ويخوض اردوغان اختبارا حاسما في الانتخابات التي يعتبرها كثيرون الأكثر أهمية في تركيا منذ إعلان الجمهورية قبل نحو قرن. زيحتاج الرئيس البالغ 68 عاما إلى تجاوز عقبتي الأزمة الاقتصادية والزلزال المدمر في محاولته للبقاء في الحكم بعد أكثر من عشرين عاما في السلطة. تشير استطلاعات الرأي إلى أن سباق الرئاسة سيكون محتدما. لكن يبدو أن مهمة اردوغان تيسّرت قليلا بعد انسحاب واحدة من القادة الرئيسيين في تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب من محادثات الجمعة. جاء انسحاب ميرال أكشينار احتجاجا على قرار أحزاب المعارضة الأخرى تأييد ترشيح زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليتشدار أوغلو. ولطالما جادلت أكشينار بأن كيليتشدار أوغلو يفتقر إلى تأييد الرأي العام لهزم اردوغان في الانتخابات الرئاسية. وحضّت السياسية المعارضة على ترشيح واحد من رئيسي بلديتي اسطنبول وأنقرة المنتمبين إلى حزب الشعب الجمهوري. لكن المسؤولين رفضا الترشح واتفقا على دعم ترشيح كيليتشدار أوغلو خلال اجتماع الجمعة. والتقى رئيسا البلديتين أكشينار الاثنين في محاولة لمنع حزب الخير القومي الذي تتزعمه من تشتيت أصوات المعارضة. وقال رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش للصحافيين بعد الاجتماع "أمتنا لا يمكنها تحمل الانقسام". ثم شوهد يافاش ورئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو متجهين إلى اجتماع آخر في أنقرة يشارك فيه كل من أكشينار وكيليتشدار أوغلو. اردوغان يقدم الاعتذار يرى المحللون أن فشل المعارضة في تنحية خلافاتها جانبا قبل شهرين فقط من الانتخابات هو أحد العوامل الرئيسية التي تصبّ لصالح اردوغان. تراجع تأييد الأتراك لاردوغان بعد أن اعتمد سياسة نقدية مخالفة للنهج الاقتصادي التقليدي في أواخر عام 2021 إذ قضى بخفض معدلات الفائدة بشكل كبير لمحاولة كبح التضخم. وأدت سياسته إلى أزمة نقديّة أتت على مدخرات المواطنين وأوصلت معدل التضخم السنوي إلى 85%. لكن طريقة تعامله مع الغزو الروسي لأوكرانيا لقيت إشادة وعززت التأييد له. إلا أن الزلزال الكارثي الذي وقع الشهر الماضي وأودى بحياة أكثر من 45 ألف شخص في تركيا ونحو ستة آلاف في سوريا يهدد بإنهاء مسيرته السياسية. اعترف اردوغان بأن حكومته كانت بطيئة في الاستجابة في الأيام الحاسمة الأولى للأزمة، وطلب من الناخبين قبول اعتذاره عن بعض التأخير في عمليات الإنقاذ. ونفى الرئيس التركي الشائعات حول تأجيل الاقتراع إلى موعد أكثر ملاءمة له من الناحية السياسية. وقال الأسبوع الماضي "نحن لا نختبئ وراء الأعذار". مفاوضات محمومة أفادت وسائل الإعلام التركية بأن المفاوضات كانت محمومة الاثنين بين مختلف قادة المعارضة بهدف الحفاظ على التحالف وترشيح كيليتشدار أوغلو. وأشارت بعض التقارير إلى أن أكشينار طلبت من كيليتشدار أوغلو أن يختار واحدا من رئيسي بلديتي المدينتين الكبيرتين لمنصب نائب الرئيس مقابل دعم حزبها. كانت آخر مرة اتحدت فيها المعارضة للإطاحة بحلفاء اردوغان في الانتخابات البلدية في العام 2019. وحطمت قدرتها على استعادة رئاسة بلدية أكبر مدينتين في البلاد هالة اردوغان ومهدت الطريق لاحتمال عودة حزب مؤسس الدولة العلمانية مصطفى كمال أتاتورك إلى السلطة. جادل كيليتشدار أوغلو سابقا بأنه يجب على يافاش وإمام أوغلو البقاء في منصبيهما رئيسين للبلديتين لتجنب إجراء انتخابات جديدة يمكن أن تعيد أيا من المدينتين إلى إدارة حزب اردوغان. وكان تحالف المعارضة يعتزم في البداية الكشف عن مرشحه للرئاسة في وقت لاحق الاثنين، لكن لم يتضح ما إذا كان هذا الإعلان سيتم.
مشاركة :