«لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد، أيًّا كان من كان لن ينجو، سواء وزير أو أمير، أي أحد تتوفر عليه الأدلة الكافية سوف يحاسب»، هذا ما قاله «محمد بن سلمان». ورغم التساؤل الذي دار حول مدى جدية «الأمير» في تحويل مضامين هذه الكلمة إلى إجراءات عمل حقيقية، انطلاقًا من التجربة العربية في أداء السياسي، الذي يعشق إطلاق الشعارات الرنانة التي تدغدغ المشاعر ثم تتلاشى. أثبتت الفترة القليلة الفاصلة بين تصريح «الأمير»، وتطبيق مضامينه من خلال أوامر ملكية، بتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد، برئاسة ولي العهد، أطاحت برؤوس الفساد، واستعادت منهم مبالغ ضخمة من المليارات. تلاشت مع تلك الإجراءات الصارمة جدًا، مفاهيم ثقافية تأصلت في وعي المجتمع أن هناك دائمًا من هم خارج دائرة -كائنًا من كان- أصبحت الثقافة الجديدة لا أحد فوق الأنظمة، ولا حصانة لفاسد، ولا هيبة فوق هيبة أجهزة الدولة. لا شك أن محاربة الفساد، مهمة ليست باليسيرة، لاسيما وقد استمرأ الفساد والفاسدون، خرق الأنظمة، وضعف الرقابة، وتراخي المحاسبة لزمن ليس بالقصير. لكن ولي العهد «الرجل القوي الأمين» أدرك بعمق أن الفساد والإنجاز، لا يستقيمان معًا، وأن النزاهة قيمة عليا لا تنازل عنها، لذلك بدأ العمل بتنظيف السلم الوظيفي من الأعلى ابتداءً. أما اليوم فقد حانت ساعة المضي قدمًا في تنظيف الأجهزة والدوائر الحكومية من رؤوس الفساد المتوسطة والصغيرة، بعد أن قطعت الرؤوس الكبيرة بسيف العدل والنزاهة، حيث يقول الرئيس الجديد لهيئة نزاهة مازن الكهموس: «إن ولي العهد وجَّه بتغيير منظومة العمل، والقضاء على الإجراءات البيروقراطية السابقة بين المباحث الإدارية، والنيابة العامة، وهيئة مكافحة الفساد». كما نقل تحذير ولي العهد شديد الّلهجة قائلًا: «حيث وجهني بأن المرحلة المقبلة ستكون لاستئصال الفساد وسط الموظفين الحكوميين المتوسطين والصغار». كما أن «ولي العهد» سيجتمع مع رئيس نزاهة بشكل شهري للاطلاع والمتابعة والتوجيه. إن «ولي العهد» إذا قال فعل، فهو رجل الأفعال الشجاعة، وصاحب الإنجازات الجادة، لهذا فإن عملية اقتلاع الفساد من جذوره، مسألة وقت فقط.
مشاركة :