نهال علام تكتب: نوال السعداوي

  • 3/27/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

النهاية هي الحقيقة المؤكدة قبل البداية، فكل أول يقترن به الأخر كظلِه، تمضي بنا الحياة ونحن نبحث عن الإجابات المعروفة لأسئلةٍ مطموسة لا نرى فيها انعكاس أرواحنا بل انتكاس عقولنا!نحن في زمن الوباء الذي أصبحت رائحة الموت فيه لصيقة لأيامنا ،ثقيلة على قلوبنا ، لكنها لازالت خاضعة لأحكامِنا ! لم تُهذبنا غفلة الموت وما تأدبنا احترامًا لقدسية القبر … صكوك الغفران بأيدينا بعد أن نصبنا ذاتنا البشرية قاضيًا بدرجة إله ، فهذا من المرحومين وذاك من المجحومين وما يقتلني إلا اليقين الذي يتحدث به أولئك الغافلين! كل برهة يغافلنا القَدَر ويطفي جذوة أحد العلامات الإنسانية ، قَدرِه بقَدر رصيد إسهاماته في الحياة اليومية ، فمن الدين للكورة كلها مناحي الحياة المأثورة وكل من يدلي فيها بدلوه هو عُرضة للسهام المُسممة أو الورود المُعطرة في حياته المُدججة بمحبة البعض وكراهية البِضع …فالله غالب على أمرِه ولا يمكن للمشاعر العدائية مهما بدت قوية أن تكون هي فِطرة الأغلبية ، مهما وصلت درجة الخِلاف والحَض على الاختلاف ؛ فالنفس السوية ترفُض الفعل ولا تَلفُظ الفاعل ، أما السليقة الطبيعية أن ينتهي الجدال طالما عادت الروح لبارئها ، فالموت له حُرمة مؤكدة ، وطلب الرحمة سُنة إنسانية مؤَرِقة لمن يتناسى ظلمة القبر وضعف المقبور ومهابة اللقاء وخشية الشقاء مهما بلغ بالمتوفى من خيرًا رأيناه أو شرًا عانيناه. منذ عدة أيام انتقلت الدكتورة نوال السعداوي إلى دار الحق، وكما هو معروف عنها أنها كانت شخصية مثيرة للجدل في آرائها ، عُرضة للنقد بسبب أفكارِها مثارًا للسباب أحيانًا بفضل شطحاتها! وهذا ببساطة ملخص رحلتها الحياتية،  وهي قصة تتشابه مع غيرها من الشخصيات الجدلية ، قبل أن تلقى وجه ربها الديان الحي الذي لا تضيع عنده المظالِم ولا يغْفل الحقوق ولن تتسربل في معيته الديون ولكن تلك ليست حقيقة واضحة في نفْس المشككون ، الذين تناسوا إننا نَصِف المتوفي بأنه إنتقل إلى رحمة الله ؛ وبالرغم من ذلك فإن تلك الرحمة تشغل بالهم وتُنغِص حالهم وتُزعج أهوائهم أن يغمر بها الله أعدائهم القابعون في اللحود ولا عاصِم لهم من هول القبر إلا تلك الدعوة المُخلصة بالرحمة .يصعب علي فَهم تلك التركيبات النفسية المُعقدة التي تَصِر على الملاحقة الفكرية ولا يشفع لديها الرحيل ، تتمادى في المطاردة الأخلاقية ولا يردُها الغياب ! لذا إلى كل شامت في الموت فالموت ليس بعقاب، ولكل شاتم للموتى اذكركم بقوله تعالى في سورة الزُمر الآية ٣١: ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ) صدق الله العظيم.. كُلنا مفارقون وفي أعناقنا ما قدمت أيادينا ، نلقَم في ليالي قبورنا ما غزلناه في نهار أيامنا. لذا لا تتعجل أيها الشامت الشاتم ،ولا تُعلق أدران سلوكك في ثوب الدين فالقرآن الكريم واضح وصريح في قوله الحكيم (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) هذا فيما يتعلق بأقصى درجات الكبائر وهي الشرك بالله ،فما بالك بكل ما هو أدنى من منازل الشِقاق ! ولا تتمسح في عباءة الرسول فالرسول ليس بشتام ولا لعان وعندما مرت جنازة اليهودي قام تقديرًا لها وعندما تسائل أصحابه عن السبب ؛ كانت إجابته بمثابةِ نقشٍ من ذهب في دساتير الحقوق الإنسانية أليست بنفس ؟  وفي موقف آخر رواه أُسامةَ بنِ زَيْدٍ رضي اللَّه عنهما قَالَ: "بعثَنَا رسولُ اللَّه ﷺ إِلَى الحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنهُمْ، فَلَمَّا غَشيناهُ قَالَ: لا إِلهَ إلَّا اللَّه، فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصارِيُّ، وَطَعَنْتُهُ فَقالَ رسولُ اللَّه ﷺ: أَقَالَ: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟! قلتُ: يَا رسولَ اللَّهِ! إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاحِ، قَالَ: أَفَلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لا؟ ".يا حبيبي يا رسول الله قومك الآن يقتاتون على قلوب بعضهم البعض ويتبارون في توزيع مراتب الآخرة !رحمة الله على كل الراحلين هم السابقون ولا شأن للاحقين بدين اعتنقوه أو عمل اقترفوه أو ذنب قدموه فهم بين يدي ربهم ، لهم علينا الرحمة والدعاء ولك يا إلهي الأمر من قبل ومن بعد في عبادك المتعصبين، وقومك الغاضبين وأولئك العصبيين وزمرة المتشددين وهؤلاء القاسية قلوبهم الضيقة عقولهم…

مشاركة :