لم تكن فكرة بناء سد النهضة وليدة العشر سنوات الأولى بعد الألفين وإنما كانت هناك محاولات من الجانب الإثيوبي منذ عام 1902 عندما استشعرت بريطانيا أن إثيوبيا تهدد مصالح مصر والسودان المائية ولذلك عقدت بريطانيا بالنيابة عن مصر والسودان مع إثيوبيا اتفاقية تقضي بعدم قيام إثيوبيا لأي مشاريع على النيل الأزرق بشكل تهدد حقوق مصر والسودان المائية، حيث كانت كل مصر والسودان تحت احتلال بريطانيا، وأعقبت أيضا بريطانيا اتفاقية مع الجانب الإثيوبي عام 1929 والتي بمقتضاها إلزام الجانب الإثيوبي بعدم المساس بحقوق مصر والسودان المائية من نهر النيل، وفي عام 1950 حاولت إثيوبيا بناء السدود ولكن رُفضت من جانب مصر والسودان بسبب عدم مراعاة هذه السدود لمصالح مصر والسودان وحقوقهم في نهر النيل؛ ولذلك وقعت مصر اتفاقية تقاسم لمياه النيل بالقاهرة في نوفمبر 1959 مع السودان، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929 وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة في إنشاء السد العالي. وتضمنت الاتفاقية عدة بنود تمثلت في احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره ثمانية وأربعون مليار متر مكعب سنويا وكذلك حق السودان المًقدر بثمانية مليارات متر مكعب سنويا من المياه، وموافقة مصر والسودان على إنشاء السد العالي وانشاء السودان سد الروصيرص على النيل الأزرق والتنسيق بين البلدين في ما يتبع ذلك من مشروعات متبادلة بين البلدين وتبادل للرؤى والخبرات الفنية. وظلت مصر والسودان منذ ذلك التوقيت تحاولان الاستفادة من نهر النيل في جميع قطاعات الحياة ولم يكن هناك أيدي غريبة تلعب في أفريقيا أو تؤجج النار وتحرك الأحقاد على دولتي المصب مصر والسودان إلى أن ظهرت الأيدي الغريبة في أفريقيا والتي تحاول توظيف الخلافات بين أبناء القارة الواحدة مًستغلة بعض السذاجات السياسية إما لوعود كاذبة لهذه الدول أو غيظًا وحقدًا على مصر؛ فظهرت ابتداء من رغبة أثيوبيا أن تبني سدود على نهر النيل في عام 2001 بزعم التنمية والتطوير وهذا ليس عيبًا أو ممنوع فهذا حق مشروع لكل دولة ولكن بالالتزام بالقوانين الدولية بين الدول وعدم الاضرار بالغير؛ ومن هنا ظهرت النوايا السيئة لدولة المنبع لنهر النيل وكان في الخلف إما حاقد أو حاسد على مصر وظهر ذلك جليا في اتفاقية عنتيبي عام 2010 بين ست دول هم أثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا وروندا وبورندي وتضمنت هذه الاتفاقية الإلغاء التام لمبدأ تقسيم حصص نهر النيل وخاصة حصص مصر والسودان وعدم الاعتراف باتفاقيتي 1929 و1959 المتضمنتان تقسيم حصص نهر النيل، وقد رفضت مصر والسودان هذه الاتفاقية جملة وتفصيلا عقدًا وحلفًا. وتمادى العداء الإثيوبي في تركها لسبعة أنهار تمتلكها وإصرارها لبناء سد النهضة على نهر النيل: النهر الوحيد الذي يعيش عليه مصر والسودان، وفي عام 2010 قامت إثيوبيا بالإعلان عن مشروع سد النهضة وقامت بعملية مسح لموقع السد وإعداد التصاميم واعتزامها التنفيذ ثم دشنت المشروع في عام 2011 ؛ ومن ثم تحركت كلا من مصر والسودان واتفقتا مع إثيوبيا على تشكيل لجنة دولية يكون دورها دراسة آثار سد النهضة على دولتي المصب مصر والسودان وبالفعل بدأت اللجنة دراسة التصميمات الهندسية الأثيوبية الخاصة بالسد ومدى التأثير المُحتمل لهذا السد القريبة والبعيدة، وللعلم كانت هذه التصميمات التي قدمتها أثيوبيا غير ما اقامت عليها السد على أرض الواقع ومخالفة لمبادئ الأمان !!!! وفي عام 2013 أصدرت لجنة الخبراء الدوليين تقريرها بضرورة إجراء دراسات تقييم لآثار السد على دولتي المصب مصر والسودان وقد توفقت المفاوضات بعدما طلبت مصر أن تكون اللجنة الفنية بها خبراء أجانب وبالطبع رفضت إثيوبيا!!!!!!!! وفي عام 2014 عادت المفاوضات مرة أخرى على أن أن يتم اختيار مكتبين استشاريين أحدهما هولندي والثاني فرنسي لإجراء دراسات مستفيضة عن سد النهضة من كافة الجوانب وخاصة الفنية الخاصة بالتصميمات، وقد صارت هذه المفاوضات بين شد وجذب عانت فيه مصر وتحملت الكثير من الضبط الدبلوماسي النفسي بهدف تحقيق والتوصل إلى اتفاقية مُلزمة للجانب الأثيوبي ومُسجلة على الورق الحقوق التاريخية لمصر والسودان في نهر النيل وعدم الاكتفاء باستنتاجات القوانين الدولية في الاعتراف بحقوقها من تعديات وأطماع دولة المنبع إثيوبيا!!!!!!! وبالتالي نجحت مصر في صياغة اتفاقية ثلاثية مع السودان وأثيوبيا عام 2015 والتي عُرفت باتفاقية المبادئ العشر والتي تضمنت هذه الاتفاقية عشرة مبادئ تمثلت في التعاون المشترك بين الدول الثلاث القائم على حسن النوايا وتحقيق المنفعة العامة للجميع وفق المبادئ والقوانين الدولية، بالإضافة إلى تحديد الهدف من سد النهضة وهو توليد الكهرباء وتحقيق التنمية، والاستخدام المنصف والمناسب للموارد المائية في الدول الثلاث وتنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدوليين واحترام المخرجات النهائية للتقرير الختامي للجنة الثلاثية للخبراء حول الدراسات الموصي بها في التقرير النهائي، والاتفاق على الخطوط الارشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة وتحقيق الثقة المتبادلة بين الدول الثلاث والاتفاق وتبادل المعلومات بين الدول الثلاث في قواعد تشغيل السد، وأخيرا الاتفاق على مبدأ التسوية السلمية للمنازعات والمتمثل في الاستعانة بوساطات دولية لحل الخلافات التي تنشب بين الدول الثلاث. والاستعانة بالوساطات الدولية مبدأ مرفوض من الجانب الأثيوبي الذي يريد أن يستمر في الضلالات الإثيوبية سواء في هدفها من بناء السد والذي أصبحت ما ادعته من بناء السد غير حقيقي وهدفه الحقيقي الاضرار بمصالح مصر والسودان، واستمرت ضلالات أثيوبيا ومازالت وستزال غير موافقة لأي حلول سياسية والالتزام بالقوانين الإنسانية والدولية. الأمر الذي يحتاج وقفة جادة من المجتمع الدولي وأن تشعر الدول الكبرى والمنظمات الدولية بدورها ومسئولياتها والتصدي لترهات وضلالات الجانب الاثيوبي والمحافظة على حقوق مصر والسودان في نهر النيل. ويجب أن ينتبه الاتحاد الأفريقي لتعنتات ومرواغات الجانب الصهيوني!!!!! عفوًا الجانب الاثيوبي!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! والأمر أيضا يحتاج وقفة جادة وموقف واضح وليس متلون بلون رمادي من الجامعة العربية بالوقوف بجانب مصر والسودان والمحافظة على حقوقهما الطبيعية من نهر النيل؛ فإثيوبيا والله ليست دولة عربية تدًعم الجامعة العربية!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! خاصة أن الأمر لم يعد يُحتمل ولا ينتظر مفاوضات أخرى إلا باتفاقيات مٌلزمة للسذاجات الإثيوبية وتعنتها الغير مُبرر وتخبطاتها السياسية ونهيقات البعض منها. فنحن نريد فقط الحفاظ على حقوقنا الطبيعية من نهر النيل.
مشاركة :