على مدار سنوات عارض الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) احتجاجات اللاعبين والأندية والجماهير أو رفع شعارات سياسية، لكن يبدو أن الفيفا أصبح على استعداد الآن للتغاضي عن عدم وضوح الخط الفاصل الذي رسمه يوما ما بين السياسة والرياضة. ويوم الأربعاء الماضي، ارتدى لاعبو منتخب النرويج، قمصانا كُتب عليها “حقوق الإنسان.. داخل وخارج الملعب” قبل مواجهة جبل طارق في تصفيات كأس العالم 2022، وفي اليوم التالي احتج لاعبو ألمانيا بشكل مماثل قبل مواجهة أيسلندا في دويسبورج. وفي الحالتين، أوضح اللاعبون، أن هذه الاحتجاجات كانت موجهة إلى قطر. التي واجهت مزاعم، نفتها بالفعل، بشأن سوء المعاملة وعدم الالتزام بحقوق العمال المهاجرين. وكانت هذه اللفتات والإشارات، التي جرت مؤخرا، ستؤدي بالتأكيد إلى إجراءات عقابية وغرامات محتملة من الفيفا، لكنه قال، إنه لن يتخذ أي إجراء. وعلى مدار سنوات عارض الفيفا أي احتجاجات أو شعارات سياسية خلال المباريات أو داخل الملاعب. وتوجد القواعد المقيدة لرفع شعارات على القمصان أو ما تحتها من ملابس في المادة الرابعة من قوانين اللعبة، لكن القواعد الأوسع المتعلقة بالإشارات السياسية واردة في قواعد الانضباط والقيم. ومع ذلك، فإن القواعد أقل وضوحا فيما يتعلق بالملابس التي يرتديها اللاعبون قبل المباريات مباشرة، وقد تطور موقف الفيفا والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) بشأن هذا الموقف بشكل عام بمرور الوقت. وغرم اليويفا روبي فاولر مهاجم ليفربول السابق عام 1997 بعد عرضه قميصا يدعم عمال ميناء محليين تم طردهم بعدما سجل هدفا في مباراة في كأس الكؤوس الأوروبية. وفي 2013 تم إيقاف المدافع الكرواتي يوسيب سيمونيتش عشر مباريات وغاب عن نهائيات كأس العالم في العام التالي بعد ترديده هتافات سياسية مع الجماهير في نهاية مباراة. وقال الفيفا حينها في بيان “لاحظت لجنة الانضباط أن اللاعب بصحبة الجماهير قد هتف بتحية كرواتية كانت تستخدمها حركة ’أوستاشي’ الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية”. وفي يوليو/ تموز 2014 فرض الفيفا غرامة على الاتحاد الأرجنتيني قدرها 30 ألف فرنك سويسري (31887 دولارا) بعد وقوف اللاعبين خلف لافتة تقول “جزر الفوكلاند أرجنتينية” على أرض الملعب قبل الفوز على سلوفينيا في مباراة ودية في بوينس أيرس خلال الشهر الذي سبق العقوبة. حظر شامل وفي مواجهة عدد من حالات رفع قمصان اللاعبين لكشف عن شعارات، غالبا ما تكون رسائل غير ضارة مثل أمنيات أعياد الميلاد، تبنى المجلس الدولي لكرة القدم المسؤول عن سن قوانين اللعبة، حظرا شاملا. وقال جوناثان فورد عضو المجلس الدولي لكرة القدم عن اتحاد ويلز “التفرقة بين ما هو صحيح أو خطأ بين الدول والثقافات المختلفة أمر معقد للغاية، لذلك من الأسهل القول إن ذلك ليس له مكان في اللعبة”. وعادت القضية مرة أخرى عام 2016 عندما فرض الفيفا غرامة على إنجلترا واسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية لاستخدامهم زهرة الخشخاش في ذكرى يوم الهدنة في الحرب العالمية الأولى ، باعتباره رمزا سياسيا. وتم تغريم الاتحاد الأيرلندي أيضا لاستخدامه “رمزا سياسيا” بوضعه شعارا للاحتفال بالذكرى المئوية للانتفاضة ضد الحكم البريطاني. وبعد انتقادات لقرار الغرامة بسبب زهرة الخشاش، غير الفيفا صياغة قواعده المتعلقة بملابس اللاعبين للسماح بزهور الخشاش أو أي “شعارات مشابهة أو تصريحات أو صور مسموح بها” إذا وافقت الفرق المنافسة والجهة المنظمة للمسابقة على ذلك مسبقا. ومع ذلك، تظل قواعد الفيفا مفتوحة للتفسير الذاتي، كما هو الحال بالنسبة لتفسير ما هو سياسي، لتبقى الشعارات قاصرة على الحملات الرسمية مثل حملة اليويفا “الاحترام” المناهضة للتمييز. وقرر الفيفا تغريم وتحذير الاتحاد القطري في 2017 بعد ارتداء لاعبي المنتخب الوطني قمصانا خلال تدريبات الإحماء تحمل صورة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد لإظهار الدعم له. وتغير موقف الفيفا أكثر في العام الماضي بعد وفاة جورج فلويد، الرجل الأسود الأعزل الذي قُتل أثناء احتجازه من قبل الشرطة في الولايات المتحدة، حيث رفع بعض اللاعبين الألمان في دوري الدرجة الأولى شعارات تدعم حركة الاحتجاج. وقال جياني إنفانتينو رئيس الفيفا إن اللاعبين يستحقون “التصفيق وليس العقاب”. ومساندة للحركة قام لاعبو الدوري الإنجليزي الممتاز بالانحناء على ركبهم قبل المباريات على مدار العام الماضي والموسم الماضي كما ارتدوا شعارات “حياة السود مهمة” على أكمام القمصان وهي لافتة أيدتها رابطة الدوري الممتاز وسلطات كرة القدم في البلاد. واتخذ الفيفا موقفا مماثلا هذا الأسبوع عندما رد على احتجاجات النرويج ضد قطر. وقال الفيفا في بيان: “نؤمن بحرية التعبير والدور الذي تلعبه كرة القدم ضمن قوى الخير. لا توجد إجراءات انضباطية من الفيفا بخصوص هذه القضية”.
مشاركة :