الجميع يدرك أن البلاد وصلت إلى مرحلة سيئة من انسداد الأفق السياسي، وضعف مسار التنمية ومخرجاتها، وتغوّل الفساد والمفسدين، وهيمنة ثقافة المصلحة الخاصة على العامة، وذلك -بلا شك- بسبب أداء الحكومة وممارساتها من خلال أدواتها المتعددة والفاعلة في المشهد السياسي، وخير دليل على ذلك ما تشهده الكويت الآن من أزمة سياسية غير مسبوقة، وصلت إلى شلّ الجانب الرقابي في مجلس الأمة من خلال تعطيل الاستجوابات المقدّمة لرئيس مجلس الوزراء، بالقفز على الدستور، وما سبق ذلك من مناورات سياسية لم يكن الهدف منها الخروج من الأزمة، بل تعميقها وتهميش الخيارات الشعبية، وإضعاف الديمقراطية التي ميّزت الكويت خلال المراحل السابقة من تاريخها. تحتاج الكويت الآن إلى صوت آخر ينتشل البلاد ويضعها على سكّة الإصلاح الحقيقي، وهذا الصوت لا يمكن أن يكون سوى صوت المعارضة الوطنية مجتمعة، وهذا هو الدور الحقيقي لفكرة المعارضة المرتبطة بالأنظمة الديمقراطية عبر التاريخ. إن ما نراه الآن من غضب شعبي يحتّم على المعارضة الوطنية أن تأخذ على عاتقها تبني مشروع إنقاذي جامع، وخصوصاً ما نلمسه عند الجيل الشبابي الصاعد، وردود فعله أمام هذا الكمّ من الإحباط، الأمر الذي ستكون عواقبه وخيمة على البلد؛ فحتى الآن مازالت أسعار البترول تعمل لمصلحة الحكومة وتستر عيوبها، وتمكّنها من إيصال المعاش إلى كل أسرة؛ لكنّ الوضع الاقتصادي غير مطمئن، وقد يؤدي بنا إلى نفق مجهول، خصوصاً مع عدم وجود رجالات دولة في الحكومة تستطيع العبور بالبلاد إلى برّ الأمان؛ كل ذلك يحتم على المعارضة أن تجتمع على فكرة واحدة وعلى مشروع صريح لإنقاذ البلد، لا لتحقيق بعض المكاسب الانتخابية، مشروع يؤمّن المصالحة الوطنية، ويضع أسس إصلاح سياسي حقيقي، ويأخذ على عاتقه مسؤولية إنقاذ البلاد. نحن متفائلون، وندرك أن المعارك السياسية جزء من الممارسة الديمقراطية وتحتاج إلى نفَس طويل، وفي النهاية سيكون المنتصر هو الشعب، والمتابع لتاريخ الحركة الإصلاحية في البلاد يلاحظ الفرق بين ما كانت عليه في السابق وما أصبحت عليه الآن؛ فسابقاً كان الفاسدون يسرقون وهم بمنأى عن المحاسبة، أما الآن فرؤوس كبيرة طالها القانون وقدّمت للقضاء، وهو تطوّر ملموس، مما يؤكد أننا في طريقنا لتحقيق الإصلاح وإطاحة الفاسدين، وعلى المعارضة إكمال المسيرة، من خلال توحيد صفوفها مجتمعة، وإقرار ما يحقق مصلحة الوطن والمواطنين. *** "Catalyst" مادة حفّازة: احترام الدستور... تطبيقاً وممارسةً = قبول شعبي
مشاركة :