يبقـى اختيار التخصص الجامعي في ظل الظروف الحالية من القرارات الصعبة، التي تحتاج إلى دراسة واستشارات ووعي واضطلاع، لا سيما أن التخصص الحالي سيكون بوابة وظيفة المستقبل، فاليوم مطلوب أكثر من أي وقت مضى التروي في اختيار التخصص المناسب، خاصة في ظل ظهور وظائف وتخصصات جديدة تستشرف المستقبل، لا سيما أن في سوق العمل تخصصات ظهرت مع تداعيات انتشار فيروس كورونا في العالم. فكيف نساعد أبناءنا على اختيار التخصص الذي يناسب ميولهم، ويلامس قلوبهم، ويحقق لهم السعادة أثناء مسيرتهم الدراسية، وفي الوقت نفسه يحقق لهم مستقبلاً زاهراً، حيث إن اختيار التخصص لا يجب أن يتم جزافاً، ويجب أن يراعي ميولهم وطموحهم أيضاً، ويواكب التطورات ومهن المستقبل المطلوبة؟. الدكتورة موزة سعيد البادي رئيس اللجنة المنظمة لمعرض واجهة التعليم ومؤتمر شباب الشرق الأوسط 2021، الذي عقد من 21 إلى 23 مارس الجاري.. قالت، إن الفعاليات كانت فرصة ثرية لتبادل الخبرات والرؤى من خلال وجود نخبة من الجامعات والمؤسسات التعليمية والخاصة من داخل دولة الإمارات وخارجها، موضحة أن جائحة «كوفيد- 19» قامت بتعطيل سبل العيش لملايين الشباب حول العالم، حيث تقدر منظمة العمل الدولية أن واحداً من كل ستة شباب قد توقف عن العمل بسبب الجائحة، كما إن الجائحة قامت بالتأثير على قطاع التعليم وفرص التعليم والتدريب للشباب، ما أدى إلى تداعيات طويلة المدى حتى في مرحلة ما بعد التعافي من هذا الوباء. أكدت الدكتورة موزة سعيد البادي أنه على الرغم من توجه الجامعات نحو التعليم عن بُعد من خلال مختلف التقنيات الرقمية للتخفيف من آثار الأزمة على الشباب، إلا أنه ما زال من المهم تسليط الضوء على التغير السريع الذي طرأ على تغيير نوعية المهارات المطلوبة في سوق العمل وتزايد طلب جهات العمل على المهارات الرقمية المتقدمة تحت مسمى اقتصادي جديد يعرف بـ «اقتصاد كوفيد»، والذي يركز على المهارات المتقدمة والقدرة على العمل عن بُعد بفعالية. اقتصاد «كوفيد» وأوضحت أن الحكومات والشركات اليوم تعمل على زيادة استثماراتها في تطوير المهارات الرقمية لضمان تمكين الشباب من الاستفادة من فرص التعليم والتوظيف عبر الإنترنت، مؤخراً على سبيل المثال قامت شركة مايكروسوفت بإطلاق مبادرة جديدة لمساعدة 25 مليون شخص في جميع أنحاء العالم لاكتساب مهارات جديدة تمكنهم من العمل تحت ظل «اقتصاد كوفيد» ولضمان تحقيق النجاح على نطاق واسع، لا بد من وجود تعاون بين المؤسسات التعليمية وجهات العمل لتمكين الطلبة من المهارات المطلوبة لهذا الاقتصاد الجديد من خلال إعادة النظر في مخرجات المناهج التعليمية ومواءمتها مع متطلبات سوق العمل. الأيام المفتوحة وقالت لينا الكيلاني، المرشدة الأكاديمية بمدرسة النهضة الوطنية بأبوظبي، إن المدرسة تهتم بطلاب الصف الثاني عشر، وتزودهم بجميع المعلومات، والدروس المكملة والمواد الإضافية وتساعدهم على اجتياز الامتحانات الخارجية، كما تنظم الأيام المفتوحة عن بُعد خلال الجائحة، ونحن نعطيهم لمحة عن التخصصات والجامعات داخل الدولة وخارجها، كما نساعد الطلاب الإماراتيين بالتسجيل في التعليمات، قسم القبول والتسجيل (NAPO)، بحيث نجهز ملفات للطلاب، وفي سياق الظروف الحالية تستضيف المدرسة معارض عن بُعد، لتسليط الضوء على التخصصات الجديدة، ونتيح للطلاب أيضاً الاستفسار عن الجامعات، والتخصصات الجديدة، كما نشكل نقطة وصل بين الطلاب والجامعة. التنوع مطلوب لمساعدة الطلاب على اختيار التخصص الجامعي الذي يوافق ميولاتهم، ويملأ طموحاتهم، الجامعات في الدولة، سواء الخاصة أو الحكومية تفتح أبوابها أمام الطلاب وتجيب على استفساراتهم مسخرة جميع إمكاناتها لتوجيه الطلاب، في هذا السياق قال قيس التميمي رئيس قسم استقطاب الطلاب بجامعة الإمارات: ندعم ميول الطالب ورغبته ونؤطر رغبته بما يتماشى مع أحلامه وميوله وطموحاته المستقبلية، ودورنا كجامعة ندعم حلم كل طالب بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل ومهن المستقبل، وفي الوقت نفسه ندعم جميع التخصصات، حيث كنا في السابق نعقد لقاءات اليوم المفتوح، بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، ونحاول الوصول إلى أكبر شريحة من الطلاب، واليوم نقتصر على المعارض الافتراضية، عن طريق «زوم»، ونعرض جميع التخصصات الشاملة والمتكاملة ولا نركز على تخصص معين، لدينا 9 كليات وبرامج كثيرة فالتنوع مطلوب، بحيث لا نركز على تخصص من دون آخر، منها التخصصات العلمية والتخصصات الأدبية، ونركز أيضاً على برامج الذكاء الاصطناعي، في كلية تقنية المعلومات، وعلـى هندسة الطيران، ومن التخصصات الجديدة والتي تشهد إقبالاً من طرف الطلبة، الأمن السبيرياني وعلوم الفضاء، العلوم الصحية، كما أن جامعة الإمارات معروفة بدراسة الطب، وعلوم التغذية والزراعة وغيرها من التخصصات. مواكبة التغيرات الدكتورة بنة بوزبون خبير نفسي واجتماعي، والتي تقدم دورات تفاعلية للشباب بمؤسسة التنمية الأسرية عن أهمية التخطيط المهني والاجتماعي أكدت أهمية التعرف على التطورات ومواكبة التغيرات التي تشهدها الإمارات التي كانت سباقة لاستشراف المستقبل، موضحة أنه أصبحت هناك صناعة للطاقات الشابة عبر عدة برامج التي ترفد المجتمع بمواهب خلاقة، مشيرة إلى أن كل ولي أمر يجب أن يتعرف على توجهات ابنه، لا سيما في المرحلة الثانوية، ويدعمه ويوجه ميوله، بما يضمن رحلة سعيدة للطالب، سواء في الجامعة، أو في سوق العمل مستقبلاً، حيث إن اختيار التخصص الذي يلبي طموح الطالب ويناسب ميوله، سيجعله يعمل كل ما في وسعه لتحقيق التميز والنجاح، وأضافت: «التخطيط المهني يقصد به أن يقوم الفرد بدراسة ميوله واتجاهاته واستعداداته وقدراته والتوفيق بين هذه القدرات وبين أهدافه المهنية أي تحليل المنهجية التي سيعمل فيها ويحلل هذه المهنة بشكل دقيق وموضوعي، وذلك من أجل تحقيق النجاح والإنتاج في العمل والتميز فيه. إمكانات وأشارت إلى أهمية الاضطلاع على الإمكانات التي تتوفر عليها الإمارات وتنافس فيها عالياً، مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا بشكل عام، بحيث تعتبر الإمارات الأولى عربياً و35 في مؤشر الابتكار العالمي 2017 وهذه النقطة مهمة، بحيث يجب أن يركز الشباب على هذه النقطة أيضاً، لمعرفة التخصصات التي يجب أن تواكب طموح الدولة، والتخصصات المطلوبة في سوق العمل، لا سيما أن الاختيار الصحيح يحول الشباب إلى طاقات خلاقة ومنتجة كذلك يحقق الاختيار المهني كثيراً من المنافع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، فإن اختيار الفرد للمهنة المناسبة له، يؤدي إلى زيادة كفاءته واحتمال ترقيته وزيادة أجره وارتفاع مستواه. مهن 2040 ومن التخصصات الجديدة المرتبطة بمهن المستقبل التي أكدت عليها بوزبون هي: أنظمة طائرات من دون طيار، الذكاء الاصطناعي المعزز بالبشر خبراء في الصحة الشخصية، النقل ذاتي القيادة الروبوتات، البيانات الضخمة، العملات الرقمية المشفرة، الطباعة ثلاثية الأبعاد، قطاع الفضاء، تكنولوجيا وأنظمة التعلم الذكي، توليد الطاقة عن طريق الاندماج النووي، الواقع الممزوج والواقع المعزز، الطب الجينومي، تكنولوجيا الإنترنت والحوسبة، حيث إن دراسة سوق العمل عنصر مهم في تحديد مسار النجاح. الإرشاد الأكاديمي الدكتورة نجوى محمد الحوسني عميد كلية التربية بالإنابة - جامعة الإمارات قالت: إن جائحة «كورونا» ألقت بظلالها على جميع مناحي حياتنا، بما في ذلك مستقبل أبنائنا الطلبة وكيفية توجيههم إلى وظائف المستقبل والتخصصات الجديدة، والمتأمل في واقع المؤسسات والشركات في الدولة ومعظم دول العالم يجد أنه تم استبدال الكثير من الوظائف وتم الاستغناء عن الكثير من الموظفين، موضحة أنه في ظل هذه التحولات الجديدة، لا بد من تحليل الواقع واستشراف المستقبل، لكيلا تتفاقم المشكلة بوجود خريجين بلا عمل وتزداد البطالة بين فئة الشباب، والتي تعتبر من أهم فئات المجتمع، والتي يعول عليها كثيراً في دفع عجلة التنمية البشرية في كل أمة، وهذا ما انعكس جلياً على مؤسسات التعليم العالي لإعادة النظر في التخصصات الحالية وإعادة هيكلة هذه التخصصات، بحيث تصبح ملائمة للتحديات القادمة. وأضافت: «العلوم الطبية والعلوم التقنية من أهم التخصصات المطلوبة في سوق العمل، وخصوصاً في ظل الجائحة، ومن الضروري أيضاً مراجعة البرامج الحالية التي تطرحها المؤسسات التعليمية وتحليل مخرجات التعلم إن كانت فعلاً تفي بمتطلبات سوق العمل الحالي والمستقبلي وتتواءم مع الأجندة الوطنية، وعليه فيجب على المسؤولين في قطاع التعليم العام والتعليم العالي التنبه إلى ضرورة طرح برامج الإرشاد الأكاديمي والمهني للطلبة لتساعدهم في التعرف على ذواتهم وقدراتهم وميولهم وبالتالي مساعدتهم في اختيار التخصص المناسب لهم ولسوق العمل في المستقبل».
مشاركة :