مقومات المشروع الحضاري العربي

  • 5/18/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أصبح من الضروري أن يكون للأمة العربية مشروعٌ حضاريٌ ترتكز عليه، فهذا المشروع هو الذي يستطيع تقديم صورة حقيقية لتاريخ وحاضر أمتنا العربية، ويقدم قيمة حضارية تستطيع أن تتصدى لكل الهجمات المؤثرة، التي تؤثر بشكل أو بآخر على ثقافة وحضارة هذا المشروع. ليس من السهولة بمكان أن تبني أمة مشروعًا حضاريًا يُعنى بفكرها وتاريخها وثقافتها دون أن يكون لها مقومات ترتكز عليها، والمشروع الحضاري الغربي لم يكن له أن يكون كذلك لولا ارتكازه على مقومات تاريخية وأسس ومقومات حضارية، ساعدته على بناء مشروعه والنهوض به. ومن هنا يأتي المشروع الحضاري العربي هزيلًا بالمقارنة مع ذلك المشروع الغربي، الذي ارتكز على كثير من أسس الحياة وتصدى لكثير من التحديات التي طالته من أمم أخرى. إن مشروع الأمة العربية يمر بأزمة طويلة منذ عصور خلت، وهذا – إن صح التعبير – راجع إلى انعدام أسس ومنظومة هذا المشروع، وتساهل الأمة في بناء ذلك، نتيجة للتناحر بين الدول العربية، والذي لا يكاد يخلو عصر منه، أضف إلى ذلك تلك القيود التي تم وضعها من السلطة المباشرة وهي بمثابة السياج الذي يحجب بناء أي مشروع حضاري أو ثقافي أو حتى إنساني. لايزال مشروع الأمة العربية في مأزق وسيظل كذلك، ولا يمكن أن تنهض أية أمة من الأمم وتحقق مشروعًا حضاريًا، إلا بأسس العدالة والمساواة للإنسان العربي، ولا يمكن أن ترتقي إلا بتنفيذ كامل حقوقه، وبذلك تستطيع أن تقدم قيمة إنسانية، وهذا لن يتأتى إلا بعمل جاد بعيدًا عن الشعارات التي تطلقها كل دولة، ولا يرجى منها سوى تخدير الشعوب. ذلك أن العقلية العربية الآن على دراية تامة بما يدور في الساحة السياسية والاجتماعية، وتعرف جيدًا أن هذا المشروع الحضاري العربي لن يقام إلا بترسيخ مفاهيم الفكر والثقافة والتاريخ، بعيدًا عن التحولات الأيديولوجية والاستبدادية التي لا تؤسس لحياة حقيقية للإنسان العربي، والذي بدوره يريد أن يحيا حياة مبنية على الحرية والعدالة، تتجلى فيها قيمته الإنسانية كفرد يحق له أن يمارس حياته كيفما يشاء بحدود الدين والمنطق.

مشاركة :