نجوم «السوشال ميديا» وصناعة القدوة

  • 7/8/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لأجيال خلت، كانت النخب من مجالات فكرية شتى، هي من يشكل الفكر الفاعل للمجتمعات الحضارية، فلو تأملنا موروثنا الثقافي على امتداد تاريخنا العربي الماضي، لوجدنا أن أفرادًا بعينهم كابن خلدون وابن كثير في التفسير وامرؤ القيس وغيرهم كُثُرْ، هم من تقولبت على نتاجاتهم الفكرية عقولنا وتشكلت على ضوئها ثقافتنا الجمعية. لكن ومع توالي المتغير الزمني وما تلى ذلك من حضورية المنجز التقني العالمي في مجال الإعلام في مجتمعاتنا، فإن أطراف المعادلة قد تغيرت إلى حد بعيد، إذ أصبح أولئك السذج والأراجيز ممن سموا أنفسهم بنجوم «السناب»، هم ممن يسهم بقدر كبير في تشكل غالب ثقافة واتجاهات الأجيال الشابة. وهذا الأمر قد أعاد لذاكرتي البعيدة تقرير «الأمة في خطر»، الذي قدمته لجنة تابعة لحكومة الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان وكتبه «جيمس هارفي»، حيث كان لمحتواه الفكري الأثر البالغ في تغيير منظومة التعليم في الداخل الأمريكي بما يضمن تحسين المخرجات التعليمية وتجويد النتاج النوعي للمؤسسة التعليمية، فهل نحن أيضًا بحاجة لمن يعيد ترتيب الأوراق، بما يضمن إعادة توجيه ثقافة أبنائنا وبناتنا للاتجاه الصحيح. ففي الماضي القريب، كنت إذا جلست إلى شخص ما وتحدثت إليه، كنت تجده أشبه ما يكون بالموسوعة الثقافية، إذ سيستحضر لك من مُلَح الأدب وأخبار التاريخ وغيرها من المعارف الشيء الكثير. مرحليًا، لا يكاد معظم شبابنا التفريق بين أدب عصر عن أدب العصر الذي يليه، بل أكثر من ذلك، أنه حتى تلك الشخصيات الإسلامية التي مثلت لجيل الماضي أيقونات مثالية سعوا للاقتداء بها واقتفاء أثرها، هذه الشخصيات لا يكاد جيل اليوم يفقه عنها شيئا، بل وإذا ذكر بعضها أمامه، بدا وكأنها لا تعني له شيئا البتة. الأمر الذي يدعو لضرورة الوقفة الجادة من أجل إعادة توجيه الفكر الجمعي لشباب مجتمعاتنا العربية نحو الاتجاه الصحيح، وهنا يأتي دور المؤسسة التعليمية والمؤسسة الدينية، وكذا الإعلام، وقبل ذلك الأسرة لتبني مشروع تربوي حضاري يعيد تشكيل فكر وثقافة الأجيال نحو الاتجاه الصحيح.

مشاركة :