جددت مصر تهديدها برد وفق سيناريوهات مختلفة على أي ضرر يلحق بها من جراء سد النهضة، مع فشل الجولة السابعة من المفاوضات الثلاثية بينها وبين إثيوبيا والسودان والتي عقدت في كينشاسا. بدا واضحاً أن الجولة السابعة منذ 2011 من المفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي وصلت إلى حائط مسدود، أمس، بعد الفشل البادي في جولة التفاوض التي استضافتها العاصمة الكونغولية كينشاسا على مدار الأيام الثلاثة الماضية، فلا اتفاق توصلت إليه دول الأزمة، ولا توافق على صياغة بيان ختامي مشترك يحفظ ماء الوجه لمستضيف المفاوضات، بينما سادت لغة الاتهامات المتبادلة بين مصر والسودان وإثيوبيا، بما يؤشر إلى أن أيام أكثر سخونة في انتظار منطقة شرق إفريقيا. الرئيس الكونغولي فليكس تشيسيكيد تدخل شخصياً بعد يومين من المفاوضات الفاشلة، وحاول منذ مساء أمس الأول، إنجاح المفاوضات وجَسر الهوة بين الوفدين المصري والسوداني من جهة، والوفد الإثيوبي من جهة، فتم تمديد المفاوضات يوماً إضافياً على أمل أن تنجح الوساطة في الوصول إلى صياغة بيان ختامي مشترك، لكن هذه المحاولة انتهت، عصر أمس، بالفشل الذريع، وأصدرت كل دولة بيان منفصل تلقي باللائمة على الطرف الآخر. البيان المصري مصر وعلى لسان المتحدث باسم خارجيتها أحمد حافظ، اعترفت بفشل مفاوضات كينشاسا، وقالت في بيان تميز بلهجته الغاضبة، إن الجولة التفاوضية "لم تحقق ولم تفض إلى اتفاق حول إعادة إطلاق المفاوضات، إذ رفضت إثيوبيا المقترح الذي قدمه السودان وأيدته مصر بتشكيل رباعية دولية تقودها جمهورية الكونغو الديمقراطية التي ترأس الاتحاد الإفريقي، للتوسط بين الدول الثلاث، ورفضت إثيوبيا كذلك خلال الاجتماع كل المقترحات والبدائل الأخرى التي طرحتها مصر وأيدها السودان لتطوير العملية التفاوضية". وكشف المتحدث باسم الخارجية المصرية بعض ما دار في الجلسات المغلقة بحديثه عن رفض الوفد الإثيوبي لمقترح مصري، ودعمه الوفد السوداني بهدف استئناف المفاوضات بقيادة الرئيس الكونغولي وبمشاركة المراقبين وفق الآلية التفاوضية القائمة، في خطوة تثبت "المرونة والمسؤولية التي تحلت بها كل من مصر والسودان... إلا أن إثيوبيا رفضت هذا الطرح ما أدى إلى فشل الاجتماع في التوصل لتوافق حول إعادة إطلاق المفاوضات". واتهمت القاهرة النظام الإثيوبي بغياب الإرادة السياسية لديه للتفاوض بحسن نية، وسعي أديس أبابا للمماطلة والتسويف والاكتفاء بآلية تفاوضية شكلية وغير مجدية، "وهو نهج مؤسف يعيه المفاوض المصري جيداً ولا ينطلي عليه"، خصوصاً أن الجانب الإثيوبي تعنت ورفض العودة للمفاوضات، وهو موقف معيق وسيؤدي إلى تعقيد أزمة سد النهضة وزيادة الاحتقان في المنطقة". الخرطوم اللغة المصرية الغاضبة من التعنت الإثيوبي، تناغمت مع اللهجة السودانية التي بدورها اتفقت في الخطوط العريضة مع الموقف المصري في تحميل الجانب الإثيوبي مسؤولية فشل جولة مفاوضات كينشاسا، إذ صرحت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، بأن التعنت الإثيوبي يهدف لاعتماد سياسة فرض الأمر الواقع. وسبق وأن تحدثت مريم الصادق، بلهجة صريحة في التعبير عن الشواغل السودانية، إذ أكدت في كلمتها خلال الاجتماعات، أمس الأول، أن إثيوبيا تمضي للملء الثاني من جانب واحد "على الرغم من تحذيرات السودان الواضحة من الأضرار الخطيرة، وأن ذلك يتم بسبب مواقف شعبوية لتحقيق مكاسب سياسية قصيرة المدى"، مجددة رفض الخرطوم لأي ملء أحادي الجانب "لأن الصراع على الموارد هو المستقبل غير المرغوب فيه لإفريقيا". الطويل بدورها، قالت مديرة البرنامج الإفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتورة أمني الطويل، لـ "الجريدة" إن نتيجة هذه الجولة من المفاوضات كانت متوقعة بسبب استمرار التصريحات الإثيوبية الاستفزازية التي كشفت عن نية مبيتة لفرض سياسة الأمر الواقع، وتابعت: "بعد التصريحات المصرية بحلول تعاونية أصبحنا نسمع عن تلميحات لحلول صراعية ليست في مصلحة أحد"، لافتة إلى أن هناك مسؤولية على الدول العربية الخليجية المستثمرة في إثيوبيا كورقة ضغط، وأنه يجب أن يكون هناك تنسيق عربي إفريقي لدعم الشكوى المتوقعة لمصر والسودان أمام مجلس الأمن الدولي. شكري من ناحيته، قال وزير الخارجية المصري، سامح شكري إن "بلاده لن تقبل أي ضرر مائي يقع على مصر أو السودان فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي". وأضاف في تصريحات لـ"العربية"، ان "لدى بلاده سيناريوهات مختلفة لحماية أمنها المائي". وشدد شكري على أن مصر لم تلمس إرادة سياسية جدية لدى إثيوبيا لحل عقدة سد النهضة المتواصل منذ سنوات، لافتا إلى أن الإطار السابق للتفاوض أثبت عقمه رغم محاولة مصر تقديم إطار جديد. وقال وزير الخارجية المصري، إن الجانب الإثيوبي حاول التنصل من أي التزام بشأن سد النهضة، مضيفا أنه رغم المرونة لدى مصر والسودان فإن إثيوبيا أجهضت الجهود. قناة السويس إلى ذلك، قال رئيس هيئة قناة السويس المصرية أسامة ربيع أمس، إن الهيئة تبحث توسعة الجزء الجنوبي من الممر المائي الذي علقت به سفينة الحاويات "إيفر غيفن". وأضاف ربيع في مقابلة مع "رويترز" أن الهيئة تبحث أيضاً شراء رافعات يمكنها تفريغ شحنات على ارتفاعات تصل إلى 250 متراً. وقالت الهيئة إنها ستواصل السماح بمرور السفن بحجم السفينة إيفر غيفن وإنها تعزز قدرتها على التعامل مع المشكلات في المستقبل.
مشاركة :