تداول الناس مؤخرا مقطع فيديو لفتاة سعودية مشردة في إحدى الدول الغربية، ولربما أن هناك صورا أخرى مشابهة لمشردين تم خداعهم وإيهامهم بأنهم محكومون بالحديد والنار كما هم يزعمون، وأن الأبواب في الغرب مشرعةٌ لهم، وسيجدون كل العون والمساندة المالية والمعنوية، بل سيوظَّفون ويسكنون بالمجان ويحصلون على منح دراسية، فيصدقون ويذهبون ضحية للخونة وزوار السفارات والبارات. ولا غرابة في وجود من يسهل لهم الهروب ويصور لهم أن الحياة الحقيقية هناك، وليس عليهم إلا أن يدّعون كذبا وزورا وبهتانا للسفارات الأجنبية بأنهم مضطهدون أو ملحدون ويبحثون عن الحُريات، هذه الأمور لم تأت عبثا وليست بسبب التعنيف، بل لربما بسبب الرغبة في خوض تجربة جديدة أو المغامرة والبحث عن الأضواء. آلمني وضع «فتاة القمامة» وهي مشردة تنام على الأرصفة وتأكل بقايا الطعام، إذ تخلى عنها الداعمون وأنهوا صلاحية وجودها بعد استنزافها على وسائل الإعلام الغربية، لتأدية دور الإنسانة البريئة والباحثة عن الحرية بمفاهيمها الغربية. وكل ذلك بسبب خلق بعض المشاكل والأزمات للدول، لفرض ما يسمونه بحقوق النساء المضطهدات، أو حقوق الإنسان، كما يزعمون، ومن ثم يصدقهم الرعاع والجهلة، فيقعوا ضحية سهلة لهم، وتبقى العلاقات الدولية تحكمها السياسة والاقتصاد والمصالح، ولن تتأثر بفقاعات الصابون المزحلقة تحت ذريعة حقوق الإنسان. من المؤكد اليوم أن «فتاة القمامة» تعض أصابع الندم وتأكلها الحسرات، وقد يمنعها مانعٌ من الاعتراف أو الرجوع لدولتها، بسبب الخوف من القادم المجهول، ولكن في داخلها تتمنى العودة ولو لم تفصح، فعيناها تقول «بس على الأقل ألمس تراب الوطن وأرتمي في أحضانه أو أموت فيه ولا أقضي بقية حياتي في التشرد والضياع» يحدوني أمل كبير في دولتنا وقيادتنا الرشيدة، صاحبة القلب الكبير، وهي من احتضنت أبناءها رغم عقوقهم ورغم ما ارتكبوه من أخطاء كبيرة في حق الدين والمليك والوطن، فلنا رجاء كبير، على الأقل النساء منهم، فمهما حصل فإنهن ضعيفات الحيلة، وبحاجة إلى مد يد العون لهن وقد مررن بتجربة قاسية، وحتما يعرفن الآن الفرق بين تلك البلدان الكاذبة التي تتخذ الإنسان مطية لأهداف وقحة، وبين هذه الدولة التي تُثبت لنا الأيام والتجارب صِدقها مع المواطنين وحبها لهم والدفاع عنهم. من خلال العيون المحبة للوطن وأبنائه، فإننا نأمل بأن يُصدَر عفو ملكي عنها وعن جميع من يرغب في العودة إلى أرض الوطن، معترفا بخطيئته، متأسفا عما بدر منه تجاه دينه ومليكه ووطنه، فنحن -ولله الحمد والمنة- في أرضٍ عزيزة، ملكُها عظيمٌ وشعبُها أبي.
مشاركة :