يعمل الزواج على تحقيق مجموعة من الحاجات مثل: تكوين الأسرة وإنجاب الأبناء، وتحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي، وغيرها من العوامل التي تجعل الزواج مطلبًا أساسًا وضرورة اجتماعية تتفق مع المنطق والفطرة السليمة. ويصنف علماء النفس، الزواج كأحد معايير الصحة النفسية لارتباطه بوظائف لا يمكن تحقيقها عبر وسائل أخرى، وبطبيعة الحال فإنه يلزم أن يكون الزواج ناجحًا حتى تتحقق الأهداف المرجوة منه، وتشير الدراسات العلمية إلى أن الطريق إلى تحقيق علاقات زوجية ناجحة يبدأ ببوابة الاختيار الزواجي التي تسهم في تحديد وقبول شريك الحياة بما يتفق مع خصائص وسمات الطرف الآخر، وتعمل على تقليل فرص الارتباط دون وجود الحد الأدنى من التوافق، وتجنب السمات المتضادة في الشخصية مثل: العلم والجهل، الصدق والكذب، الذكاء والغباء، أو سمات متنافرة، كالعصبية أو النرجسية، أو غيرها من السمات التي تقود إلى مشكلات انفعالية متزايدة بين الزوجين وتنتهي غالبًا بانهيار الحياة الزوجية. وحتى تكون عملية الاختيار الزواجي ناجحة يلزم الحرص على وجود قدر من التقارب مع الطرف الآخر في متغيرات مهمة كمستوى الالتزام الديني والمستوى التعليمي والثقافي وقدر متقارب من الرؤى والتصورات والاهتمامات المشتركة وعدم تعارض العادات والتقاليد. وتوصي الدراسات النفسية ألا يزيد الفارق العمري بين الطرفين عن عشر سنوات لصالح الرجل بما يمكن من إيجاد بيئة مناسبة لتحقيق المطالب النمائية، بعيدًا عن صراعات الأجيال واختلاف احتياجات النمو الإنساني. وتعمل العوامل الثقافية على توفير فرص متعددة للاختيار الزواجي، وجعل الأفراد مؤهلين لممارسة أدوارهم في عملية الاختيار، في زيادة الوعي، وانتشار العلم والمعرفة، والتنوع الثقافي والحضاري، واختلاف العادات والتقاليد في المجتمع الواحد وتطور وسائل الكشف عنها. وللأسرة أدوار فاعلة في دعم عملية الاختيار الزواجي السليم من خلال التنشئة على حرية الرأي وتقبل الرأي الآخر، وتقديم الاستشارات والخبرات التي تساعد في عملية الاختيار، وكذلك إتاحة الفرصة لجميع أعضاء الأسرة الراغبين في الزواج للبحث عما يناسبهم دون ممارسة أي ضغوط. كما أن للمجتمع مهام رئيسة وجوهرية في تيسير عملية الاختيار الزواجي وإيجاد البيئة المناسبة لتحقيقها من خلال سن القوانين التي تضمن حصول الأفراد على قسط وافر من المعلومات حول موضوع الاختيار الزواجي، مثل: اعتبار الحصول على دورات تثقيفية حول موضوع الاختيار الزواجي شرطا لإتمام إجراءات عقد الزواج. وينبغي على الفرد المقبل على الزواج معرفة جميع التفاصيل المهمة عن الطرف الآخر، كسمات الشخصية، وطبيعة العمل، ومصادر الدخل، ومستوى الطموح، والتاريخ الصحي والاجتماعي. كما يلزم استقاء معلومات الزواج من مصادر موثوقة وعدم الاكتفاء بمصدر وحيد للمعلومة، والاستفادة من الخبرات والاستشارات والابتعاد عن المجاملات والتأثيرات الخارجية، وتحديد الاحتياجات الحقيقية من الزواج. وقفة، الزواج احتياجات حقيقية وليس مواصفات خيالية.
مشاركة :