مطلوب خطة إنقاذ اقتصادية قبل فوات الأوان

  • 3/26/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قال "عراب النفط" وزير البترول السعودي الراحل أحمد زكي يماني، في مقابلة له مع صحيفة "ذي تليغراف"، إن العصر الحجري انتهى ولم ينقرض الحجر، وعصر البترول سينتهي ولن ينضب البترول، فليس بعيداً عنا وفي الأمس القريب هزت الكويت أزمة تجارة اللؤلؤ، ففي عام 1928 ظهر اللؤلؤ المستزرع ليطيح اللؤلؤ الطبيعي، ومع كثرة ما طُرح منه في الأسواق؛ نزلت قيمته وزاد في رخصه التنافس على البيع وعدم اتفاق التجار على أسعار محددة له، وعانى كل العاملين بتجارة اللؤلؤ من الغاصة إلى التجار ومن الكساد أمرّ المعاناة، ولم تكن ثمة أعمال أخرى يعملون بها، فتم استكشاف النفط بعدها لينقذ البلاد من ويلات البطالة والفقر. غير أنه من الطبيعي أن تتكرر تلك التجربة مع تجارة البترول، التي تعد المصدر الرئيسي إن لم تكن الوحيدة للاقتصاد الكويتي المتواضع، فقد تقاعست الدولة منذ عقود طويلة في تنويع مصادر الدخل، رغم أن دولاً خليجية مجاورة هرعت إلى تنويع مصادر دخلها منذ استشعرت هذا الخطر، ورغم تلك الأخطار فإننا لا نزال نمتلك من الإمكانيات والقدرات الهائلة لإيجاد حلول وإصلاحات من أجل تدعيم الاقتصاد الوطني وتخفيف الاعتماد على هذا المصدر قبل فوات الأوان، فمن رحم الأزمات تولد الهمة والإصلاحات. وعلى سبيل المثال، حين انهار في عام 1983 اقتصاد الكيان الصهيوني أعلنت أكبر أربعة مصارف إسرائيلية الإفلاس مما ترتب عليه انهيار النظام المصرفي وأسواق تداول الأسهم، وعليه ارتفعت البطالة إلى نسب غير مسبوقة بسبب فقدان آلاف الإسرائيليين وظائفهم وانهارت العملة وتأثر الاقتصاد إثر ذلك، فقامت الحكومة بمحاولات يائسة لتعديل الوضع الاقتصادي دون جدوى، إلى أن قدم مستشار في وزارة التجارة والصناعة يدعى إيغال إرلتش مشروع إنقاذ لحكومة الكيان الصهيوني في بدايات التسعينيات وهو برنامج تمويلي للشركات الناشئة يسمى مشروع المبادرة، وتقوم فكرته على استثمار الحكومة بمبلغ مئة مليون دولار لإنشاء عشرة صناديق استثمارية تتخصص بتمويل الشركات الناشئة، وكل صندوق يتكون من ثلاث وظائف، مستثمرين مخاطرين إسرائيليين متدربين (الهدف تعليمي)، وشركة استثمار مخاطر أجنبية، وشركة استثمارية تقليدية، وعلى جميع هؤلاء المستثمرين توفير 16 مليون دولار كرأسمال للصندوق الاستثماري، وفي المقابل يضيف البرنامج 8 ملايين دولار للصندوق، وسبب تهافت المستثمرين على هذا الصندوق هو أن الحكومة تنسحب من الصندوق في حالة نجاحه، وبإمكان الشركات الاستثمارية شراء أسهم الحكومة في هذا البرنامج بنفس القيمة الاسمية، وبهذه الطريقة تعود أرباح البرنامج للمستثمرين فقط وتخرج الدولة من الاستثمار. الصناديق العشرة التي تم تأسيسها عن طريق برنامج المبادرة بين عامي 1993 و1996 استطاعت جمع استثمارات بلغت 250 مليون دولار، واليوم تدير هذه الصناديق رأسمالاً يزيد على ثلاثة مليارات دولار، وتقوم بدعم آلاف الشركات الناشئة في الكيان الصهيوني، فالنتيجة أن الاستثمار الجريء أسهم في ريادة الأعمال في ذلك الكيان، واليوم توجد أكثر من 30 شركة أجنبية رائدة في مجال الأبحاث والتكنولوجيا لديهم، وتوجد أكثر من 4000 شركة ابتكارية وتكنولوجية جديدة أيضاً، ناهيك عن توفير عشرات الآلاف من فرص العمل إضافة إلى الريادة العالمية في صناعات التكنولوجيا المتقدمة، فأصبحت بذلك مركزاً علمياً وتكنولوجياً عالمياً. ومما يؤسف له أن يضرب هذا المثال بمبادرات في دولة الكيان الصهيوني، فتتجاوز كل العقبات، بل تخلق فرص عمل وتنمية جبارة، وكان الأولى به أن يحدث في بلد عربي. وعلى أي حال، فإن الكويت اليوم تمتلك من الإمكانيات الكبيرة التي يمكن من خلالها الاستفادة من استثماراتها المالية في الخارج الاستفادة الأمثل من أجل تدعيم الاقتصاد الوطني، من خلال خلق فرص استثمارية واستقطاب الشركات الأجنبية المعنية بالأعمال التكنولوجية للعمل في الكويت من خلال تقديم حوافز وتسهيلات مالية للعمل في السوق الكويتي، مما سيترتب عليه خلق فرص عمل للمواطنين واستقطاب رؤوس أموال أجنبية للكويت وتنويع لمصادر الدخل، فلكم أن تتخيلوا أن الكويت تستثمر محلياً نحو مئة مليون دولار سنوياً في قطاع تكنولوجيا الروبوتات، فيما يبلغ حجم استثمارات الكويت الخارجية في هذا القطاع عبر صناديق تكنوولوجية يساهم فيها الصندوق السيادي الكويتي بقيمة تتجاوز مليار دولار.

مشاركة :