سقوط الرافعة.. وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم

  • 9/18/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

سقوط الرافعة في الحرم المكي ومقتل العشرات من الناس ومئات الجرحى، لاشك أنه خطب جلل ومصيبة من المصائب، ولعل عزاءنا فيمن قضى نحبه أن المنية وافتهم وهم في أطهر بقاع الأرض وفي أفضل الأيام والأوقات، وهم متلبسون بعبادة جليلة ومعلوم أن كل عبد يبعث على ما مات عليه، وأكاد أجزم أن كثيراً من الناس يتمنى مثل هذه الميتة، ومع هذا فلا يعلم أحد الحكمة من تقدير الله عز وجل لهذا الأمر وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم. ذكر الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله في بعض مؤلفاته أنه في جمادى الأولى سنة 802 هجرية، هطلت في مكة أمطار شديدة كأفواه القرب، وسال السيل، فدخل الحرم حتى بلغ الماء القناديل ثم دخل الكعبة من شق الباب وهدم من الرواق الذي عند الباب الذي يسمى اليوم «باب الباسطية» عدة أساطين، وضرب منازل كثيرة، ومات في السيل العشرات، وحزن الناس لما أصاب المسجد من الهدم وسقوط الأساطين، ولم يعلموا أن سقوط هذه الأساطين سيكون سبباً في سلامة المسجد فيما بعد. ذلك أنه بعد هذا السيل بخمسة أشهر، كان أحد المرابطين قد أشعل سراجاً في خلوته وتركه مشتعلاً وخرج، فجاءت فأرة فسحبت فتيل السراج فألقته على الأرض فأحرقت النار المكان ووصلت إلى السقف ثم خرجت من الشباك المطل على الحرم فاشتعل جدار الحرم، حتى وصلت النار إلى سقف المسجد الحرام فالتهب. وعجز الناس عن إطفائها لعلوه، ولأن النار كانت أسرع منهم في إحضار السلالم، فمشت في السقف والتهمت الجانب الغربي من المسجد كله، وصار شعلة واحدة إلى أن وصل الحريق إلى الجانب الشامي، واستمر يأكل من السقف ويسير حتى وصل إلى باب العجلة «الذي يسمى اليوم باب الباسطية» حيث هدم السيل العمودين والقوس فتوقفت النار، ولولا ذلك لأكلت المسجد كله! وبقيت النار مشتعلة والناس لا يقدرون على إطفائها، حتى انطفأت من نفسها وصار الجانب الغربي ونصف الجانب الشمالي مثل التل الكبير من أنقاض الحريق، وصار الواقف وراءه لا يستطيع أن يرى الكعبة. والناظر في أخبار وتاريخ الحرمين سيجد مثل هذه الأحداث من حرائق وفيضانات وهدم الشيء الكثير، وهذا لا ينافي كما هو معلوم من كتب التفاسير والآثار قوله تعالى: «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ» العنكبوت (67)، وهي لاشك من حكمة الله تعالى وتقديره في مختلف الأماكن والأزمان.

مشاركة :