ربما للمرة الأولى يرفع يهودي بإصبعيه علامة النصر، ضد الدولة العبرية، ومشروعها النووي، إنه فوعنونو الذي سُجن من قبل ما يقارب العشرين عاماً، وذلك عقوبة له على ما أعلنه من أسرار نووية، طالما حرصت تل أبيب على إخفائها، بل اعتبر شمعون بيريز في ستينات القرن الماضي إبقاء التسلح النووي غامضاً، نوعاً من استراتيجية الترويج، تبعاً لنظرية قديمة تقول إن الإنسان يخشى ما لا يعرفه من قوة أعدائه. وقد سبق أن أطلق سراح فوعنونو لكن بشروط، في مقدمتها أن يُطبق فمه إلى الموت، وألّا يقبل بإجراء أي حوار معه عبر وسائل الإعلام، سواء كانت محلية أو خارجية. لكن هذا الرجل الذي قرر أن يشهد على ما رأى بأم العين، يواصل الإصرار على موقفه، ويرى أن الترسانة النووية ستكون خطراً على اليهود أنفسهم في المستقبل، وبالرغم من تلك الشروط التي اقترنت بإطلاق سراحه، إلّا أنه تكلم بصوت أعلى، وبتكرار درامي، لما سبق أن كشف عنه من خلال القناة التلفزيونية الثانية في الدولة العبرية، وهو يدرك جيداً أنه لن يخرج من القناة ليعود إلى بيته، فقد كانت الشرطة بانتظاره كي يُعاد إلى السجن، ولأنه لم يفاجأ بما حدث، فقد رفع إصبعيه راسماً شارة النصر، لأنه أقوى من هؤلاء الذين يخشون منه، إذا نطق ويشُّكون في ممارساته إذا صمت. وذات يوم سيذكر التاريخ أن يهودياً اسمه فوعنونو كان مجرد عامل شاب في مبنى المفاعل النووي في ديمونة، اكتشف حقيقة المشروع الصهيوني وأدرك مخاطره على الأجيال القادمة من اليهود، فشهد بأعلى صوته ودفع الثمن! لقد خلق فوعنونو نوعاً من الفوبيا النووية لدى دولة تزعم بأنها لا تعرف الخوف، ثم يتضح أنها تُصاب بالرعب من رجل أعزل، يريد أن يبرئ ذمته من هذه الشرور التي ستطال أحفاد أحفاده! هكذا تكلم فوعنونو، وهكذا فعلت دولة أكثر هشاشة من بيضة، عندما يتعلق الأمر بيهود شبّوا عن الطوق، وتكشفت أمامهم الحقائق بعد أن سقطت كل الأقنعة عن الوجه القبيح!
مشاركة :