قل لي ماذا تلبس؟

  • 8/8/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في تقرير على قناة abc الأمريكية قام متجر «PayLess» وهو من العلامات التجارية الأمريكية الرخيصة لبيع الأحذية، بعمل افتتاح مزيف لمتجر فاخر في لوس أنجلوس، وذلك بتغيير مظهر المحل وديكوره واسمه، ومضاعفة سعر الأحذية 18 مرة عن سعرها الأصلي، أي بعائد ربح 1800 في المئة، في تجربة اجتماعية لاختبار ثقافة المستهلك، والمدهش هي ردة فعل الزبائن الذين دفعوا السعر بسعادة وتفاخر بجودة المنتج، وكان رأيهم أنها أنيقة وراقية. كانت هذه التجربة الاجتماعية التي سمتها القناة بـ«الاستفزازية» دليلا على انصياع السواد الأعظم من المجتمع نحو المظهر، متذرعين بجودة المنتج، ففي التقرير نفسه، تم توجيه سؤال «لماذا تشدك المظاهر والبراندات العالمية باهظة السعر؟» للزبائن، وكانت معظم الردود «نريد سماع كلمة يا لها من رائعة من أين أتيت بهذا؟» ونشاهد في مجالسنا ومجتمعاتنا وحتى مجموعات الدردشة على وسائل التواصل، شخصيات تؤيد هذا الانسياق نحو المظهر، بذريعة الجودة، بينما السبب الحقيقي هو التظاهر بالرقي المزيف، أو التميز من خلال ارتداء أو استخدام منتجات ذات علامات تجارية عالمية وباهظة الثمن، بدليل حرص هذه الشخصيات على ظهور شعار هذه العلامة التجارية، بغض النظر عن الرغبة الحقيقية في اقتناء منتج ذي جودة عالية. لست ضد التميز في المظهر والاعتناء بتفاصيله، إذ إنه يعطي انطباعا كبيرا عن شخصية الفرد واهتمامه بذاته، ويعكس صورة إيجابية عن الشخصية، ولكني ضد الانسياق الأعمى إلى درجة ضرورة شراء كل جديد تقوم بإنزاله هذه العلامة التجارية، والتظاهر بالرقي بسبب ما يتم ارتداؤه، واستنقاص كل من لا يرتدي أو يستخدم هذا النوع من المنتجات. أنا مع أن نقتني من هذه المنتجات ما نحتاجه فعلا، وما نثق بجودته، فلا يمكن استخدام منتجات مزيفة مثلا من العطور أو المكياج لضررها الصحي وانخفاض جودتها، أما بعض المنتجات كالحقائب مثلا، لا أرى هناك عيبا في اقتناء علامة تجارية مزيفة، فلا ضرر منها على الصحة ولا على مظهر الفرد ومكانته الاجتماعية. كثيرون هم الأشخاص الذين يتشدقون في بعض المجالس والمجتمعات بارتداء واستخدام أرقى وأغلى الماركات، بينما في حياتهم العادية والعائلية لا يمانعون اقتناء منتجات أسواق الجملة والبضائع المخفضة، ما يعكس ثقافة استهلاكية سلبية رائجة بشدة، وهي الاعتناء بالنظرة الاجتماعية أكثر من الاحتياج والقناعة الشخصية، مع وجود خلل في الثقة باختيارات الإنسان وقناعاته، فلا يجرؤ بعضهم بالقول «أنا لا أرتدي هذه البراندات بل أرتدي البضائع المخفضة» خوفا من انقضاض المجتمع عليه واتهامه بالتخلف أو البخل أو الفقر. لا بد أن نعيد النظر في ثقافتنا الاستهلاكية، لنجيد اقتناء ما نحتاج إليه بذكاء وقناعة، وأن نكون على ثقة من صحة اختياراتنا وما يناسبنا، بغض النظر عن آراء الآخرين وعن الثقافات السائدة.

مشاركة :