بين حرية التفكير وحرية إبداء الرأي

  • 7/1/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أعتقد أنَّ هناك خلطا بين حرية التفكير وحرية إبداء الرأي، التفكير له تعاريف كثيرة، أكثرها صوابا -كما أرى- هو استخدام المعلومات لكشف المجهولات، فيما الرأي هو طرح ما يفهمه الإنسان أو ما يعتقده حول علمٍ أو فنٍ ما، التفكير هو أمر عقلائي ممدوح، يحث عليه العقل ويدعو له الأغلب من أصحاب العقول المتنورة. لكن إبداء الرأي لاسيما في الأمور التخصصية يحتاج -كما أعتقد- لبحث ودراسة وإلمام بهذا العلم، ودون ذلك فسيكون هذا الرأي خاليا من أي قيمة علمية، وربما يكون بثا للمغالطات والإشاعات والأفكار التخريبية، بذلك فإنني أرى أنَّ الدعوة إلى استخدام أسلوب الاستفهام أكثر منطقية في هذا السياق. هناك جدل كثيرا ما يتداول حول الحرية وما تقتضيه من حق التفكير، المغالطة التي أجدها في هذا الطرح هي الحديث عن حرية التفكير كمرادف لحرية إبداء الرأي، فيما المعنيان مختلفان تماما، نعم فكر كما تشاء، وابحث كما تحب، واسأل عما استشكل عليك، ولكن حينما تريد أن تبدي رأيا في علم تخصصي فاعلم أنَّ العقل الذي تظن أنك تستهدي به هو أول من يصرخ فيك قائلا: إنَّ الآراء تختلف بمقدار العلم، وحينما لا تكون مطلعا على ما تريد الحديث حوله، فسيكون طرحك غير علمي وقد يتسبب بكوارث ونتائج خطيرة. هكذا يمكن لوباء كورونا أن يكون مثالا جيدا، فالقراءة والبحث حول هذا المرض هو أمرٌ حسن، أما إبداء الرأي بوصف علاجٍ أو وصفات إرشادية من غير علم، فإنه سيجعل هذا المتكلم جانيا حقيقيا على المجتمع، لأنه من حيث يعلم أو لا يعلم قد يكون سببا في اتباع الناس لإرشادات غير صحيحة تقود للمخاطر الصحية. أعتقد أنَّ ترويج حرية الرأي لكل إنسان من دون تحقق ودراسة، هو ترويج له نتائج خطيرة، قد تقود المجتمع إلى المهالك، هكذا سيتحدث كل من هب ودب في الطب والهندسة والدين، وسيتسببون بقصد أو بدون قصد في بث معلومات غير صحيحة ومغالطات وإشاعات كاذبة، وكل ذلك يؤثر على الأمن والسلم الاجتماعي، لأن من الناس من يعول على حديث أي متحدث، لاسيما إن تحلى بجمال الأسلوب وكاريزما الخطيب، لذا ينبغي على الجميع أن يعلموا خطورة إبداء الرأي وإقحام النفس في علوم ومجالات علمية من غير دراسة واطلاع.

مشاركة :