويقول أحد الطلاب إنه «كان يعتقد أنه بمجيئه إلى الولايات المتحدة صار في بلد حر، لكنه اكتشف أن الحكومة وسعت سيطرتها إلى الطلاب الصينيين في أمريكا».وأضافا: ما هو واضح تمامًا أن الحكومة الصينية لديها وسائل للتدخل المباشر في حرية التعبير في الجامعات الأمريكية.هدايا «مليارية»وأردفا: خلص تحليل «بلومبرغ» للبيانات التي جمعتها وزارة التعليم الأمريكية، إلى أنه في غضون 6 سنوات ونصف السنة (حتى يونيو 2020)، تلقت 115 كلية أمريكية ما يقرب من مليار دولار في شكل هدايا وعقود من مصادر صينية، وهذا هو المبلغ الذي تم الكشف عنه علنًا.وتابعا: في 2018، رعى مركز وودرو ويلسون دراسة لتقييم التأثيرات الصينية على الجامعات، أجرى خلالها الباحثون ما يقرب من 180 مقابلة، بما في ذلك أكثر من 100 مقابلة مع أساتذة.ويضيفان: خلصت الدراسة إلى أن المخاوف مبررة، حتى لو كانت مبالغًا فيها في بعض الأحيان، ومحفوفة باحتمال سوء التوصيف، أو ما هو أسوأ من التنميط العنصري، كما خلصت إلى أنه من الواضح تمامًا أن هناك حالات قد تأتي فيها الأموال الصينية بشروط مرتبطة بها.ولفتا إلى أن مجلس المنح الدراسية الصيني يعتبر منظمة غير ربحية داخل وزارة التعليم الصينية، ويمول المجلس التبادلات الأكاديمية والعلماء والأساتذة والباحثين الصينيين، كما يوفر منحًا دراسية للطلاب الصينيين الذين يسعون للحصول على درجات الدراسات العليا والدراسات العليا في الخارج.وأضافا: تقدر دراسة أجراها مركز الأمن والتكنولوجيا الناشئة بجامعة «جورج تاون»، أن المجلس يدعم حاليًا ما بين 26000 و65000 طالب في الولايات المتحدة.وأردفا: لا شك أن الحكومة الصينية تستخدم هذه البرامج بشكل متزايد للتأثير على سلوك الطلاب الذين يدرسون في الخارج.وختم الكاتبان بحسب قولهما: الثابت الكبير بين جميع هذه البرامج هو أنه يمكن التلاعب بها من قِبل الحكومة الصينية لممارسة نفوذها على الطلاب، بسبب نشاط خبيث وغير مشروع وغير قانوني.
مشاركة :