تتنقل هنا وهناك للبحث عن لقمة العيش في حر الصيف وبرد الشتاء.. أم عبدالله ناصر، التي اتخذت من «سَفِّ» وصناعة الخوص مهنة لها منذ أربعين عاما. حيث تقول أنها أبصرت الدنيا وهي ترى والدتها رحمها الله وجيرانها وأقرانها يمارسن هذه المهنة، كونها تمثل مصدر رزق وخير لهن، وأنها تأثرت كثيرا بوالدتها وشجعتها على العمل، وشقت طريقها في هذه المهنة ولا تزال تمارسها. وعن عملها في هذه المهنة وإدارة شؤون البيت قالت أم عبدالله: منذ سنين طويلة وأنا أقوم بهذه المهنة على أكمل وجه، وكذلك أقوم بشؤون البيت وتشجيع من زوجي، حيث أقوم بالعمل في سف وصناعة الخوص بعد الإنتهاء من أعمال البيت من طبخ وغسيل ونظافة، حيث أعمل قرابة الست ساعات يوميا. أما عن تحضير الخوص فأوضحت أم عبدالله أن ذلك ليس بالصعب كون الأحساء مشهورة بالنخيل، وخاصة في القرى وهي قريبة منا، وآباؤنا وأجدادنا عملوا في الزراعة منذ القدم، ونحن توارثنا هذه المهنة فهم يساعدونا على العمل ويحضرون لنا الخوص إلى بيوتنا وبدون مقابل، ثم نتفنن نحن في الخوص فنعمل به الحصير والمرحلة والزنبيل والمحصن والأقفاص والمخرف وغيرها من الأدوات التي نصنعها داخل البيت، وقليلا ما أذهب للأسواق، حيث زبوني يعرفني جيدا وأهل البلد يقومون بتوصيتي لعمل ما يحتاجون. وأضافت: العمل في سف وصناعة الخوص فن ودِقَّة وجمال وليس الكل يجيد العمل «لو كل من جاء ونجر ماظل بالوادي شجر»، فتحتاج العملية إلى خبرة وتمرس وصبر، لأن الصناعة متعبة خاصة وأن العمل يتطلب الجلوس لفترة طويلة. فالخوص يمر بمرحلة التحشيم والتنظيف والتمييل والتلوين أحيانا، وكل هذه الأدوار متعبة وشاقَّة وأحيانا نقوم بعمل رسومات وزخرفة شكلية في الغرض المطلوب عمله. وأشارت أم عبدالله إلى أنها شاركت في الكثير من المهرجانات السياحية والثقافية داخل محافظة الأحساء، ونالت الكثير من الجوائز والهدايا. وعن أسعار المواد التي تقوم بعملها وصناعتها قالت: لكل غرض قيمته وثمنه، والحمدلله مانحصل عليه فيه الخير والبركة. ففي المهرجانات السياحية والثقافية عادةَ ما يأتي زُوَّار من دول الخليج العربي القريبة والمجاورة مثل البحرين وقطر والكويت ويقبلون على الشراء لهذه الأشياء التراثية والأثرية، ويبدون إعجابهم بالعمل ويأخذون ماطاب لهم ويتساءلون عن طريقة صنعه. وعن تمسكها بهذا العمل منذ زمن بعيد في ظل التقدم والتطور الذي تشهده المملكة في كافة المجالات، قالت: لا يمكن أن ننسى تراث آبائنا وأجدادنا وحياتنا الأولى، وكذلك غرس روح العمل في نفوس أبناء الجيل الحالي وربطهم بالماضي وتذكيرهم بحياة الآباء والأجداد. وشكرت هيئة السياحة والآثار على تشجيعهن ومؤازرتهن، وطالبت بحصر البارزات والمتفوقات في مجال التراث والآثار ودعمهن، وتحقيق ما يكفل لهن الإستمرارية في هذا العمل للحفاظ على تراث المجتمع. المزيد من الصور :
مشاركة :